في ذكرى رحيل السيد عباس علوي مالكي

مكيون
مكيون

السبت - 02 أبريل 2016

Sat - 02 Apr 2016

في مثل هذه الأيام من العام الماضي رحل مداح المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم السيد عباس علوي مالكي الحسني، ومنذ وفاته لم يطاوعني قلمي ولا حروفي ولا كلماتي لكي أرثيه ولكن اليوم أقول: إن رحيله آلمني وأوجد فقدا كبيرا في حياة عائلتي فقد فقدنا الفرح والمرح لا سيما وأن مقاييس الرجولة قد اجتمعت في شخصه وخلقه وعلمه. فمن يجالسه -رحمه الله- يلحظ سرعة البديهة ودماثة الخلق والإخلاص في العمل والوفاء لمن سبق من أقرانه وخلانه وشيوخه وأصحابه.

أحاديثه مقبولة ومجالسته عامرة وقوله مسموع وحبه مطبوع وسعيه للتوفيق بين العرسان مهنته ومدح الحبيب حياته. لديه طاقات وشحنات إيمانية عالية، رجل المناسبات الدينية والاجتماعية، وابن الحارات المكية التي ذهبت مبانيها ولكن بقيت معانيها خالدة في فكره وأسلوب حياته من عائلة كلها علم وأدب وفكر.

كما يغيب عن كثير من الناس أنه فقيه مالكي عالم بالسيرة النبوية وبأمكنتها وقراءة مدوناتها ومدح صاحبها عليه الصلاة والسلام، يحفظ المتون ويقيم المناسبات ويفتتح المعاهد الإسلامية ويرتحل للدعوة إلى الله على هدى وبصيرة ووسطية معتدلة في القول والفعل والعمل. فبركة المكان وسر النسب لهما سر عجيب لا يعرفه إلا أهله. ومن أراد التعرف على شخصه وعلمه وفكره فدونه ثلاثة كتب كتبها، أحدها بدم قلبه في (هكذا كانوا)، فهو يعتبر بحق من أوسع من كتب عن رحلات الركب بصوره ومظاهره وطرقه ومنازله ورجاله ومزهديه وفنونه وتواشيحه ونغماته ومقامته، قل أن تجدها في كتاب واحد، إنه بحق كتاب اهتم بالتراث والعادات والتقاليد والصور الاجتماعية في الحجاز. وكتابه الثاني يهتم به طلبة العلم والعلماء والباحثون والمهتمون بعلم الأسانيد العلمية والنفائس، أسماه (عقود الزبرجد والألماس في أسانيد السيد عباس).

أما كتابه الثالث فالحب والعهد والوفاء لوالده تجلى واضحا في كتابه (صفحات مشرقة من حياة الإمام السيد علوي عباس المالكي الحسني) الذي اعتنى وجمع فيه كل ما كتب عن والده عالم الحجاز والحرمين الشريفين.

وكان يهتم السيد عباس بالفقه مما جعله يقرؤه ويتدارسه مع شقيقه المحدث العلامة الدكتور السيد محمد علوي مالكي الحسني في أوقات الضحى بجانب علوم أخرى. أما ولعه بعلم الإنشاد والمقامات والتواشيح والقدود المكية فجعله يتسيد الموقف، فهو مرجعهم وإمامهم ومحط أنظارهم لحفظه وقوة استحضاره للقصائد والمدائح.

فذكراه في الخواطر لا تغيب، والعتب على أمانة العاصمة المقدسة التي لم تبادر إلى ما يخلد ذكراه. رحم الله عمنا وسيدنا العباس وأرانا في نسله من يحملون لواء العلم والفقه والمديح ليكملوا مسيرة العلم والعلماء المكيين.