(الفيلم الحرام)
الخميس - 24 مارس 2016
Thu - 24 Mar 2016
كمية من الادعاءات وشعارات التعلق بأيقونات الوطنية حملها الفيلم ذوالعشرين دقيقة (المال الحرام) لا تتناسب مع ما لا يزال عالقا في ذاكرتنا الشعبية عن ذلك التيار (الحزبي) ومواقفه منذ غزو الكويت، وموقفه السلبي من قرار الإجماع العربي والضرورة السياسية آنذاك في الاستعانة بقوات تحالف دولي، مرورا بمبادرة الابتزاز التي سميت بخطاب المطالب، ومنشورات الاعتصام التي طبعت ووزعت في محاولة لاستنهاض تلك الحشود التي كانت تملأ المحاضرات التي على ضوء صورتها التعبوية ظن تيار الصحوة أنه استطاع امتلاك الشارع، حتى اصطدم بحقيقة وعمق العلاقة التاريخية وتجذرها الراسخ بين المجتمع والدولة.
لا أطمح في هذا المقال نزع صفة الوطنية في حق تيار كامل هم أهلنا وإخوتنا وشركاؤنا في هذا الوطن وفي مصيره، إنما أردت أن أناقش بكل هدوء تلك الادعاءات التي وردت في ذلك الفيلم والتي حصرت خط الدفاع الأول في بعض الدعاة والمشايخ؛ مستخدمة أسوأ أنواع التحريض لدق الإسفين بين المملكة ودولة الإمارات، واللتين كانتا - ولا تزالان - يدا واحدة، فلا تدخل المملكة في حرب حتى تبادر الإمارات بدماء أبنائها البررة، في صورة دفاعية حقيقية، وليس بالكلام المجاني وحده مثلما تم ادعاؤه كمبادرة حصرية بأولئك الدعاة وحدهم دون غيرهم من أبناء هذا الوطن، كما تم تصويره في ذلك الفيلم.
مما تم تلفيقه من أكاذيب في ذلك الفيلم، الذي ظن منتجوه أن الجمهور اليوم هو نفسه جمهور المحاضرات والأشرطة في الثمانينات والتسعينات حين كان يسمع ويصدق بعفوية، ما ورد في نص الفيلم من أن في فترة (ثورة حنين) في 2011 قد خلت الصحافة السعودية تماما من أية مقالات تحذر من الثورات ولمدة اثني عشر يوما سوى خمسة مقالات، وفي ذات الوقت يعرض الفيلم بعض اللقطات بشكل درامي لبعض الدعاة الذين شاركوا ببعض المواعظ على جبهات القتال في 2009، وكذلك الحرب الأخيرة، فيبدأ الانطباع عند المشاهد الساذج (تحديدا) أو (المؤدلج) أن هؤلاء وحدهم المعنيون بالدفاع المستميت عن الوطن دون غيرهم، وبطريقة مزعجة في بتر السياقات وتلفيق الزيف. هذه المعلومة التي عرضها الفيلم كلفتني الكثير من الوقت من أجل معرفة صدقها، فبحثت في مقالات الاثني عشر يوما من شهر مارس لعام 2011 وفي صحيفتين فقط هما عكاظ والرياض حيث المستطاع البحث فيهما وتقدمان أرشيف تلك السنة، فوجدت أن المقالات المحذرة من مخاطر الانجرار خلف الدعوات المشبوهة أكثر من تسعة عشر مقالا، غير التحقيقات والتصريحات والكلمات الافتتاحية، ولولا الإطالة لسردت عناوينها وكتابها، ولكنها موجودة في موقعي الصحيفتين على الانترنت، فلماذا الكذب؟ أليست كذبة واحدة بهذا الحجم وهذا الإجحاف والمكر في استحضار الخصومة الأيديولوجية مع الإعلام كفيلة بإسقاط كامل المحتوى؟
في ادعاءات (الوطنية الحصرية)التي مثّل حصريتها الدعاة (الحركيون) تحديدا، كما روجت رسالة الفيلم، تم أيضا تجاهل تحركات القبائل وشيوخها وأعيانها في تلك الفترة، وما قدموه من تأكيد على التلاحم التاريخي الذي لا يمكنه أن يتأثر بدعوات من هنا أو هناك، كما تم أيضا، وفي مسلك طائفي بغيض، تجاهل مواقف وتصريحات أهالي الأحساء والقطيف، يتقدمهم رجال الدين والأعيان الذين أكدوا على وحدة الصف والمصير المشترك، إلا أن النزعة الطائفية لم تفوت فرصة الإطلالة برأسها البشع في ذلك الفيلم الذي عمل – كعادة منطق الكراهية الطائفية دائما – على إسقاط ما جرى ويجري أحيانا في العوامية بالقطيف وتحميله على طائفة بأكملها فيهم المسؤول والتاجر والأكاديمي والجندي ورجل الأمن.
أخيرا.. لم يعد المقال يتسع للكثير من الأفكار الأخرى التي يجب أيضا مناقشتها حول فيلم أقل ما يقال فيه وفي منتجيه أنهم أصحاب فجور في الخصومة، وأن مثل هذا التلبس بادعاءات الوطنية لتمرير فكرة (تشويه الإمارات ومسؤوليها) يأتي في السياق المكشوف لاستراتيجية المزايدات اللامتناهية، بدءا بالمرأة والمزايدة على مفاهيم الفضيلة بشأنها، إلى أن وصلت تلك الاستراتيجية مؤخرا إلى استخدام الوطنية وشعارات الانتماء، وكأننا نسينا من الذين وصفوا تلك القيمة الرفيعة ذات يوم باصطلاح (الوثنية)!
[email protected]
لا أطمح في هذا المقال نزع صفة الوطنية في حق تيار كامل هم أهلنا وإخوتنا وشركاؤنا في هذا الوطن وفي مصيره، إنما أردت أن أناقش بكل هدوء تلك الادعاءات التي وردت في ذلك الفيلم والتي حصرت خط الدفاع الأول في بعض الدعاة والمشايخ؛ مستخدمة أسوأ أنواع التحريض لدق الإسفين بين المملكة ودولة الإمارات، واللتين كانتا - ولا تزالان - يدا واحدة، فلا تدخل المملكة في حرب حتى تبادر الإمارات بدماء أبنائها البررة، في صورة دفاعية حقيقية، وليس بالكلام المجاني وحده مثلما تم ادعاؤه كمبادرة حصرية بأولئك الدعاة وحدهم دون غيرهم من أبناء هذا الوطن، كما تم تصويره في ذلك الفيلم.
مما تم تلفيقه من أكاذيب في ذلك الفيلم، الذي ظن منتجوه أن الجمهور اليوم هو نفسه جمهور المحاضرات والأشرطة في الثمانينات والتسعينات حين كان يسمع ويصدق بعفوية، ما ورد في نص الفيلم من أن في فترة (ثورة حنين) في 2011 قد خلت الصحافة السعودية تماما من أية مقالات تحذر من الثورات ولمدة اثني عشر يوما سوى خمسة مقالات، وفي ذات الوقت يعرض الفيلم بعض اللقطات بشكل درامي لبعض الدعاة الذين شاركوا ببعض المواعظ على جبهات القتال في 2009، وكذلك الحرب الأخيرة، فيبدأ الانطباع عند المشاهد الساذج (تحديدا) أو (المؤدلج) أن هؤلاء وحدهم المعنيون بالدفاع المستميت عن الوطن دون غيرهم، وبطريقة مزعجة في بتر السياقات وتلفيق الزيف. هذه المعلومة التي عرضها الفيلم كلفتني الكثير من الوقت من أجل معرفة صدقها، فبحثت في مقالات الاثني عشر يوما من شهر مارس لعام 2011 وفي صحيفتين فقط هما عكاظ والرياض حيث المستطاع البحث فيهما وتقدمان أرشيف تلك السنة، فوجدت أن المقالات المحذرة من مخاطر الانجرار خلف الدعوات المشبوهة أكثر من تسعة عشر مقالا، غير التحقيقات والتصريحات والكلمات الافتتاحية، ولولا الإطالة لسردت عناوينها وكتابها، ولكنها موجودة في موقعي الصحيفتين على الانترنت، فلماذا الكذب؟ أليست كذبة واحدة بهذا الحجم وهذا الإجحاف والمكر في استحضار الخصومة الأيديولوجية مع الإعلام كفيلة بإسقاط كامل المحتوى؟
في ادعاءات (الوطنية الحصرية)التي مثّل حصريتها الدعاة (الحركيون) تحديدا، كما روجت رسالة الفيلم، تم أيضا تجاهل تحركات القبائل وشيوخها وأعيانها في تلك الفترة، وما قدموه من تأكيد على التلاحم التاريخي الذي لا يمكنه أن يتأثر بدعوات من هنا أو هناك، كما تم أيضا، وفي مسلك طائفي بغيض، تجاهل مواقف وتصريحات أهالي الأحساء والقطيف، يتقدمهم رجال الدين والأعيان الذين أكدوا على وحدة الصف والمصير المشترك، إلا أن النزعة الطائفية لم تفوت فرصة الإطلالة برأسها البشع في ذلك الفيلم الذي عمل – كعادة منطق الكراهية الطائفية دائما – على إسقاط ما جرى ويجري أحيانا في العوامية بالقطيف وتحميله على طائفة بأكملها فيهم المسؤول والتاجر والأكاديمي والجندي ورجل الأمن.
أخيرا.. لم يعد المقال يتسع للكثير من الأفكار الأخرى التي يجب أيضا مناقشتها حول فيلم أقل ما يقال فيه وفي منتجيه أنهم أصحاب فجور في الخصومة، وأن مثل هذا التلبس بادعاءات الوطنية لتمرير فكرة (تشويه الإمارات ومسؤوليها) يأتي في السياق المكشوف لاستراتيجية المزايدات اللامتناهية، بدءا بالمرأة والمزايدة على مفاهيم الفضيلة بشأنها، إلى أن وصلت تلك الاستراتيجية مؤخرا إلى استخدام الوطنية وشعارات الانتماء، وكأننا نسينا من الذين وصفوا تلك القيمة الرفيعة ذات يوم باصطلاح (الوثنية)!
[email protected]