إبراهيم عبدالعزيز اللحيدان

إدارة الأزمات بالاعتذار

الأربعاء - 23 مارس 2016

Wed - 23 Mar 2016

في أبريل من عام 2009 شهدت مدينة كونوفر الأمريكية التابعة لولاية كارولاينا الشمالية انطلاق أزمة حقيقية كادت تعصف بأحد أبرز المطاعم الأمريكية المنتشرة فروعها على مستوى العالم، وذلك عندما قام اثنان من العاملين في فرع المطعم الموجود في هذه المدينة بنشر مقطع فيديو لهما على موقع اليوتيوب، وهما يقومان بسلوكيات بذيئة وتصرفات غير لائقة أثناء إعدادهما طلبات العملاء داخل المطعم، وخلال أيام قليلة وصل عدد مشاهدات المقطع لأكثر من مليون مشاهدة.

في بداية الأمر قامت إدارة المطاعم بتجاهل المقطع ومحاولة نفي صلتها به، ولكن مع زيادة انتشاره وظهور تأثيراته السلبية على مبيعات مطاعمها وجدت الإدارة نفسها مضطرة للتحرك الجاد والتعامل الحازم والفعال لإنهاء هذه الأزمة، وهذا ما قام به الرئيس التنفيذي لسلسلة المطاعم عند ظهوره في مقطع فيديو على اليوتيوب وهو يرتدي قميصا يحمل شعار المطاعم وبدون «كرافتة» وقد أسند ظهره على واجهة المطعم الذي انطلقت منه الشرارة الأولى ويوجه خطاب اعتذار إلى عملاء المطعم عما بدر من سلوك من الموظفين، ويؤكد أن كسب ثقة العملاء هو الهدف الرئيس لمطاعمهم. وأشار إلى قيام إدارته بفصل الموظفين اللذين صورا المقطع، وكذلك تم إغلاق الفرع الذي تم التصوير فيه لحين تعقيمه وإعادة تأهيله، إضافة إلى قيام إدارته بإعادة النظر في إجراءات التوظيف لضمان حسن سيرة الأشخاص الذين سيتم توظيفهم مستقبلا، وقد أدى هذا الاعتذار - والأسلوب الذي قدم به - إلى عودة المطاعم تدريجيا إلى سابق عهدها واستطاعت تجاوز الأزمة.

هذه الحادثة تتشابه مع حوادث تتعرض لها بعض المنشآت، وكان يمكن حلها وتجاوزها من خلال امتلاك شجاعة الاعتذار والاعتراف بالخطأ، ولكن يؤدي رفض إدارات تلك المنشآت تقديم الاعتذار أو التأخر فيه إلى تطور الأزمة والتسبب في سقوط وانهيار المنشأة وتعرضها لخسائر وأضرار مادية ومعنوية كبيرة، وهذا يتطلب وجود قدرة وشجاعة الاعتذار، وأن يكون اعتذارا فعالا يحقق الهدف المنشود منه، وهذا ما يستلزم البحث عن إجابة التساؤل التالي: كيف يتم تحقيق الاعتذار الفعال في الأزمات؟

بداية تجب الإشارة إلى أن تردد المنشأة في تقديم الاعتذار وإعلان الخطأ يعود إلى أسباب عدة، أبرزها المكابرة والخوف من العواقب والنتائج السلبية التي يمكن أن تترتب على الاعتذار واستغلاله من المنافسين، وهذا يتطلب من إدارة المنشأة الراشدة أن تنظر إلى الأزمة بعين متوازنة، ومتى اتضح لها وجود خطأ منها فعليها أن تسارع إلى تقديم الاعتذار المناسب في الوقت الصحيح، ومن أجل الوصول إلى اعتذار فعال يؤدي إلى تحقيق الهدف منه فإنه يلزم أن تتوفر فيه الأركان التالية:

ـ أن يتم تقديمه في الوقت المناسب.

ـ أن يقدم للمتضرر الفعلي.

ـ أن يتضمن طلب العفو عن الخطأ.

ـ أن يتضمن الالتزام والتعهد بإصلاح الآثار التي تسبب فيها الخطأ.

ـ أن يتضمن الوعد بعدم تكراره.

خلاصة: الاعتذار في الوقت المناسب أحد الاستراتيجيات الناجحة في إدارة الأزمات.