أين الإرادة والهدف يا وزراء الإعلام؟
الخميس - 17 مارس 2016
Thu - 17 Mar 2016
عقد وزراء الإعلام في دول مجلس التعاون الخليجي الست اجتماعا خلال الأيام القليلة الماضية في الرياض وناقشوا أهمية إطلاق شبكة إعلامية مشتركة لتقديم المعلومات الدقيقة والصادقة عن كل القضايا الداخلية والخارجية إلى جانب التصدي لقطاع من الإعلام الخارجي المعادي.
وساند وزير الإعلام الكويتي سلمان آل صباح الفكرة، وقال إن الإعلام الخليجي يجب أن يلعب دورا مؤثرا وفاعلا على ضوء القضايا الحالية الشائكة والحساسة في المنطقة.
وشدد الوزراء على أنهم سيتخذون الإجراءات القانونية الملائمة ضد كل من تسول له نفسه الإساءة إلى دول المجلس.
والمراقبون للشأن الإعلامي في دول مجلس التعاون الخليجي قد نسوا تقريبا عدد المرات التي اجتمع فيها وزراء الإعلام خلال الثلاثين عاما الماضية والموضوعات الكثيرة والمتشعبة التي ناقشوها.
ولكن إذا كنت -عزيزي القارئ- متابعا فإنه لم يحدث أي تغيير في مواقف الإعلام الخارجي تجاهنا طوال كل هذه السنوات، بل لعلها ازدادت سوءا.
وما زلنا في دول المنطقة نعاني نفس المشاكل المتداعية منذ أن غزا الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت عام 1990 والتي زادت وتأصلت في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي دمر كل المنشآت الحيوية وخلخل البنية الاجتماعية لدرجة أصبح معها العراق دولة فاشلة وخارجة عن القانون، وأصبح الآن لدينا كل أنواع المنظمات الإرهابية التي تستخدم كل وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم المنحرفة.
وفي غضون ذلك، قام المتطرفون الإسلاميون بإنشاء محطاتهم التلفزيونية وقنواتهم الفضائية الخاصة التي تنشر ثقافة الكراهية وإقصاء المذاهب الأخرى والدعوة للقتل والتخريب.
ومن جهة أخرى، فلدينا عدد من القنوات الترفيهية التي تدغدغ المشاعر وتلهب الأحاسيس وتجعل الناس غير مبالين بالقضايا التي تدور من حولهم، بل وتكسبهم المناعة ضد التفاعل مع أية مصيبة تحل بالشعوب العربية.
وفي هذه الأثناء، توارت القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب والمسلمين الأولى، وذهبت طي النسيان.
وحتى نحن في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحنا غير مبالين بكل المخاطر المحدقة، ولم نعد نهتم بالأمور الصعبة التي تواجهنا مثل ندرة المياه، والتلوث، والزيادة السكانية في مناطق جغرافية وعرة، وموضوع تناقص النفط، والبحث عن الطاقة البديلة وغيرها من موضوعات ساخنة.
وكان على السلطات في الدول الخليجية التركيز على هذه الموضوعات وإشراك الخبراء المعنيين في مناقشتها ومحاولة إيجاد حلول لها.
أما بالنسبة لتعهد الوزراء باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يجرؤ على إهانة دول مجلس التعاون فليسمحوا لي بالسؤال: ما هي الإهانة وكيف نعرفها؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها دول المجلس لملاحقة المهينين ومعاقبتهم؟ وما هي المحاكم التي سيلجؤون إليها؟
وليس صعبا أن تقوم دول المجلس مجتمعة بحظر المطبوعات أو رفض منح التأشيرات للصحفيين المعادين، لكن كيف ستعمل تجاه الشبكات التلفزيونية الكبرى مثل سي إن إن، وبي بي سي، وفوكس وغيرها التي تتمتع بالذكاء والخبث في آن واحد؟
وستزداد الإهانات، وبدل أن تكون هناك إساءة واحدة سيرتفع العدد إلى عشر أو أكثر، فهل سنرفع القضايا أمام المحاكم في كل دول العالم؟
ويجب ألاّ ننسى حقيقة واضحة، وهي أن كل وسائل الإعلام في الخارج ذات ملكية خاصة، وهي لا تمثل الدول التي توجد بها بل يمثلون أنفسهم فقط، وربما أيضا المصالح الصهيونية، ومعلوم أن الإعلام الخارجي أقوى بكثير من الإعلام الحكومي.
لقد طالبت كثيرا بإنشاء قناة تلفزيونية عالمية تكون حرة، ومستقلة، وعادلة، ودقيقة وغير دعائية، لكن ذهبت مطالباتي أدراج الرياح ولم تجد أذنا صاغية.
ونظرة سريعة إلى بعض القنوات الفاعلة والمؤثرة مثل سي سي تي في، وإن إتش كي، وفرنسا 24، ودو تش ويلي، وإن دي تي في، ودون ويورو نيوز، وروسيا اليوم نجد أنها تبث باللغتين العربية والإنجليزية من دول لا تتحدث أيا من اللغتين، ومع هذا فهي قنوات فاعلة ومؤثرة.
وليس صعبا أن نجد الإجابة على السؤال: كيف ولماذا استطاعت هذه القنوات فعل كل ما تقوم به؟ وكل ما هناك أنها تتمتع بالإرادة القوية ولها أهداف واضحة ومحددة تسعى إلى تحقيقها. وبالطبع فإن هذه القنوات تعج بالمواهب الإعلامية الساطعة.
ونحن في دول مجلس التعاون الخليجي لا تنقصنا المواهب أو الخبرات. وكل ما علينا هو البحث عن هذه المواهب الدفينة واكتشافها كما علينا أيضا التمتع بقوة العزيمة وتحديد الهدف الواضح.
[email protected]
وساند وزير الإعلام الكويتي سلمان آل صباح الفكرة، وقال إن الإعلام الخليجي يجب أن يلعب دورا مؤثرا وفاعلا على ضوء القضايا الحالية الشائكة والحساسة في المنطقة.
وشدد الوزراء على أنهم سيتخذون الإجراءات القانونية الملائمة ضد كل من تسول له نفسه الإساءة إلى دول المجلس.
والمراقبون للشأن الإعلامي في دول مجلس التعاون الخليجي قد نسوا تقريبا عدد المرات التي اجتمع فيها وزراء الإعلام خلال الثلاثين عاما الماضية والموضوعات الكثيرة والمتشعبة التي ناقشوها.
ولكن إذا كنت -عزيزي القارئ- متابعا فإنه لم يحدث أي تغيير في مواقف الإعلام الخارجي تجاهنا طوال كل هذه السنوات، بل لعلها ازدادت سوءا.
وما زلنا في دول المنطقة نعاني نفس المشاكل المتداعية منذ أن غزا الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت عام 1990 والتي زادت وتأصلت في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي دمر كل المنشآت الحيوية وخلخل البنية الاجتماعية لدرجة أصبح معها العراق دولة فاشلة وخارجة عن القانون، وأصبح الآن لدينا كل أنواع المنظمات الإرهابية التي تستخدم كل وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارهم المنحرفة.
وفي غضون ذلك، قام المتطرفون الإسلاميون بإنشاء محطاتهم التلفزيونية وقنواتهم الفضائية الخاصة التي تنشر ثقافة الكراهية وإقصاء المذاهب الأخرى والدعوة للقتل والتخريب.
ومن جهة أخرى، فلدينا عدد من القنوات الترفيهية التي تدغدغ المشاعر وتلهب الأحاسيس وتجعل الناس غير مبالين بالقضايا التي تدور من حولهم، بل وتكسبهم المناعة ضد التفاعل مع أية مصيبة تحل بالشعوب العربية.
وفي هذه الأثناء، توارت القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب والمسلمين الأولى، وذهبت طي النسيان.
وحتى نحن في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحنا غير مبالين بكل المخاطر المحدقة، ولم نعد نهتم بالأمور الصعبة التي تواجهنا مثل ندرة المياه، والتلوث، والزيادة السكانية في مناطق جغرافية وعرة، وموضوع تناقص النفط، والبحث عن الطاقة البديلة وغيرها من موضوعات ساخنة.
وكان على السلطات في الدول الخليجية التركيز على هذه الموضوعات وإشراك الخبراء المعنيين في مناقشتها ومحاولة إيجاد حلول لها.
أما بالنسبة لتعهد الوزراء باتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضد كل من يجرؤ على إهانة دول مجلس التعاون فليسمحوا لي بالسؤال: ما هي الإهانة وكيف نعرفها؟ وما هي الخطوات التي ستتخذها دول المجلس لملاحقة المهينين ومعاقبتهم؟ وما هي المحاكم التي سيلجؤون إليها؟
وليس صعبا أن تقوم دول المجلس مجتمعة بحظر المطبوعات أو رفض منح التأشيرات للصحفيين المعادين، لكن كيف ستعمل تجاه الشبكات التلفزيونية الكبرى مثل سي إن إن، وبي بي سي، وفوكس وغيرها التي تتمتع بالذكاء والخبث في آن واحد؟
وستزداد الإهانات، وبدل أن تكون هناك إساءة واحدة سيرتفع العدد إلى عشر أو أكثر، فهل سنرفع القضايا أمام المحاكم في كل دول العالم؟
ويجب ألاّ ننسى حقيقة واضحة، وهي أن كل وسائل الإعلام في الخارج ذات ملكية خاصة، وهي لا تمثل الدول التي توجد بها بل يمثلون أنفسهم فقط، وربما أيضا المصالح الصهيونية، ومعلوم أن الإعلام الخارجي أقوى بكثير من الإعلام الحكومي.
لقد طالبت كثيرا بإنشاء قناة تلفزيونية عالمية تكون حرة، ومستقلة، وعادلة، ودقيقة وغير دعائية، لكن ذهبت مطالباتي أدراج الرياح ولم تجد أذنا صاغية.
ونظرة سريعة إلى بعض القنوات الفاعلة والمؤثرة مثل سي سي تي في، وإن إتش كي، وفرنسا 24، ودو تش ويلي، وإن دي تي في، ودون ويورو نيوز، وروسيا اليوم نجد أنها تبث باللغتين العربية والإنجليزية من دول لا تتحدث أيا من اللغتين، ومع هذا فهي قنوات فاعلة ومؤثرة.
وليس صعبا أن نجد الإجابة على السؤال: كيف ولماذا استطاعت هذه القنوات فعل كل ما تقوم به؟ وكل ما هناك أنها تتمتع بالإرادة القوية ولها أهداف واضحة ومحددة تسعى إلى تحقيقها. وبالطبع فإن هذه القنوات تعج بالمواهب الإعلامية الساطعة.
ونحن في دول مجلس التعاون الخليجي لا تنقصنا المواهب أو الخبرات. وكل ما علينا هو البحث عن هذه المواهب الدفينة واكتشافها كما علينا أيضا التمتع بقوة العزيمة وتحديد الهدف الواضح.
[email protected]