قوة شبكات التواصل: من حملة أوباما إلى تمدد داعش
السبت - 26 مارس 2016
Sat - 26 Mar 2016
احتفل موقع تويتر الأسبوع المنصرم بالذكرى العاشرة على تأسيس الموقع. العمر الحقيقي لفيس بوك يبلغ حوالي عشر سنوات كذلك، إذ إن التسجيل في أول عامين على بداية الموقع في 2004 كان مغلقا لطلاب الجامعات فقط. انستقرام بدأ في 2010 أي قبل نحو خمس سنوات. تزامن تأسيس كل هذه المواقع التواصلية خلال العقد الماضي جعل منه عقدا مليئا باللحظات التاريخية والتي غيرت من حياتنا اليومية وإلى الأبد.
البداية من الانتخابات الأمريكية في 2008 حيث اشتهرت حملات باراك أوباما الانتخابية باستغلال وسائل التواصل بشكل بارع. حيث استغلت الحملة 15 وسيلة من وسائل التواصل جمعت من خلالها ما يزيد على 5 ملايين داعم. أكثر من مليونين منهم من خلال الفيس بوك (مقابل 600 ألف لخصمه جون ماكين)، وحوالي 112,000 متابع في تويتر (مقابل 4,600 متابع لخصمه)، إضافة إلى ما يزيد على 97 مليون مشاهدة لفيديوهاته في اليوتيوب (مقابل 25 مليون مشاهدة فقط لخصمه). استغل باراك أوباما صفحاته في الفيس بوك وتويتر وقناته باليوتيوب لكي يتواصل مع شريحة جديدة لا تذهب عادة لصناديق الاقتراع: جيل الألفية في سن الـ25 وما دون حيث حاز أوباما على 70% من أصواتهم.
وهذا التغيير لم يكن حصرا على باراك أوباما بل إننا نجد اليوم تنافسا شرسا من مرشحي الرئاسة الأمريكية على جمهور شبكات التواصل. فالمرشح الجمهوري دونالد ترامب يستخدم حسابه في تويتر بنشاط كبير جدا ليبث رسائل شديدة الحساسية وتحصل من خلالها على آلاف إعادة التغريدات ناهيك عن تغطيات الأخبار بما يجعله متسيدا للمشهد. أما خصمه تيد كروز فقد اتجه إلى فيس بوك حيث تورد مجلة الايكونومست أن مسؤولي حملته قسموا مستخدمي فيس بوك إلى «محافظين صادقين» و»محافظين مترددين» ليستهدف كل صنف بما يناسبه من الرسائل. إضافة إلى مخاطبته للذين امتنعوا عن التصويت برسائل شديدة اللهجة ويذكرهم بـ»أصدقائهم الفيس بوكيين» الذين ذهبوا وصوتوا له!
شبكات التواصل قوة محايدة، يستخدمها السياسيون كما في الأمثلة السابقة أعلاه، وتستخدمها حركات التغيير من قبيل الربيع العربي و»احتلوا وول ستريت»، وتستخدمها الشركات للتواصل مع العملاء وتعزيز الصورة الإيجابية، كما تستخدمها الحكومات كمؤشر حي للرأي العام، وتستخدمها المؤسسات التطوعية للتواصل مع الأفراد والتنسيق بينهم في حالات الكوارث والإغاثة، كما حصل في سيول جدة، بل وتستخدمها «داعش» بمهارة عالية لتجنيد الشباب من مختلف أنحاء العالم. فشبكات التواصل أداة محايدة ولكنها قوية للغاية تتيح لكل من يفهم أسرارها أن يصل ويؤثر ويغير بغض النظر عن أهدافه ومبادئه. وهذا الأمر مختلف عن الحال سابقا حيث يميل جيل من الشباب المتعلم لاستخدام هذه الوسائل لتبادل الأخبار والآراء بعيدا عن رقابة الجماهير والرقيب.
ولكن هناك لاعب جديد في المشهد. فقوة شبكات التواصل المحايدة الآن تخف لصالح قوة البيانات الضخمة الناتجة منها. شبكات التواصل، إضافة إلى التقنيات المصاحبة مثل الهواتف الذكية والحوسبة السحابية تسهل من جمع وتخزين كميات ضخمة من البيانات وتحليلها. ففي المستقبل القريب لن يهم كثيرا أن يكون لك حضور الكتروني حتى تتمكن من التأثير والانتشار، بل ما يهم هو كيف تصل وتفهم ما يحصل لتستهدف الجمهور الصحيح. المثال السابق عن تيد كروز مثالا، حيث - وبمساعدة أدوات التحليل المتقدمة - يستطيع أن يخاطب الجمهور الصحيح. ولن يطول الوقت حتى يصبح المهندسون والإحصائيون والمبرمجون وغيرهم من مهندسي الحضور الالكتروني جزءا لا يتجزأ من الحملات الانتخابية، بل وجزءا - غير معلن - من الحكومات والمنظمات الكبيرة. أهلا بكم في العِقد الجديد!
استغلال وسائل التواصل في الانتخابات الأمريكية عام 2008
البداية من الانتخابات الأمريكية في 2008 حيث اشتهرت حملات باراك أوباما الانتخابية باستغلال وسائل التواصل بشكل بارع. حيث استغلت الحملة 15 وسيلة من وسائل التواصل جمعت من خلالها ما يزيد على 5 ملايين داعم. أكثر من مليونين منهم من خلال الفيس بوك (مقابل 600 ألف لخصمه جون ماكين)، وحوالي 112,000 متابع في تويتر (مقابل 4,600 متابع لخصمه)، إضافة إلى ما يزيد على 97 مليون مشاهدة لفيديوهاته في اليوتيوب (مقابل 25 مليون مشاهدة فقط لخصمه). استغل باراك أوباما صفحاته في الفيس بوك وتويتر وقناته باليوتيوب لكي يتواصل مع شريحة جديدة لا تذهب عادة لصناديق الاقتراع: جيل الألفية في سن الـ25 وما دون حيث حاز أوباما على 70% من أصواتهم.
وهذا التغيير لم يكن حصرا على باراك أوباما بل إننا نجد اليوم تنافسا شرسا من مرشحي الرئاسة الأمريكية على جمهور شبكات التواصل. فالمرشح الجمهوري دونالد ترامب يستخدم حسابه في تويتر بنشاط كبير جدا ليبث رسائل شديدة الحساسية وتحصل من خلالها على آلاف إعادة التغريدات ناهيك عن تغطيات الأخبار بما يجعله متسيدا للمشهد. أما خصمه تيد كروز فقد اتجه إلى فيس بوك حيث تورد مجلة الايكونومست أن مسؤولي حملته قسموا مستخدمي فيس بوك إلى «محافظين صادقين» و»محافظين مترددين» ليستهدف كل صنف بما يناسبه من الرسائل. إضافة إلى مخاطبته للذين امتنعوا عن التصويت برسائل شديدة اللهجة ويذكرهم بـ»أصدقائهم الفيس بوكيين» الذين ذهبوا وصوتوا له!
شبكات التواصل قوة محايدة، يستخدمها السياسيون كما في الأمثلة السابقة أعلاه، وتستخدمها حركات التغيير من قبيل الربيع العربي و»احتلوا وول ستريت»، وتستخدمها الشركات للتواصل مع العملاء وتعزيز الصورة الإيجابية، كما تستخدمها الحكومات كمؤشر حي للرأي العام، وتستخدمها المؤسسات التطوعية للتواصل مع الأفراد والتنسيق بينهم في حالات الكوارث والإغاثة، كما حصل في سيول جدة، بل وتستخدمها «داعش» بمهارة عالية لتجنيد الشباب من مختلف أنحاء العالم. فشبكات التواصل أداة محايدة ولكنها قوية للغاية تتيح لكل من يفهم أسرارها أن يصل ويؤثر ويغير بغض النظر عن أهدافه ومبادئه. وهذا الأمر مختلف عن الحال سابقا حيث يميل جيل من الشباب المتعلم لاستخدام هذه الوسائل لتبادل الأخبار والآراء بعيدا عن رقابة الجماهير والرقيب.
ولكن هناك لاعب جديد في المشهد. فقوة شبكات التواصل المحايدة الآن تخف لصالح قوة البيانات الضخمة الناتجة منها. شبكات التواصل، إضافة إلى التقنيات المصاحبة مثل الهواتف الذكية والحوسبة السحابية تسهل من جمع وتخزين كميات ضخمة من البيانات وتحليلها. ففي المستقبل القريب لن يهم كثيرا أن يكون لك حضور الكتروني حتى تتمكن من التأثير والانتشار، بل ما يهم هو كيف تصل وتفهم ما يحصل لتستهدف الجمهور الصحيح. المثال السابق عن تيد كروز مثالا، حيث - وبمساعدة أدوات التحليل المتقدمة - يستطيع أن يخاطب الجمهور الصحيح. ولن يطول الوقت حتى يصبح المهندسون والإحصائيون والمبرمجون وغيرهم من مهندسي الحضور الالكتروني جزءا لا يتجزأ من الحملات الانتخابية، بل وجزءا - غير معلن - من الحكومات والمنظمات الكبيرة. أهلا بكم في العِقد الجديد!
استغلال وسائل التواصل في الانتخابات الأمريكية عام 2008