مانع اليامي

المنشار.. رسالة عمالية!

السبت - 26 مارس 2016

Sat - 26 Mar 2016

يبدو أن عديدا من المواقف التي يتبناها بعض الناس، أو وجهات النظر التي يتخذها آخرون تجاه أحداث أو مسائل عامة أو معينة تبنى في الأصل على حركة القناعات الشخصية وتمددها في الذهنية. في العموم، لا شيء يحدث دون مسببات وقاعدة «لكل حدث مسبباته» تدعم هذا القول كما يبدو لي.

في أستراليا، عبّر بعض عمال البناء في الأيام الماضية عن غضبهم من رئيسهم بطريقة لافتة، أقل ما يقال عنها أنها تحمل على ظهرها أكثر من عبرة، وفي بطنها أكثر من درس للعقلاء. بحسب جريدة «الوطن الكويتية» - نقلا عن «ديلي ميل» البريطانية - فإن عددا من عمال البناء عمدوا إلى الانتقام من رئيسهم في العمل بتحطيم أساسات المنزل الذي بنوه. العمال الغاضبون عبروا عن موقفهم -إزاء تأخر صرف أتعابهم بعد الانتهاء من مهمتهم - بتدمير هيكل المنزل بمنشار كهربائي، حيث قطّعوا الحديد والخشب؛ لجعله غير قابل للاستخدام مستقبلا، كما عمدوا إلى توثيق ذلك في مقطع فيديو.

العملية انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي في أستراليا، ويبدو أن الرأي العام تفاوت حولها بين مؤيد لخطوة العمال - بصفتها عقابا طبيعيا، مقابل عدم الحصول على حقوقهم - ورافض لهذه التصرف، على اعتبار أن ضياع فرصة الحصول على الحقوق مربوط في أعقاب ما قاموا به من تصرف، لا يخرج في معناه ولا في مبناه من إطار الانتقام المنبوذ.

حينما يأتي الحديث عن أجر الأجير، أو العلاقة بين العامل وصاحب العمل، فإنه لا شيء يضاهي العدالة، هي وحدها الضامن لسير الأمور في الطريق الصحيح، وهي وحدها التي ترسم واقع النهايات المطمئنة.

رأيي أن هذا النوع من الأحداث يفرض التأمل والتفكير، فالحياة بشكل عام مدرسة، وميادين العمل حقول تجارب وخبرات، ومن لا ينتفع من تجارب غيره أو يستلهم منها الدروس لا يتقدم ولا يسلم من الزلات، ويبقى في معظم الأحيان معرضا للسقوط. قد يكون هذا الحدث مجرد قصة عابرة وغير قابلة للحدوث مجددا بالنسبة للبعض، التقديرات تتفاوت ولا شيء مستحيل، غير أن الواضح هو أن هذه الحادثة تشكل درسا مهما في عالم الإدارة، ويمكن الاقتداء بتدرج معطياتها لتهذيب مفهوم العلاقة بين العامل وصاحب العمل أو جهة العمل، والالتزام بما يحكمها.

ختاما، تبقى العدالة أساس تجويد الحياة، والطريق المستقيم إلى الاستقرار في كل الميادين.. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]