عادل حوشان

قل «قسم بالله» يا معالي الوزير

الخميس - 24 مارس 2016

Thu - 24 Mar 2016

أثار تصريح معالي وزير المياه والكهرباء الدكتور عبدالله الحصين حول الزيادة المرعبة في فاتورة استهلاك المياه، وأنها «لا تصل إلى نصف قيمة فاتورة جوال فرد واحد من الأسرة»، أثار استياء الرأي العام المحلي، وتناوله عدد من التعليقات والمقالات والآراء.

يبدو أن الغضب الشعبي الذي واجهته «لخبطة» شركة المياه بعد اعتمادها التعرفة الجديدة، وما تشهده مكاتب الاشتراكات والفواتير في مناطق المملكة ومدنها من فوضى جراء شكاوى عدد من المواطنين، أثار استياء الوزير وغضبه هو الآخر.

تساءل الكثيرون: ما هو القياس المتعلق بنصف الفاتورة الذي يعنيه الوزير؟ ومن هو المواطن المقصود؟ وما موقعه ومركزه الاجتماعي؟ وكم يبلغ دخله الشهري؟

نصف الفاتورة الذي يتحدث عنه الوزير لا ينطبق على المواطن الذي تأثر من زيادة التعرفة الجديدة، ولا على نصف المواطنين، ولا على أغلبهم.

فواتير الجوال التي يقيس عليها معالي الوزير هي فواتير لا نشعر بها، لكننا نعرف أنها موجودة، لكنها موجودة بأيدي وتحت استخدام أشخاص لا يعني لهم وصول فاتورة الجوال إلى رقم بالعشرات شيئا، ولا وصول سعر تذكرة طيران على الدرجة الأولى إلى 80 ألف ريال للمقعد الواحد، ولا وصول فاتورة الكهرباء إلى رقم تتم إحالته إلى وزارة المالية لحساب خانات أرقامه.

معالي الوزير لن يجيب على الرقم «العادل» الذي يقيس عليه بالتأكيد، وسيتركنا نخمن هذه الأرقام، لأن أرقامنا ولغة فواتيرنا نعرفها جيدا ونحسب حسابها يوميا وشهريا وسنويا لكي نوفر قدر استطاعتنا مبالغ شخصين أو ثلاثة على مقاعد سياحية لسريلانكا لنصور «سناب شات» مع القردة والفيلة والأفاعي.

شركة المياه وظفت قبل ذلك «رعاة» اعتمدوا مبدأ الجباية للتسربات، ولم يخطر ببالهم مطلقا أي سبب خارج عن الإرادة، التي هي إرادة المواطن الحريص، لتسرب جالوني ماء خارج مكان السكن، ما اعتبرته الشركة مخالفة تستوجب العقاب بمبلغ 200 ريال.

معظمنا قابل هؤلاء الشباب، وحاول معرفة الوظيفة وطريقة التوظيف والمطلوب منهم، حاول معهم أن يشرح أسباب هذا التسرب للجالونين، ولم يغفروا ذلك لأن المطلوب منهم «جباية» مبالغ لوقف الهدر، وهذا عذر الشركة والوزارة للحفاظ على مسؤولياتها تجاه وقف الهدر المائي ومعالجة ارتفاع معدل الاستهلاك.

كلام عام نسمعه من معظم الشركات التي تديرها مؤسسات حكومية، ماء، كهرباء، اتصالات... إلخ.

المواطن يا معالي الوزير، لا تتوقع منه أن «يبلع» أي محاول تقليل من مواطنته وحرصه وفطنته وذكائه ومعرفته. المواطن شريك أول في المواطنة وهو الأقرب للتضحية، وتمرير العبارات التي تجرح كرامته أو تستغله أو تقلل من معرفته وفهمه لن يغفرها أو يسكت عنها.

علينا أن نعامل المواطن وخدماته على أساس الشراكة والمسؤولية، علينا أن نُعلم كل القطاعات الخاصة، تحت إدارتنا، التي أصبحت أهم واجباتها مشاريع الجباية والاستغلال والجشع، بأن المواطن منطقة محرمة وعيشه منطقة محرمة، وأن أي محاولة تقليل يتعرض لها أو استغلال لموارده المحدودة، أو استخفاف بمواقفه هي تقليل واستغلال واستخفاف بمقدرات الوطن بأكمله.

معالي الوزير.. المواطن شريك وشريك مهم، وباستطاعتنا جميعا أن نعالج المشكلة حين تحدث، وأيا كانت بالنظر إلى مصلحة المؤسسة وشريكها في الحياة بأقل ثمن ممكن: الصدق والصراحة والعدل والحق والخير.

هذا الثمن سيدفعه المواطن قابلا وراضيا، لأنه يريد لمستقبله ما يريده لحاضره، وما أراده لماضيه، الكرامة والشرف والمواطنة المخلصة.

[email protected]