بوتين.. قيصر في الكرملين وليس في بساتين الأمويين
الثلاثاء - 22 مارس 2016
Tue - 22 Mar 2016
كما كان قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل العسكري في سوريا مفاجئا فقد جاء قراره بالانسحاب من سوريا مفاجئا أيضا.. مما يؤكد أن قراره بالتدخل أساسا كان قرارا مرتجلا لم يحسب فيه تبعات ذلك القرار والمأزق الذي يدخل نفسه فيه.. لم يدرك بوتين مدى التعقيد في الأزمة السورية، ولم يقرأ وضع المنطقة قراءة دقيقة تمكنه من معرفة حساسيتها ورؤية خطورتها وإمكانية الاحتراق بنارها، وذلك بسبب قيصريته المرتكزة على عظمة إمبراطورية كانت، ومجد قد هوى، واستصغاره واستضعافه لدول المنطقة ذات العلاقة المباشرة بالأزمة السورية..
حاول بوتين التدخل سياسيا في البداية لحل الأزمة السورية من خلال وزير خارجيته الثعلب سيرجي لافروف، ورحلاته المكوكية واجتماعاته بالمسؤولين في دول المنطقة.. وعندما لم يجد تجاوبا مع أطروحاته ومرئياته.. أو بالأصح عندما لم تنصع دول المنطقة لرغباته ظن أنه يستطيع فرض رؤاه بالقوة فحرك طائراته وبوارجه وجنوده ليخلق الواقع الذي ارتأى، والوضع الذي أراد، ولم يدر بخلده أنه يدخل مستنقعا لا قدرة له عليه، وأن دول المنطقة التي استصغر قادرة على إفهامه ما فاته، وجعله يدرك حقيقته وحقيقتهم، وأنه القيصر في موسكو والكرملين وليس في دمشق وبساتين الأمويين..
كان بوتين قد أدرك خطأ قراره بمجرد وصول قواته إلى ساحات القتال في سوريا، ومعرفة قواته بشراسة الأطراف التي كان عليها مواجهتها، وإصرار تلك الأطراف على تحقيق أهدافها وإسقاط الطاغية بشار الأسد من على كرسيه، وإزالة نظامه بأي ثمن أقله أرواحهم.. كانت تلك إرادة الشعب السوري الحر، وعندما تريد الشعوب يكون واهما من يظن أنه قادر على خنقها وقتل إرادتها، ولن تستطيع أي أسلحة كسر تصميمها والوقوف أمام تطلعاتها، هذا ما لم يدركه بوتين، وربما هو نسي ما حصل في فيتنام من انتصار شعب أعزل على قوة عظمى وآلة عسكرية أمريكية جبارة ولم يتعلم منها.
ساهم وبقوة في مأزق بوتين انخفاض أسعار النفط المرتب بحنكة وذكاء فلم يستطع الاستمرار في تمويل عسكره في سوريا من خزينة عاجزة عن تغطية متطلباته الأساسية في إمبراطوريته، وخشي من تململ شعبه من العجز المتفاقم واستغلال خصومه السياسيين لورطته، لكن الخوف الحقيقي وإدراك عمق المستنقع قد تأكد لدى بوتين عند احتكاكه بتركيا، وإسقاط تركيا للطائرة الروسية المقاتلة في أجوائها، عندها فقط أدرك بوتين أنه قد أدخل نفسه في عش الدبابير، وأنه لا يمكنه الحفاظ على كرامة بلاده وهيبة جيشه من دون مواجهة مع تركيا وحلفائها، الأمر الذي سيؤدي بدون شك إلى تفجير الوضع في المنطقة وربما العالم وهو عاجز عن تحمل ذلك، فكان عليه أن يقرر الانسحاب ويحتفظ بما تبقى من ماء الوجه، حتى إنه لم يرد على تلك العملية وما لحقه من إذلال، ولم يصدق أن واتته الفرصة بتعنت وفد النظام السوري في مفاوضات جنيف - لتظهر كذريعة لانسحابه رغم ضعفها - ليضع ذيله بين رجليه ويأمر بانسحاب «معظم قواته» من المشهد السوري.
سيد بوتين، الكبير ليس بمساحة أرضه وتعداد قواته وتنوع أسلحته، الكبير كبير بإرادته وعزيمته وتصميمه وإصراره، (وبعقله وحنكته ودهائه)، والشاطر من يضحك أخيرا.
[email protected]
حاول بوتين التدخل سياسيا في البداية لحل الأزمة السورية من خلال وزير خارجيته الثعلب سيرجي لافروف، ورحلاته المكوكية واجتماعاته بالمسؤولين في دول المنطقة.. وعندما لم يجد تجاوبا مع أطروحاته ومرئياته.. أو بالأصح عندما لم تنصع دول المنطقة لرغباته ظن أنه يستطيع فرض رؤاه بالقوة فحرك طائراته وبوارجه وجنوده ليخلق الواقع الذي ارتأى، والوضع الذي أراد، ولم يدر بخلده أنه يدخل مستنقعا لا قدرة له عليه، وأن دول المنطقة التي استصغر قادرة على إفهامه ما فاته، وجعله يدرك حقيقته وحقيقتهم، وأنه القيصر في موسكو والكرملين وليس في دمشق وبساتين الأمويين..
كان بوتين قد أدرك خطأ قراره بمجرد وصول قواته إلى ساحات القتال في سوريا، ومعرفة قواته بشراسة الأطراف التي كان عليها مواجهتها، وإصرار تلك الأطراف على تحقيق أهدافها وإسقاط الطاغية بشار الأسد من على كرسيه، وإزالة نظامه بأي ثمن أقله أرواحهم.. كانت تلك إرادة الشعب السوري الحر، وعندما تريد الشعوب يكون واهما من يظن أنه قادر على خنقها وقتل إرادتها، ولن تستطيع أي أسلحة كسر تصميمها والوقوف أمام تطلعاتها، هذا ما لم يدركه بوتين، وربما هو نسي ما حصل في فيتنام من انتصار شعب أعزل على قوة عظمى وآلة عسكرية أمريكية جبارة ولم يتعلم منها.
ساهم وبقوة في مأزق بوتين انخفاض أسعار النفط المرتب بحنكة وذكاء فلم يستطع الاستمرار في تمويل عسكره في سوريا من خزينة عاجزة عن تغطية متطلباته الأساسية في إمبراطوريته، وخشي من تململ شعبه من العجز المتفاقم واستغلال خصومه السياسيين لورطته، لكن الخوف الحقيقي وإدراك عمق المستنقع قد تأكد لدى بوتين عند احتكاكه بتركيا، وإسقاط تركيا للطائرة الروسية المقاتلة في أجوائها، عندها فقط أدرك بوتين أنه قد أدخل نفسه في عش الدبابير، وأنه لا يمكنه الحفاظ على كرامة بلاده وهيبة جيشه من دون مواجهة مع تركيا وحلفائها، الأمر الذي سيؤدي بدون شك إلى تفجير الوضع في المنطقة وربما العالم وهو عاجز عن تحمل ذلك، فكان عليه أن يقرر الانسحاب ويحتفظ بما تبقى من ماء الوجه، حتى إنه لم يرد على تلك العملية وما لحقه من إذلال، ولم يصدق أن واتته الفرصة بتعنت وفد النظام السوري في مفاوضات جنيف - لتظهر كذريعة لانسحابه رغم ضعفها - ليضع ذيله بين رجليه ويأمر بانسحاب «معظم قواته» من المشهد السوري.
سيد بوتين، الكبير ليس بمساحة أرضه وتعداد قواته وتنوع أسلحته، الكبير كبير بإرادته وعزيمته وتصميمه وإصراره، (وبعقله وحنكته ودهائه)، والشاطر من يضحك أخيرا.
[email protected]