إبراهيم عبدالعزيز اللحيدان

التردد ومؤشرات الإنذار!

الأربعاء - 16 مارس 2016

Wed - 16 Mar 2016

في منتصف ليلة 3 ديسمبر 1982 تعرضت مدينة بوبال الهندية لواحدة من أشد الكوارث، وذلك عندما تسرب غاز السيانيد من أحد مصانع المبيدات الحشرية الموجودة فيها والتابعة لشركة يونيون كاربيد الأمريكية، وهو ما أدى إلى وفاة أكثر من 2500 شخص في نفس الليلة، ثم ازدادت الأعداد بعد ذلك لتصل إلى 25 ألف قتيل وأكثر من 500 ألف إصابة، ولا تزال هذه المدينة تعاني حتى يومنا هذا من آثار تلك الكارثة، والتي بسببها تم إغلاق المصنع وتعرضت الشركة الأمريكية لخسائر مادية ومعنوية فادحة أدت بها في نهاية المطاف إلى إغلاق جميع مصانعها الأخرى المنتشرة في دول العالم.

ولكي تنجو الشركة من إشهار إفلاسها تم بيعها بالكامل إلى شركة دو الأمريكية، وقد أثبتت التحقيقات التي أجريت فيما بعد أن فريق التفتيش المكلف من قبل الشركة الأمريكية الأم سبق له أن حذر من وجود مشاكل في الأنابيب والخزانات يمكن أن تؤدي إلى تسرب الغازات السامة، ولكن تردد إدارة المصنع في الاستجابة الفعالة لهذه التحذيرات، التي تعد مؤشرات إنذار مبكر بقرب وقوع الخطر، جعل الأمر يتطور ويتحول إلى أزمة تتطلب التحرك السريع وإيقاف أعمال المصنع وإبلاغ السلطات الحكومية في المدينة، والقيام بمجموعة من الإجراءات الاحترازية تجاه سكان المدينة، والذي حدث أن إدارة المصنع لم تقم بها وهو ما يعني أنه لم تتم إدارة هذه الأزمة على الوجه الصحيح مما حولها إلى كارثة.

هذه الكارثة تقودني إلى المخاطر التي تهدد بعض المنشآت التي يتم اكتشاف مؤشراتها والتعرف عليها قبل وقوعها، ولكن التردد الذي يتسبب في عدم الاستجابة الفعالة لهذه المؤشرات أو التأخر فيها قد يؤدي إلى وقوع هذه المخاطر وتحولها إلى أزمة أو كارثة، وهذه الحالة من التردد في التعامل مع المخاطر تتطلب الإجابة على التساؤل التالي: ما أسباب تردد مسؤولي أمن وسلامة المنشآت في الاستجابة الفعالة لمؤشرات الإنذار المبكر؟

بداية.. فإن مؤشرات الإنذار المبكر هي تلك العلامات والدلالات التي يمكن التعرف من خلالها على قرب وقوع الخطر، وتأتي الاستجابة الفعالة لها من خلال التحرك الصحيح في الوقت المناسب للتعامل مع المخاطر التي تنذر بها للسيطرة عليها والحد من تأثيراتها، ويعد التردد في اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب أحد أهم معوقات الاستجابة الفعالة لمؤشرات الإنذار المبكر، والتردد يحدث غالبا بسبب خوف مسؤولي أمن وسلامة المنشآت من عواقب ونتائج قراراتهم، كما أنه يعود إلى ضعف الإمكانيات المتوفرة والممكنة واللازمة لمواجهة المخاطر، مما يجعلهم يتجهون نحو الخيار الأسوأ، وهو انتظار وقوع المخاطر ومن ثم التحرك للتعامل معه، إضافة إلى أن التردد والخوف من مواجهة المخاطر يؤديان بهم إلى إنكارها وتجاهلها أو محاولة التخلص منها برميها على الآخرين.

خلاصة:

التردد في اتخاذ القرارات أحد أهم معوقات الاستجابة الفعالة لمؤشرات الإنذار المبكر.

[email protected]