دعاة الفتنة يخرقون سفينة الوطن!
الثلاثاء - 22 مارس 2016
Tue - 22 Mar 2016
هذا المصطلح يأخذ جانبا تاريخيا في الثقافة العربية والإسلامية ويحمل شحنة هائلة من الكراهية والدعوة إلى النفور من هؤلاء الذين يصنفون بأنهم دعاة فتنة، وهم الذين يعمدون إلى تجريم المخالفين دينيا أو مذهبيا، ويحرضون عليهم ويثيرون الناس على المخالف حتى يتم إبعاده والتضييق عليه اجتماعيا، ولكن عندما يتعارض هدف دعاة الفتنة مع مصلحة السياسة ينعكس التجريم عليهم ويؤخذون به، ولهذا السبب صار مصطلح دعاة الفتنة في التاريخ الثقافي القديم وحتى في الحديث حمال أوجه، وأصبح كل يبتعد عنه ويحذر منه ويلقيه على خصمه.
وكل جماعة أو حتى فرد ينكر أنه ممن يدعون إلى الفتنة، بل هو حمامة سلام وداعية إصلاح، وسبب البراءة من هذا المصطلح اليوم أن الرابط الاجتماعي المعتبر في القديم كان هو رابط الدين أو رابط المذهب، والرؤية الفقهية ليست مستقلة، وليس هناك رابط غيرهما يمكن التعويل عليه، ولذا لا يريد أحد أن يوصم بأنه مثير فتنة بين الناس، وأما في العصر الحديث، وبعد قيام الدول القطرية في العالم، فقد أصبح الرابط العام للعلاقات الاجتماعية ليس الدين فحسب، وليس المذهب فقط، لكن حلت محلهما أو معهما روابط كثيرة، أهمها المواطنة، حيث ينتمي كل سكان الدولة القطرية إلى رابط الوطن الذي يعيشون فيه، ويحملون هويته وإن تعددت أديانهم ومذاهبهم وتنوعت روابطهم الأخرى.
وباختلاف المضمون اختلف استعمال المصطلح، إذ لم يعد دعاة الفتنة هم دعاتها للدين ولا دعاتها للمذهب، بل كل دعوة تميز بين أبناء الوطن أصبحت بالعرف الاجتماعي الجديد وبالقانون العام هي دعوة فتنة، ذلك المتغير في الدلالة قد أعطى الحكم الذي كان له خاصا لكل ما شابهه في المضمون، كما أصبح من المسموع كثيرا مصطلح مرادف حديث، هم دعاة الكراهية بدل دعاة الفتنة، وكل القوانين في العالم في هذا العصر تجرم الدعوة على أي مستوى لما يدل على التمييز والتفريق بين الناس على أساس أشكالهم أو أجناسهم أو ثقافاتهم أو مذاهبهم وأديانهم، لأن كل تلك الدعوات تفرق ما اجتمع من شمل المواطنة، وتحدث التنافر والخلاف، وتبعد أسباب الانسجام في بنية المجتمع الواحد الذي تسعى الدولة القطرية إلى احترام تعدده واختلافه، لكي لا يعارض المواطنة وحقوقها المشروعة.
وأهم من كل ذلك، فإن الدعوة إلى أي مذهب أو دين، أو الانتصار للون أو عرق هو في النهاية خرق في سفينة الوحدة الوطنية، وإعلان حرب على السلم الاجتماعي، غير مقبول عند كل الأمم التي تسعى للسلام والأمن والاستقرار. ودعاة الفتنة الذين ينطبق عليهم المعنى المراد قد لا يعرفون خطورة دعوتهم وقبح مطالبهم، ولكنهم يدفعون بميل طبعهم وتمكن الأنانية في نفوسهم، وتحكم الأهواء فيهم وغلبة الرغبات في كثرة الجمع، والتفاف الأعوان وزيادة الشعبية التي يسعون لها ويحاولون المحافظة عليها فيلجؤون للتصنيف.
كيف نعرف أن هذا المرء أو ذاك من دعاة الفتنة في الدين، وكيف نعرف أن كلام فلان أو علان يخرق سفينة الوحدة، وتنخر أقواله أو أفعاله بالسلم الاجتماعي، وكيف نجرم دعوتهم إذا صادفتنا في الطريق؟ وما أكثر ما نصادف منها في كل حياتنا في الدين وفي المذهب وفي السلم الاجتماعي.
معرفتهم سهلة، فإذا سمعت من يقول: إن رأيه في المذهب الذي يراه هو الحق وما عداه باطل ومن خالفه ضال، ومن قال بغير ما يقول به قد خرج على المتفق عليه، وأن الجماعة الصالحة هي جماعته، والرأي المصيب رأيه، إن عرفت هذا الإنسان وأمثاله فاعلم أنه من دعاة الفتنة إن لم يكن من أربابها.
إذا وجدت من يقول إن جنسه أو لونه أو موقعه الاجتماعي الذي يتمتع به يميزه عمن سواه من الناس الذين لا يشاكلونه باللون والجنس، ولا يحصلون على الموقع الاجتماعي الذي حصل عليه، فاعلم أنه من دعاة الفتنة بل من أساطين دعاتها.
إذا وقعت وما أكثر ما تقع على إنسان يرى أن نفسه أو قرابته أو إقليمه ومنطقته أفضل من غيرهم وأحق وأولى من سواهم من أبناء الوطن المشاركين فيه، فاعلم أنه من دعاة الفتنة ولو ظهر لك بمسوح الرهبان ونسك الزاهدين.
إذا رأيت - وما أكثر ما ترى - من يقدم لك قوائم وشرائح للمجتمع الذي تعيش فيه، ويعنون كل شريحة يقدمها إليك بعنوان مذهبها أو فكرها أو جنسها أو وضعها الاجتماعي بقوله أو فعله، فاعلم أن هذا رأس من رؤوس الفتنة، ومحور من محاور البغضاء، وآفة ضارة تحتاج إلى العلاج.
[email protected]
وكل جماعة أو حتى فرد ينكر أنه ممن يدعون إلى الفتنة، بل هو حمامة سلام وداعية إصلاح، وسبب البراءة من هذا المصطلح اليوم أن الرابط الاجتماعي المعتبر في القديم كان هو رابط الدين أو رابط المذهب، والرؤية الفقهية ليست مستقلة، وليس هناك رابط غيرهما يمكن التعويل عليه، ولذا لا يريد أحد أن يوصم بأنه مثير فتنة بين الناس، وأما في العصر الحديث، وبعد قيام الدول القطرية في العالم، فقد أصبح الرابط العام للعلاقات الاجتماعية ليس الدين فحسب، وليس المذهب فقط، لكن حلت محلهما أو معهما روابط كثيرة، أهمها المواطنة، حيث ينتمي كل سكان الدولة القطرية إلى رابط الوطن الذي يعيشون فيه، ويحملون هويته وإن تعددت أديانهم ومذاهبهم وتنوعت روابطهم الأخرى.
وباختلاف المضمون اختلف استعمال المصطلح، إذ لم يعد دعاة الفتنة هم دعاتها للدين ولا دعاتها للمذهب، بل كل دعوة تميز بين أبناء الوطن أصبحت بالعرف الاجتماعي الجديد وبالقانون العام هي دعوة فتنة، ذلك المتغير في الدلالة قد أعطى الحكم الذي كان له خاصا لكل ما شابهه في المضمون، كما أصبح من المسموع كثيرا مصطلح مرادف حديث، هم دعاة الكراهية بدل دعاة الفتنة، وكل القوانين في العالم في هذا العصر تجرم الدعوة على أي مستوى لما يدل على التمييز والتفريق بين الناس على أساس أشكالهم أو أجناسهم أو ثقافاتهم أو مذاهبهم وأديانهم، لأن كل تلك الدعوات تفرق ما اجتمع من شمل المواطنة، وتحدث التنافر والخلاف، وتبعد أسباب الانسجام في بنية المجتمع الواحد الذي تسعى الدولة القطرية إلى احترام تعدده واختلافه، لكي لا يعارض المواطنة وحقوقها المشروعة.
وأهم من كل ذلك، فإن الدعوة إلى أي مذهب أو دين، أو الانتصار للون أو عرق هو في النهاية خرق في سفينة الوحدة الوطنية، وإعلان حرب على السلم الاجتماعي، غير مقبول عند كل الأمم التي تسعى للسلام والأمن والاستقرار. ودعاة الفتنة الذين ينطبق عليهم المعنى المراد قد لا يعرفون خطورة دعوتهم وقبح مطالبهم، ولكنهم يدفعون بميل طبعهم وتمكن الأنانية في نفوسهم، وتحكم الأهواء فيهم وغلبة الرغبات في كثرة الجمع، والتفاف الأعوان وزيادة الشعبية التي يسعون لها ويحاولون المحافظة عليها فيلجؤون للتصنيف.
كيف نعرف أن هذا المرء أو ذاك من دعاة الفتنة في الدين، وكيف نعرف أن كلام فلان أو علان يخرق سفينة الوحدة، وتنخر أقواله أو أفعاله بالسلم الاجتماعي، وكيف نجرم دعوتهم إذا صادفتنا في الطريق؟ وما أكثر ما نصادف منها في كل حياتنا في الدين وفي المذهب وفي السلم الاجتماعي.
معرفتهم سهلة، فإذا سمعت من يقول: إن رأيه في المذهب الذي يراه هو الحق وما عداه باطل ومن خالفه ضال، ومن قال بغير ما يقول به قد خرج على المتفق عليه، وأن الجماعة الصالحة هي جماعته، والرأي المصيب رأيه، إن عرفت هذا الإنسان وأمثاله فاعلم أنه من دعاة الفتنة إن لم يكن من أربابها.
إذا وجدت من يقول إن جنسه أو لونه أو موقعه الاجتماعي الذي يتمتع به يميزه عمن سواه من الناس الذين لا يشاكلونه باللون والجنس، ولا يحصلون على الموقع الاجتماعي الذي حصل عليه، فاعلم أنه من دعاة الفتنة بل من أساطين دعاتها.
إذا وقعت وما أكثر ما تقع على إنسان يرى أن نفسه أو قرابته أو إقليمه ومنطقته أفضل من غيرهم وأحق وأولى من سواهم من أبناء الوطن المشاركين فيه، فاعلم أنه من دعاة الفتنة ولو ظهر لك بمسوح الرهبان ونسك الزاهدين.
إذا رأيت - وما أكثر ما ترى - من يقدم لك قوائم وشرائح للمجتمع الذي تعيش فيه، ويعنون كل شريحة يقدمها إليك بعنوان مذهبها أو فكرها أو جنسها أو وضعها الاجتماعي بقوله أو فعله، فاعلم أن هذا رأس من رؤوس الفتنة، ومحور من محاور البغضاء، وآفة ضارة تحتاج إلى العلاج.
[email protected]