ساقية جنيف
الأربعاء - 16 مارس 2016
Wed - 16 Mar 2016
والساقية في معجم اللغة دولاب يدار فيرفع الماء ويصبه في الحقل، ولكن يبدو أن ساقية المفاوضات السورية في جنيف تبتعد عن هذا المعنى الذي يفيد الأرض والزرع وتقارب إلى حد ما ساقية جحا. فقد جاء في الأثر القصصي أن جحا حينما صنع ساقية على النهر، كانت تأخذ الماء منه وترده إلى نفس النهر، فتعجب الناس وقالوا: عجبا لك
يا جحا! أتصنع ساقية تأخذ الماء من النهر لترده إليه، فقال جحا: يكفيني نعيرها.
أسفي على هذه الحاضرة السويسرية الجميلة، تقصدها أفواج من الموسرين بغرض الاستشفاء من أمراض الثراء حقيقة أو مجازا، ويقصدها الزوار للسياحة والترفيه وتناسي كدر الحياة إلى حين، ولا تقتصر على ذلك فحسب وإنما لمنتجعاتها نصيب في الإسهام والنقاهة بعد علاج أعتى حالات السقم استعصاء، ولكن تقاصرت هذه الساحرة عن أن تحل مشاكل العرب الذين يهبون إليها كلما أرادوا الحوار كفرقاء برقابة أممية بالطبع، أكثر ما تفعله هو أن يظهر مبعوثوها على شاشات التلفزة يصافحون، يبتسمون ثم يعلقون المفاوضات.
لم تسفر «جنيف» بأرقامها المتسلسلة عن حلول تذكر
وما زال الحبل على الجرار، يتكبد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مشقة التصاريح بأن «جنيف» بأرقامها المختلفة لم تأت بالنتائج المرجوة لحل الأزمة السورية، وليس بخاف على أحد أن تجديده الطلب من روسيا والولايات المتحدة بضرورة دعم الحل السياسي، هو رسالة صريحة مفادها وضع صراعهما على المصالح جانبا من أجل الوصول إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة والتي تعد أكبر كارثة على المستوى الإنساني في القرن الحادي والعشرين.
دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لعقد مؤتمر جنيف الأخير قد يحول الرجاء إلى هبة من نوع ما، تعقب فشل الجولات السابقة ليس على مستوى التحضير لجولة جديدة فحسب، وإنما لاتخاذ مواقف واضحة حول الأزمة السورية، قد يتجاوز اتفاق جميع الأطراف على فشل نتائج المفاوضات السابقة، وفقا لعدم وصول وفدي الحكومة والمعارضة إلى أي نتائج ملموسة بسبب خلافات أساسية على مقررات «سلسلة جنيف» السابقة، وبسبب مناقشتهما للحلول من منطلقات مختلفة.
ما يتبادر إلى الذهن هو الجديد الذي يمكن أن يغير من واقع المفاوضات التي ما زالت تراوح مكانها منذ أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانه الرئاسي في 16 مارس 2012، باعتماد خطة النقاط الست للسلام التي اقترحها حينها المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان. الواقع أن ما يمتلكه المجتمع الدولي الآن ليس بأفضل حال من سيناريوهات بيان «جنيف-1» التابع لخطة أنان، وليس بأكثر تعويل عليها من مهمتي الأخضر الإبراهيمي الأولى والثانية، ولا حتى يمكن الركون إليها باعتبار القوة الكامنة في ثناياها مثل المبادرة الأمريكية-الروسية في مايو 2013 التي أفضت إلى مؤتمر «جنيف- 2».
لا يكفي أن يبدي العالم قلقه لإيجاد حل للصراع السوري، وإنما المطلوب هو خطوات جادة وعملية تقضي على امتداد الحرب السورية التي تجاوزت حدودها بتفاقم الآثار الأمنية والسياسية والاقتصادية.
فعندما يفشل دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في إقناع النظام السوري بتنفيذ أي من الالتزامات التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومنها رفع الحصار عن المدن المحاصرة، والسماح بدخول الإمدادات الغذائية، يصعب أن يرى ضوء في آخر النفق السوري. وكيف لهذه المفاوضات أن تنجح والنظام السوري يتزود بالسلاح من كل الجهات الطامعة، ليس في سوريا وحدها وإنما في تقسيم المنطقة برمتها إلى دويلات عدة متناحرة؟
يصعب حاليا وجود إجابات مقنعة لمثل هذه الاستفسارات في ظل هرولة الجميع إلى ساقية جنيف التي تدور وتدور ثم تدور آخذة أسباب الصراع لتلقيها في نهر الحرب السورية الكدر.
[email protected]
يا جحا! أتصنع ساقية تأخذ الماء من النهر لترده إليه، فقال جحا: يكفيني نعيرها.
أسفي على هذه الحاضرة السويسرية الجميلة، تقصدها أفواج من الموسرين بغرض الاستشفاء من أمراض الثراء حقيقة أو مجازا، ويقصدها الزوار للسياحة والترفيه وتناسي كدر الحياة إلى حين، ولا تقتصر على ذلك فحسب وإنما لمنتجعاتها نصيب في الإسهام والنقاهة بعد علاج أعتى حالات السقم استعصاء، ولكن تقاصرت هذه الساحرة عن أن تحل مشاكل العرب الذين يهبون إليها كلما أرادوا الحوار كفرقاء برقابة أممية بالطبع، أكثر ما تفعله هو أن يظهر مبعوثوها على شاشات التلفزة يصافحون، يبتسمون ثم يعلقون المفاوضات.
لم تسفر «جنيف» بأرقامها المتسلسلة عن حلول تذكر
وما زال الحبل على الجرار، يتكبد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مشقة التصاريح بأن «جنيف» بأرقامها المختلفة لم تأت بالنتائج المرجوة لحل الأزمة السورية، وليس بخاف على أحد أن تجديده الطلب من روسيا والولايات المتحدة بضرورة دعم الحل السياسي، هو رسالة صريحة مفادها وضع صراعهما على المصالح جانبا من أجل الوصول إلى حل للأزمة السورية المتفاقمة والتي تعد أكبر كارثة على المستوى الإنساني في القرن الحادي والعشرين.
دعوة الأمين العام للأمم المتحدة لعقد مؤتمر جنيف الأخير قد يحول الرجاء إلى هبة من نوع ما، تعقب فشل الجولات السابقة ليس على مستوى التحضير لجولة جديدة فحسب، وإنما لاتخاذ مواقف واضحة حول الأزمة السورية، قد يتجاوز اتفاق جميع الأطراف على فشل نتائج المفاوضات السابقة، وفقا لعدم وصول وفدي الحكومة والمعارضة إلى أي نتائج ملموسة بسبب خلافات أساسية على مقررات «سلسلة جنيف» السابقة، وبسبب مناقشتهما للحلول من منطلقات مختلفة.
ما يتبادر إلى الذهن هو الجديد الذي يمكن أن يغير من واقع المفاوضات التي ما زالت تراوح مكانها منذ أن أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بيانه الرئاسي في 16 مارس 2012، باعتماد خطة النقاط الست للسلام التي اقترحها حينها المبعوث الخاص للأمم المتحدة كوفي أنان. الواقع أن ما يمتلكه المجتمع الدولي الآن ليس بأفضل حال من سيناريوهات بيان «جنيف-1» التابع لخطة أنان، وليس بأكثر تعويل عليها من مهمتي الأخضر الإبراهيمي الأولى والثانية، ولا حتى يمكن الركون إليها باعتبار القوة الكامنة في ثناياها مثل المبادرة الأمريكية-الروسية في مايو 2013 التي أفضت إلى مؤتمر «جنيف- 2».
لا يكفي أن يبدي العالم قلقه لإيجاد حل للصراع السوري، وإنما المطلوب هو خطوات جادة وعملية تقضي على امتداد الحرب السورية التي تجاوزت حدودها بتفاقم الآثار الأمنية والسياسية والاقتصادية.
فعندما يفشل دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا في إقناع النظام السوري بتنفيذ أي من الالتزامات التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ومنها رفع الحصار عن المدن المحاصرة، والسماح بدخول الإمدادات الغذائية، يصعب أن يرى ضوء في آخر النفق السوري. وكيف لهذه المفاوضات أن تنجح والنظام السوري يتزود بالسلاح من كل الجهات الطامعة، ليس في سوريا وحدها وإنما في تقسيم المنطقة برمتها إلى دويلات عدة متناحرة؟
يصعب حاليا وجود إجابات مقنعة لمثل هذه الاستفسارات في ظل هرولة الجميع إلى ساقية جنيف التي تدور وتدور ثم تدور آخذة أسباب الصراع لتلقيها في نهر الحرب السورية الكدر.
[email protected]