ومن هذا المنطلق يرى عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى السعودي الدكتور زهير الحارثي أن التحالف السعودي المصري في الوقت الحالي ليس ترفا بل ضرورة ملحة، لكون التقارب بين البلدين يشكل رافعة لحماية القضايا العربية والدفاع عنها.
ويعول الحارثي على الزيارة الملكية المرتقبة لمصر، في مواجهة المشاريع التي تواجه المنطقة العربية، وما يمكن أن تسفر عنه في ملء الفراغ الذي تمكن المشروع الإيراني منه خلال السنوات الماضية، نظير غياب المشروع العربي في وقت من الأوقات.
وقال «العرب افتقدوا فترة من الزمن لمشروع يمنع الآخرين من المتاجرة بقضاياهم كما فعلت إيران في القضية الفلسطينية على سبيل المثال، لذلك فالتقارب بين قطبي العالم العربي الآن هو أمر ضروري حتما».
3 أبعاد مهمة، ستنطلق منها القمة السعودية المصرية المرتقبة، حددها عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى بـ»السياسي والعسكري والاقتصادي»، مشيرا إلى أن البعد الأول يتصل بتعزيز الأمن القومي العربي والذي سيشكل تقارب الرياض والقاهرة طوقا حاميا له، فيما لفت إلى أن البعد الثاني يتعلق بتعزيز التعاون العسكري بين البلدين، وخاصة في مكافحة الإرهاب داخل إطار التحالف الإسلامي، بينما شدد على أهمية البعد الثالث لمصر اقتصاديا وتنمويا، حيث إن استقرارها من الناحية الاستراتيجية أمر بالغ الأهمية بالنسبة للسعودية.
ولا يستبعد زهير الحارثي أن يكون للقضية الفلسطينية حضور بارز على أجندة لقاء الملك سلمان والرئيس السيسي، ويقول في هذا الملف «تاريخيا كان لمصر دور لافت فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وملف مصالحة حركتي فتح وحماس، ونعلم أن السعودية كانت تدفع باتجاه تلك الجهود وكان هناك تنسيق بين البلدين في إدارة هذا الملف».
ويرى عضو الشورى أن الوقت قد يكون مناسبا في زيارة الملك سلمان إلى القاهرة، لإعادة تحريك ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وخصوصا أن الخلاف الحاصل ساهم في إضعاف القضية في المحافل الدولية، مشيرا إلى أن مصر بدعم سعودي ربما تنجح في هذا الملف، وخاصة بعد التفاهمات الأخيرة بين حماس مع القاهرة.
ويبرز ملف الأزمة السورية، كمثال أثبتت من خلاله السعودية ومصر، أن تباين وجهات النظر حول أمر ما، لا يلغي استراتيجية العلاقة بين البلدين أو يفضي إلى القطيعة.
وفي هذا الجانب أشار زهير الحارثي إلى نجاح الرياض في اعتماد سياسة تعتمد على ترتيب الأوليات والانفتاح السياسي دون قبول وجهات النظر بالضرورة، مشددا على أن العلاقات بين الرياض والقاهرة مهما اعتراها من فتور وجفاء في بعض مراحلها، إلا أنها تبقى عميقة بجذورها التاريخية وبعدها السياسي وعلاقات الأخوة والمكانة الروحية للسعودية لدى المصريين، مما جعل من البلدين رأس حربة العمل العربي المشترك.
ومن النقطة ذاتها، وجد الكاتب الصحفي في صحيفة الأهرام المصرية بشير عبدالفتاح أنه من الطبيعي ألا يكون هناك تطابق تام في بعض قضايا المنطقة بين دولتين حتى وإن كانتا ترتبطان ببعضهما البعض بعلاقات استراتيجية».
وقال في اتصال أجرته معه «مكة»، «لا يعني وجود علاقات استراتيجية أو صداقة متينة ما بين دولتين شقيقتين أو جارتين، أن يكون هناك تطابق تام ومتواصل في وجهات النظر، أقرب الدول إلى بعضها البعض في العلاقات الاستراتيجية أحيانا يظهر فيما بينها خلاف أو تباين في المواقف حيال بعض القضايا، ولكنه يكون خلافا تكتيكيا وليس استراتيجيا يتصل بطريقة التعامل مع الأزمة وليس في مبدأ التعاطي معها، بمعنى أن المبدأ ثابت والأدوات هي المتغيرة».
وعلى الرغم من حجم التحديات والأزمات التي واجهت العلاقات السعودية المصرية خلال الـ5 سنوات المنقضية، إلا أن عبدالفتاح يرى أن صلابة الأسس التي ترتكز عليها العلاقات الموصوفة بالاستراتيجية والتاريخية بمقدورها أن تتجاوز كل التحديات المرحلية، فيما لم يستبعد أن يكون للرياض دور في إزالة الخلاف بين مصر وتركيا، والذي قال إن تقاربهما لا يعدو كونه مسألة وقت ليس إلا.
وأكد الكاتب الصحفي المصري أن أكثر الملفات توقعا في المناقشة، هو التهديد الخاص بما ينتظر المنطقة من عملية فك وتركيب وإعادة تشكيل في إطار ما يسمى بـ»سايكس بيكو2»، وذلك بعد مرور 100 عام من سايكس بيكو الأول، لافتا إلى أن كل تلك التحديات والتهديدات ستجعل من إعادة ترتيب الأوراق وتجاوز بعض ما يعترض العلاقة أمرا حتميا، موضحا أن المهمة في هذا الاتجاه ليست شاقة.
وبحسب توقعات عبدالفتاح فإن قيادة الدور الإقليمي ستكون حاضرة كملف تنسيقي بين الرياض والقاهرة، لاعتبارات تتعلق بانحسار الدور المصري بحكم الاعتبارات الداخلية، وتصاعد الدور السعودي بحكم الاستقرار والمتغير الاقتصادي والعسكري، والذي أنعش من الدور الإقليمي المتصاعد للرياض، متوقعا أن يأخذ الدور الإقليمي للبلدين منحنى تكامليا.
ولن تكون القمة السعودية المصرية بمنأى عن الجانب الاقتصادي، إذ يشير عبدالفتاح في هذا السياق إلى أهمية الدعم السعودي لمصر من الناحية الاقتصادية، وخصوصا في ظل مواجهتها لمشكلة في العملة الصعبة، فضلا عن تعزيز الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بين الجانبين، متوقعا أن تكون الانتعاشة الأولى في الزيارة على المستوى الاقتصادي، فضلا عن توقعه حدوث تقارب بين البلدين في الملف السوري وتعزيز التطابق الموجود أصلا في الموضوع اليمني.
وتوقع الكاتب الصحفي المصري أن تخرج زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى مصر بنتائج إيجابية للغاية، فيما لم يستبعد أن يبحث الجانبان تعزيز التعاون الدفاعي في إطار التحالف الإسلامي وإيجاد صيغة مشتركة بينهما وبين القوة العربية المشتركة.
يتفق كثير من المراقبين على أن القمة السعودية المصرية التي ستلتئم خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى القاهرة ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي ستكون حجر الزاوية لمواجهة 3 تحديات رئيسة؛ تتمثل في:
- ترتيب أوراق المنطقة
- درء خطر التقسيم
- مواجهة مشاريع النفوذ