لماذا إغلاق التموينات الصغيرة قرار كارثي؟
الاثنين - 21 مارس 2016
Mon - 21 Mar 2016
تخيل يا صديقي - المتحمس لقرار الإغلاق - أنك مريض بحمى بأعراضها المعتادة، حرارة وزكام وأنف لا يتوقف كشلالات نياقرا، قررت أن تذهب للطبيب بالمستوصف الأهلي على قارعة الطريق. وبدل أن يعطيك خافض حرارة، قرر حلا أثار فضولك: أخرج سكينا، وقرر نحرك من الوريد للوريد، والطبيب يحاول إقناعك، وهو يحد شفرته، أنك لن تعاني أبدا من الحرارة بعد اليوم أو الزكام! عمليا.. كلامه صحيح، لن تعاني لأنك ستموت! فالطبيب الأحمق هنا فعلا أنهى جميع الأعراض، لكن على حساب مشكلة أكبر وهي زوال نفس بشرية!
المتحمس لإغلاق التموينات الصغيرة نظرا لبعض الأعراض البسيطة، كضعف السعودة أو عدم نظافتها، هو مثل صاحبنا الطبيب تماما!! الإغلاق يعني أنك نحرت مصدر الدخل شبه الوحيد لكثير من العوائل ذات الدخل المحدود التي تقتات على شيء من فتات. إذن يا صديقي الإغلاق ليس حلا، وإنما معالجة هذه الأعراض - ضعف السعودة وعدم تنظيمها وغيرهما - بتشديد الرقابة أولا وبتفعيل سعودتها ثانيا، تماما كما حصل في قرار سعودة محلات الجوالات وسوق الخضار قبلها.
الديباجة السابقة موجهة للإنسان البسيط ليفهم كارثية قرار مجلس الشورى بإغلاق التموينات الصغيرة. ولأن بعض أعضاء مجلس الشورى لا يفهمون لغتنا، لغة الشارع، ومعاناة الشارع، ودموع الشارع، فلا بد من تغيير الأسلوب المتبع هنا من مثال لطبيب محلي، لننتقل سويا لطريق 122 الملاصق لوالمارت، والذي يقع في العاصمة واشنطن، حتى يرى عضو مجلس الشورى الموقر أن بيت الخبرة الأمريكي يقول له كذلك: إغلاق التموينات الصغيرة كارثي!
البداية بمنظمة إس بي اي Small Business Administration، وهي منظمة أمريكية حكومية تعد أكبر مركز بالعالم لدعم المشاريع الصغيرة. يتبع لها جيش موظفين يزيد على 3000، ولديها 1000 فرع منتشر كالسرطان في جميع مدن أمريكا وقراها، ولها ميزانية سنوية تقترب من الثلاثة مليارات، ويهتم بها أوباما شخصيا ويدعمها دوريا ويقدم لها كل التسهيلات. ما زلت تسأل لماذا يهتم البيت الأبيض بدعم هذه المؤسسة تحديدا؟ أدع الجواب لماريا كونتريراس، وهي المديرة العامة لهذه المنظمة، حيث تقول الأرقام والإحصائيات إن المنظمات الصغيرة (وهي التي يعمل بها من موظف واحد إلى 25) توظف في أمريكا أكثر من 50% من العاملين! وهذه نسبة خرافية تفسر لك الاهتمام الاستثنائي من أوباما وإدارته لهذه المنظمة.
إذن من يخدم قرار إغلاق التموينات الصغيرة؟ يخدم فقط، ولا بد من الصراحة، الهوامير أصحاب المحلات الكبرى، ويضعف روح المنافسة ويعزز سوق الاحتكار، الذي نعاني منه من الأساس! وحتى نبدأ بتصديق حسن النوايا، لماذا لم يبدأ القرار بالسعودة 100 % للتموينات الكبرى والسوبرماركات وبعدها يعود على المساكين أصحاب محلات الفتحة الواحدة؟
مثل هذه الأفكار والقرارات الكارثية تعتمد على نظرية اقتصادية فاشلة اسمها تريكل داون، Trickle-down economics، ملخصها أنك إذا منحت ثروة أكثر للأغنياء - قرار إغلاق التموينات يدعم هذه الفرضية - سوف يعود ذلك لاحقا على الفقراء، وأكثر من تصدى لها الاقتصادي الأمريكي الكبير هاجون شانق، في كتابه الاقتصادي Economics، وعراها أمام الملأ، وأنها نظرية فاشلة نظريا، وأثبتت فشلها أكثر عمليا في دول تبنتها، لأنهم اكتشفوا لاحقا أن الذي حصل: الغني ازداد غنى، والفقير ازداد فقرا! ختاما، لعضو مجلس الشورى صاحب الفكرة: (خاف الله في هؤلاء الضعفاء!).
[email protected]
المتحمس لإغلاق التموينات الصغيرة نظرا لبعض الأعراض البسيطة، كضعف السعودة أو عدم نظافتها، هو مثل صاحبنا الطبيب تماما!! الإغلاق يعني أنك نحرت مصدر الدخل شبه الوحيد لكثير من العوائل ذات الدخل المحدود التي تقتات على شيء من فتات. إذن يا صديقي الإغلاق ليس حلا، وإنما معالجة هذه الأعراض - ضعف السعودة وعدم تنظيمها وغيرهما - بتشديد الرقابة أولا وبتفعيل سعودتها ثانيا، تماما كما حصل في قرار سعودة محلات الجوالات وسوق الخضار قبلها.
الديباجة السابقة موجهة للإنسان البسيط ليفهم كارثية قرار مجلس الشورى بإغلاق التموينات الصغيرة. ولأن بعض أعضاء مجلس الشورى لا يفهمون لغتنا، لغة الشارع، ومعاناة الشارع، ودموع الشارع، فلا بد من تغيير الأسلوب المتبع هنا من مثال لطبيب محلي، لننتقل سويا لطريق 122 الملاصق لوالمارت، والذي يقع في العاصمة واشنطن، حتى يرى عضو مجلس الشورى الموقر أن بيت الخبرة الأمريكي يقول له كذلك: إغلاق التموينات الصغيرة كارثي!
البداية بمنظمة إس بي اي Small Business Administration، وهي منظمة أمريكية حكومية تعد أكبر مركز بالعالم لدعم المشاريع الصغيرة. يتبع لها جيش موظفين يزيد على 3000، ولديها 1000 فرع منتشر كالسرطان في جميع مدن أمريكا وقراها، ولها ميزانية سنوية تقترب من الثلاثة مليارات، ويهتم بها أوباما شخصيا ويدعمها دوريا ويقدم لها كل التسهيلات. ما زلت تسأل لماذا يهتم البيت الأبيض بدعم هذه المؤسسة تحديدا؟ أدع الجواب لماريا كونتريراس، وهي المديرة العامة لهذه المنظمة، حيث تقول الأرقام والإحصائيات إن المنظمات الصغيرة (وهي التي يعمل بها من موظف واحد إلى 25) توظف في أمريكا أكثر من 50% من العاملين! وهذه نسبة خرافية تفسر لك الاهتمام الاستثنائي من أوباما وإدارته لهذه المنظمة.
إذن من يخدم قرار إغلاق التموينات الصغيرة؟ يخدم فقط، ولا بد من الصراحة، الهوامير أصحاب المحلات الكبرى، ويضعف روح المنافسة ويعزز سوق الاحتكار، الذي نعاني منه من الأساس! وحتى نبدأ بتصديق حسن النوايا، لماذا لم يبدأ القرار بالسعودة 100 % للتموينات الكبرى والسوبرماركات وبعدها يعود على المساكين أصحاب محلات الفتحة الواحدة؟
مثل هذه الأفكار والقرارات الكارثية تعتمد على نظرية اقتصادية فاشلة اسمها تريكل داون، Trickle-down economics، ملخصها أنك إذا منحت ثروة أكثر للأغنياء - قرار إغلاق التموينات يدعم هذه الفرضية - سوف يعود ذلك لاحقا على الفقراء، وأكثر من تصدى لها الاقتصادي الأمريكي الكبير هاجون شانق، في كتابه الاقتصادي Economics، وعراها أمام الملأ، وأنها نظرية فاشلة نظريا، وأثبتت فشلها أكثر عمليا في دول تبنتها، لأنهم اكتشفوا لاحقا أن الذي حصل: الغني ازداد غنى، والفقير ازداد فقرا! ختاما، لعضو مجلس الشورى صاحب الفكرة: (خاف الله في هؤلاء الضعفاء!).
[email protected]