نحن لسنا محمية للغرب!
الخميس - 31 مارس 2016
Thu - 31 Mar 2016
لا أعرف لماذا يغضب العرب ويفقدون أعصابهم ويصابون بالقهر كلما سمعوا مسؤولا أمريكيا يتحدث بصراحة ويكشف علانية ما يعتور في صدره؟ هذا بالضبط ما فعلته المقابلة الصحفية الأخيرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما مع مجلة أتلانتك!
على الفور انبرى عدد من الكتاب، وبعضهم لم يسمع بهذه المجلة من قبل، منتقدين تصريحات أوباما، معربين عن الغضب حيالها. وبعض هؤلاء الكتاب ذهب إلى حد استخدام العبارات العرقية المسيئة، بينما حاول آخرون تذكيره بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية بين أمريكا وبلادنا، وتباكى بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي متسائلين كيف تتخلى أمريكا عن حلفائها التاريخيين؟
هذا التباكي الذي أحدثته تصريحات أوباما لا مبرر له، وهو دليل على سذاجتنا لأنه لا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون في العلاقات الدولية. وإذا اتجهت بوصلة أوباما إلى اتجاه آخر فهذا شأنه، وبدل أن نبكي على اللبن المسكوب، علينا أن نهيئ أنفسنا إلى كل الاحتمالات وأن نرسم سياساتنا التي تقودنا إلى الاعتماد على أنفسنا إلى أن نصبح دولة لا تحتاج إلى أي أحد في أي شيء.
وقد بدأت أمريكا بالفعل هذه الأيام تعيد حساباتها وتقيم مصالحها بما يضمن لها موطئ قدم في الأماكن ذات النمو الاقتصادي والتي تتمتع بسلام ولو كان نسبيا. وهذا من حقها ولا يمكن أن نلومها على فعلتها إذا هي توجهت نحو دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام، التي حاربتها طويلا، بما يؤكد صدق نظرية أنه لا يوجد أعداء أو أصدقاء دائمون في السياسة.
ومن هذه الدول أيضا، كمبوديا، وتايلاند، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وسنغافورة، وماليزيا، وإندونيسيا وغيرها.
هذا اختيار أمريكا الذي يجب ألا يزعجنا أبدا لكن ما يقلقنا حقا هو تصويرنا في الإعلام الأمريكي والإعلام الدولي بأننا نقايض البترول بأمننا الوطني. إن مثل هذا الادعاء فيه كثير من التجني وهو مسيء لكل الوطنيين الشرفاء فأمننا لا يعتمد على تحالفنا مع الولايات المتحدة، مهما قويت علاقتنا معها، لكنه يعتمد في الأساس على قدرتنا الذاتية ومجتمعنا القوي.
أما في المنطقة فقد بدأت أمريكا تنظر نحو عدوها اللدود وهو إيران. ورغم وجود أعداد كبيرة من المتشددين في إيران الذين لا يزالون ينظرون إلى أمريكا على أنها الشيطان الأكبر إلا أن فيها أيضا من يرحبون بالعودة إلى حضن أمريكا من أجل عيون الدولار! وفي سبيل الوصول إلى الملالي، فإن أمريكا مستعدة لغض الطرف عن كل الفظائع التي ترتكبها إيران والدسائس والمؤامرات التي تحيكها ضد دول المنطقة.
وفي غضون ذلك تبقى إسرائيل هي المحظية الأبدية لأمريكا التي يتسابق مرشحو الرئاسة لكسب ودها ورضاها لتأمين أصوات اليهود التي تمكنهم من دخول البيت الأبيض. ورغم كل فظائعها التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ظلت إسرائيل أيقونة مرشحي الرئاسة الأمريكية الذين يتغنون بديمقراطيتها وسلامها الذي يهدده جيرانها العرب.
وفي غمرة ثنائهم على إسرائيل، لم يتجاهل مرشحو الرئاسة الذين ينتظرون دخول البيت الأبيض في 20 يناير 2017 ولا الإدارة الأمريكية نفسها الحط من قدر الدول الخليجية التي لم تر أمريكا منها سوى الخير والوفاء.
وبدلا من إعادة رسم سياستنا والاستعداد لمرحلة ما بعد صداقة أمريكا وما بعد انهيار أسعار البترول ونضوبه، فنحن نغرق أنفسنا في الكلمات المعبرة عن الحزن والألم والخذلان على تجاهل أمريكا لنا وهي تعيد هيكلة سياستها الخارجية المراعية لمصالحها أولا وأخيرا.
ودبجت الكثير من المقالات عن تصريحات أوباما لمجلة أتلانتك وكأن هذا الرجل المتردد هو سلطان زمانه متناسين أنه لم يعد يتصدر عناوين الصحف والأخبار حتى في بلاده فقد احتل مكانه مرشحو الرئاسة الذين يخلفونه بعد شهور عدة ومنهم دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون.
وهناك جيل جديد من السياسيين في أمريكا ينظرون إلى التاريخ على أنه فترة وانقضت منذ زمن طويل وصارت ذكرى الرؤساء العظام مثل روزفلت وغيرهم تنمحي رويدا رويدا من الذاكرة. وبالنسبة لهذا الجيل من السياسيين فإن المصالح المستقبلية لأمريكا تجيء أولا وهي الحاضر، والمستقبل، والتاريخ. وبالنسبة لهذا الجيل الجديد فنحن لا نمثل غير نقطة صغيرة في شاشة رادارهم.
ماذا نحن فاعلون في هذه الحالة؟
علينا أولا أن ندرك تماما أننا لسنا محمية لأمريكا أو للغرب عموما. وثانيا علينا دعم اقتصادنا وتعزيز لحمتنا الاجتماعية، وأن نستفيد من طاقات شبابنا وأن نكون أمة يحسب العالم لها كل حساب. إن الوقت قد حان لوضع الاستراتيجيات التي تمكننا من مواجهة التحول في النظام العالمي الجديد واللحاق بقطار العالم السريع.
على الفور انبرى عدد من الكتاب، وبعضهم لم يسمع بهذه المجلة من قبل، منتقدين تصريحات أوباما، معربين عن الغضب حيالها. وبعض هؤلاء الكتاب ذهب إلى حد استخدام العبارات العرقية المسيئة، بينما حاول آخرون تذكيره بالعلاقات التاريخية والاستراتيجية بين أمريكا وبلادنا، وتباكى بعض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي متسائلين كيف تتخلى أمريكا عن حلفائها التاريخيين؟
هذا التباكي الذي أحدثته تصريحات أوباما لا مبرر له، وهو دليل على سذاجتنا لأنه لا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون في العلاقات الدولية. وإذا اتجهت بوصلة أوباما إلى اتجاه آخر فهذا شأنه، وبدل أن نبكي على اللبن المسكوب، علينا أن نهيئ أنفسنا إلى كل الاحتمالات وأن نرسم سياساتنا التي تقودنا إلى الاعتماد على أنفسنا إلى أن نصبح دولة لا تحتاج إلى أي أحد في أي شيء.
وقد بدأت أمريكا بالفعل هذه الأيام تعيد حساباتها وتقيم مصالحها بما يضمن لها موطئ قدم في الأماكن ذات النمو الاقتصادي والتي تتمتع بسلام ولو كان نسبيا. وهذا من حقها ولا يمكن أن نلومها على فعلتها إذا هي توجهت نحو دول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام، التي حاربتها طويلا، بما يؤكد صدق نظرية أنه لا يوجد أعداء أو أصدقاء دائمون في السياسة.
ومن هذه الدول أيضا، كمبوديا، وتايلاند، وكوريا الجنوبية، والفلبين، وسنغافورة، وماليزيا، وإندونيسيا وغيرها.
هذا اختيار أمريكا الذي يجب ألا يزعجنا أبدا لكن ما يقلقنا حقا هو تصويرنا في الإعلام الأمريكي والإعلام الدولي بأننا نقايض البترول بأمننا الوطني. إن مثل هذا الادعاء فيه كثير من التجني وهو مسيء لكل الوطنيين الشرفاء فأمننا لا يعتمد على تحالفنا مع الولايات المتحدة، مهما قويت علاقتنا معها، لكنه يعتمد في الأساس على قدرتنا الذاتية ومجتمعنا القوي.
أما في المنطقة فقد بدأت أمريكا تنظر نحو عدوها اللدود وهو إيران. ورغم وجود أعداد كبيرة من المتشددين في إيران الذين لا يزالون ينظرون إلى أمريكا على أنها الشيطان الأكبر إلا أن فيها أيضا من يرحبون بالعودة إلى حضن أمريكا من أجل عيون الدولار! وفي سبيل الوصول إلى الملالي، فإن أمريكا مستعدة لغض الطرف عن كل الفظائع التي ترتكبها إيران والدسائس والمؤامرات التي تحيكها ضد دول المنطقة.
وفي غضون ذلك تبقى إسرائيل هي المحظية الأبدية لأمريكا التي يتسابق مرشحو الرئاسة لكسب ودها ورضاها لتأمين أصوات اليهود التي تمكنهم من دخول البيت الأبيض. ورغم كل فظائعها التي ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ظلت إسرائيل أيقونة مرشحي الرئاسة الأمريكية الذين يتغنون بديمقراطيتها وسلامها الذي يهدده جيرانها العرب.
وفي غمرة ثنائهم على إسرائيل، لم يتجاهل مرشحو الرئاسة الذين ينتظرون دخول البيت الأبيض في 20 يناير 2017 ولا الإدارة الأمريكية نفسها الحط من قدر الدول الخليجية التي لم تر أمريكا منها سوى الخير والوفاء.
وبدلا من إعادة رسم سياستنا والاستعداد لمرحلة ما بعد صداقة أمريكا وما بعد انهيار أسعار البترول ونضوبه، فنحن نغرق أنفسنا في الكلمات المعبرة عن الحزن والألم والخذلان على تجاهل أمريكا لنا وهي تعيد هيكلة سياستها الخارجية المراعية لمصالحها أولا وأخيرا.
ودبجت الكثير من المقالات عن تصريحات أوباما لمجلة أتلانتك وكأن هذا الرجل المتردد هو سلطان زمانه متناسين أنه لم يعد يتصدر عناوين الصحف والأخبار حتى في بلاده فقد احتل مكانه مرشحو الرئاسة الذين يخلفونه بعد شهور عدة ومنهم دونالد ترامب، وهيلاري كلينتون.
وهناك جيل جديد من السياسيين في أمريكا ينظرون إلى التاريخ على أنه فترة وانقضت منذ زمن طويل وصارت ذكرى الرؤساء العظام مثل روزفلت وغيرهم تنمحي رويدا رويدا من الذاكرة. وبالنسبة لهذا الجيل من السياسيين فإن المصالح المستقبلية لأمريكا تجيء أولا وهي الحاضر، والمستقبل، والتاريخ. وبالنسبة لهذا الجيل الجديد فنحن لا نمثل غير نقطة صغيرة في شاشة رادارهم.
ماذا نحن فاعلون في هذه الحالة؟
علينا أولا أن ندرك تماما أننا لسنا محمية لأمريكا أو للغرب عموما. وثانيا علينا دعم اقتصادنا وتعزيز لحمتنا الاجتماعية، وأن نستفيد من طاقات شبابنا وأن نكون أمة يحسب العالم لها كل حساب. إن الوقت قد حان لوضع الاستراتيجيات التي تمكننا من مواجهة التحول في النظام العالمي الجديد واللحاق بقطار العالم السريع.