مجرد أم
دبس الرمان
دبس الرمان
الثلاثاء - 22 مارس 2016
Tue - 22 Mar 2016
منذ فترة طويلة لم تر أحدا أو تقابل الناس، انشغالها بأولادها الصغار والرضيع الجديد لم يترك مساحة في حياتها لأي شيء عداهم، فما بين مسؤولياتهم الكثيرة ونوم الليل الذي تكاد تنساه، لم تعد بها طاقة للتفكير في شيء، أو حتى محاولة عمل شيء.
جلست وسط تجمع صديقات الجامعة القديمات، وكأنها تراهن لأول مرة، وهي تشعر بالخجل وكل واحدة تقص عن عملها وإنجازاتها، والأخرى عن نشاطاتها الاجتماعية، والثالثة عن تجربتها التجميلية الأخيرة، وحين سألتها إحداهن عن ماذا تفعل في حياتها الآن، شعرت بغصة في حلقها، وقالت بصوت محرج »أنا ما زلت ربة منزل«، لتنهال عليها نظرات الإشفاق وتنهيدات التعاطف.. يا إلهي ما أسوأ أن تكوني مجرد أم.
عصفت المتغيرات بمجتمعنا لتقتلع منه أشياء جذرية، فلم يكن شائعا سؤال أي سيدة عن ماذا تعمل، أو (انتي ايش بتسوي)، والذي أصبح الآن سؤالا عاديا حتى لمن هن من الجيل السابق. فتجد امرأة في الأربعين ينهال عليها هذا السؤال من كل حدب وصوب، وهي التي ضحت بـ»معيدية« الجامعة من أجل أن تتفرغ لزوجها كثير التنقل بسبب ظروف عمله، ولأولادها الذين ربتهم أروع وأجمل تربية، ليصفعها هذا السؤال كل مرة فيشعرها في دقيقة واحدة بأنها ضيعت عمرها، وأن زوجها ربما سيبدأ بمقارنتها بفلانة التي نالت الدكتوراه، وعلانة التي لمع اسمها في أكثر من مجال، وأولادها الذين بدؤوا حين يناقشونها يغمزون لبعضهم، ويحاولون مغافلتها في بعض الأمور، فهي في النهاية بالنسبة لهم مجرد أم وربة منزل.
وعليه، أصبح قرار التفرغ للأمومة قرارا صعبا، فما بين رغبتها الفطرية في إعطاء أمومتها وكينونتها الأنثوية حقها، وما بين قساوة القوانين العملية التي تنظر لسنوات تفرغها لبيتها حتى يكبر أولادها بازدراء، تشعر الأم بالحيرة والضياع، خاصة أننا دولة لا توفر لها راتبا يشعرها بالاكتفاء والأمان، ويمنع عنها الشعور بالضغط والخوف من المستقبل غير المضمون.
لكل أم، أدعوك بكل قوة وعنفوان وكبرياء لأن تنفضي عنك أي شعور بالنقص أو الإحساس بأنك »مجرد أم«، انظري لأطفالك بكل حب، واعلمي أنهم أجمل استثمار للمستقبل، لا تقارني نفسك بأحد، ولا تنظري لجسدك بحسرة، فالسهل الخصيب يقول هنا حياة، وأما المسطحات فاستواؤها يوحي بجدب الصحراء. استمتعي، نعم استمتعي بحقك في أن تمرغي أحبابك في أحضانك، استمتعي بأن تشعري بحاجتهم إليك، استمتعي بـ»الانغراق« في لحظاتك معهم، فلك الحق في ألا تفكري في أبعد من تلك اللحظة لأنها لا تعوض، وما عدا ذلك فسهل تعويضه، عيشي معهم ولا تعيشي لهم، كوني معهم، ولا تكوني فقط لهم، فهم سيتعلمون من ذلك الثقة بالنفس وحق إثبات الذات، واعلمي أن أما سعيدة تعني عائلة سعيدة وأطفالا سعداء، لذا أرجوك أسعدي نفسك.
جلست وسط تجمع صديقات الجامعة القديمات، وكأنها تراهن لأول مرة، وهي تشعر بالخجل وكل واحدة تقص عن عملها وإنجازاتها، والأخرى عن نشاطاتها الاجتماعية، والثالثة عن تجربتها التجميلية الأخيرة، وحين سألتها إحداهن عن ماذا تفعل في حياتها الآن، شعرت بغصة في حلقها، وقالت بصوت محرج »أنا ما زلت ربة منزل«، لتنهال عليها نظرات الإشفاق وتنهيدات التعاطف.. يا إلهي ما أسوأ أن تكوني مجرد أم.
عصفت المتغيرات بمجتمعنا لتقتلع منه أشياء جذرية، فلم يكن شائعا سؤال أي سيدة عن ماذا تعمل، أو (انتي ايش بتسوي)، والذي أصبح الآن سؤالا عاديا حتى لمن هن من الجيل السابق. فتجد امرأة في الأربعين ينهال عليها هذا السؤال من كل حدب وصوب، وهي التي ضحت بـ»معيدية« الجامعة من أجل أن تتفرغ لزوجها كثير التنقل بسبب ظروف عمله، ولأولادها الذين ربتهم أروع وأجمل تربية، ليصفعها هذا السؤال كل مرة فيشعرها في دقيقة واحدة بأنها ضيعت عمرها، وأن زوجها ربما سيبدأ بمقارنتها بفلانة التي نالت الدكتوراه، وعلانة التي لمع اسمها في أكثر من مجال، وأولادها الذين بدؤوا حين يناقشونها يغمزون لبعضهم، ويحاولون مغافلتها في بعض الأمور، فهي في النهاية بالنسبة لهم مجرد أم وربة منزل.
وعليه، أصبح قرار التفرغ للأمومة قرارا صعبا، فما بين رغبتها الفطرية في إعطاء أمومتها وكينونتها الأنثوية حقها، وما بين قساوة القوانين العملية التي تنظر لسنوات تفرغها لبيتها حتى يكبر أولادها بازدراء، تشعر الأم بالحيرة والضياع، خاصة أننا دولة لا توفر لها راتبا يشعرها بالاكتفاء والأمان، ويمنع عنها الشعور بالضغط والخوف من المستقبل غير المضمون.
لكل أم، أدعوك بكل قوة وعنفوان وكبرياء لأن تنفضي عنك أي شعور بالنقص أو الإحساس بأنك »مجرد أم«، انظري لأطفالك بكل حب، واعلمي أنهم أجمل استثمار للمستقبل، لا تقارني نفسك بأحد، ولا تنظري لجسدك بحسرة، فالسهل الخصيب يقول هنا حياة، وأما المسطحات فاستواؤها يوحي بجدب الصحراء. استمتعي، نعم استمتعي بحقك في أن تمرغي أحبابك في أحضانك، استمتعي بأن تشعري بحاجتهم إليك، استمتعي بـ»الانغراق« في لحظاتك معهم، فلك الحق في ألا تفكري في أبعد من تلك اللحظة لأنها لا تعوض، وما عدا ذلك فسهل تعويضه، عيشي معهم ولا تعيشي لهم، كوني معهم، ولا تكوني فقط لهم، فهم سيتعلمون من ذلك الثقة بالنفس وحق إثبات الذات، واعلمي أن أما سعيدة تعني عائلة سعيدة وأطفالا سعداء، لذا أرجوك أسعدي نفسك.