تبا لك يا «سناب تشات»!
يمين الماء
يمين الماء
الاثنين - 21 مارس 2016
Mon - 21 Mar 2016
بدلا من سور صغير وحديقة أمامية، أغلقنا أبوابنا وبيوتنا علينا، وضعنا كتل الإسمنت في الأمام وأسوارا من حديد ممتدة تصل للسماء بيننا وبين جيراننا، لكننا فتحنا «سناب تشات» ليظهر ما أخفيناه، ثم هجرنا حدائق بيوتنا الأمامية والخلفية حتى مسمى الحديقة الخلفية هجرناه لنسميها أحواش من أثر الهجران والبلاط والغبار والرمل، لكننا صورنا بيوتنا من الداخل في «سناب تشات»، فما ندري الصواب أين؟! خجلنا من الناس التي تدخل بيوتنا فضاقت أعيننا منهم، فاستأجرنا استراحات للأهل والأصدقاء بعيدا عن بيوتنا، وفتحنا بيوتنا الـ»سناب تشات» للغرباء الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم، وصاروا يحفظون عن ظهر قلب كل قطع الأثاث في البيت، وانعزلنا عن الناس الذي نعرفهم والحقيقيين واختلطنا عبر الأجهزة مع الناس الافتراضيين! واضحكوا معي علي وعليكم، حرمنا صوت المرأة في حديثها المسؤول في الشارع، مع البائع لتخاصم بالسعر فلا يغشها أحد، وتكلمت المرأة في «سناب تشات» للناس، تكلمت للبائع والمشتري والشاب العاطل وغيره، فضاع التحريم بين ما يجب لما لا يجب! غابت مواهب الشباب والبنات في الجمعيات والمنتديات الحية، وجمعيات المدارس ونقابات المهن والمسارح والمراسم الفنية، وظهرت - بطريقة مشروعة وغير مشروعة - في «سناب تشات»، فمن الميك أب، للبائع والمسوقات، والرسامات بل وترويج المخدرات (قبضت قبل أيام مكافحة المخدرات على مروج من خلال برنامج «سناب تشات»)، وكل مجنون يغني على جنون ليلاه، فالصواب كيف ومتى لم يظهر لي ولكم! حرمنا على الأطفال الحديث باحترام أو بدونه - في حضرة الكبار، وقلنا لهم «العبوا هناك» بعيدا عنا، وقلنا لهم: إذا تكلم الكبار اصمتوا، وقلنا لهم أيضا: أنتم لا تفهمون، فتحدث الأطفال في «سناب تشات»، فأنصت لهم الطفل والكبير وذو الميول المختلفة (الحسنة والسيئة والشاذة) ولا نعرف بالضبط ما تريد بنا هذه المأفونة المدعوة: سوشل ميديا! سافرنا ولم نخبر أهلنا وذوينا، وأخبرنا العالم كله إلا هم عن طريق «سناب تشات»، وعلموا من الناس بعد الناس! وإن طلب أحد مني أو منكم الصواب حقا، فوالله إننا نعرفه جيدا، لكن قيدتنا القيود التي نعرفها ولا ننطق بها.