محمد العقلا

التحديات التي تعترض تحقيق الأمن الفكري

الاحد - 13 مارس 2016

Sun - 13 Mar 2016

أشرت في مقالي السابق، عن المحاضرة التي ألقيتها في النادي الأدبي بالمدينة المنورة بعنوان الأمن الفكري، إلى مفاهيم الأمن الفكري وأثر العولمة الثقافية عليه ومقدماته في الكتاب والسنة النبوية، وفي هذا المقال سأتناول التحديات التي تعترض تحقيق الأمن الفكري ومن أبرزها:

1- عدم وجود خطة استراتيجية لتحقيق الأمن الفكري، فما يحصل حاليا هو اجتهادات فردية غير متجانسة، فضلا عن عدم تنسيق الجهات التي وضعت خططا لمواجهة الانحراف الفكري، وأشيد بهذه المناسبة بجهود كل من وزارتي الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والتعليم، فالشؤون الإسلامية نفذت برامج حملة السكينة منذ أكثر من عشر سنوات، وحققت آثارا ونتائج طيبة، في حين بدأت وزارة التعليم قبل فترة وجيزة بتنفيذ برنامج فطن، وهو برنامج تحصيني وقائي، وملاحظتي على هذين البرنامجين أنهما يختصان بنطاق هاتين الوزارتين.

2- بذور الفتنة والخلاف التي تحرص الدول الأجنبية على زرعها بين طوائف المسلمين والتي تؤجج أسباب الصراع بينهم فكريا وثقافيا وعسكريا.

3- خطباء الفتنة الذين ينعقون بما لا يعرفون، ويقولون ما لا يفعلون، ويفتون الناس بغير علم في جرأة بالغة على الدين.

4- شبكات التواصل الاجتماعي التي اختلط فيه الغث بالسمين، والتي لا تدخر جهدا ولا مالا في إثارة الشبهات، وتضخيم الصغائر والتشكيك المستمر في الكتاب والسنة، بل وفي تاريخ الأمة وثوابتها الفكرية.

5- كثرة رفقاء السوء الذين جرفتهم تيارات الانحراف الفكري، وتأثروا بأفكارها وآرائها المنحرفة.

6- إعجاب كل ذي رأي برأيه، وانغلاقه على فكره ورفضه قبول الحوار مع الآخر المخالف له في رأيه، أو التنازل عنه إذا تبين له خطأه.

7- برامج التوك شو التي انتشرت على الفضائيات العربية، والتي يديرها ثلة من أصحاب المطامع الشخصية والأغراض المشبوهة، والتي أغلقت أبوابها على فئة معينة من أدعياء الثقافة المزجاة الذين يسعون جاهدين إلى تشويه صورة الإسلام، وتعتيم مجريات الأحداث أمام الشباب وتسميم أفكارهم.

8- ضعف الترابط الأسري في نطاق كثير من الأسر العربية، إما نتيجة لانشغال الأبوين في الحصول على متطلبات حياة الأسرة، أو نتيجة التغريب التي تحيط بها بعض الأسر نفسها، وما يصاحبها من دعوات التحرر من قيود القيم والمثل العليا، وأيضا ارتفاع معدلات الطلاق وبنسب عاليه، والضحية هم الأبناء، حيث ينشأ شباب هذه الأسر فاقدي الهوية، والانتماء للدين والوطن، ويكونون أكثر استجابة لعوامل ومسببات الانحراف الفكري.

ولمواجهة هذه التحديات وعلاج مسببات الانحراف الفكري فإنني أقترح الآتي:

1- وضع خطة استراتيجية تشارك فيها جميع الجهات وفي مقدمتها الأسرة وتشرف على إعدادها وتنفيذها ومتابعتها وزارة الداخلية.

2- خطاب ديني مشبع بالوسطية والاعتدال.

3- برامج فضائية تناقش الشبهات وترد عليها.

4- برامج إعلامية تعرف بالأفكار المنحرفة وتحض الشباب ضدها.

5- تعزيز الحوار المجتمعي لتقريب وجهات النظر بين أجياله وطوائفه.

6- إنشاء مواقع الكترونية لنشر الأفكار الإسلامية الصحيحة وتوعية الشباب ضد الأفكار المنحرفة.

7- إيجاد الحلول العملية المستدامة لمشكلات الشباب والأسر الفقيرة.

8- إيجاد نوع مقبول من التوازن في الطرح الإصلاحي لقضايا ومستجدات الواقع المعاصر والوطن، وفق منهجية علمية مخطط لها بعناية..

وختاما، أكرر الشكر والتقدير لنادي المدينة المنورة الثقافي الأدبي على هذه الدعوة الكريمة رئيسا وأعضاء ولحضور المحاضرة رجالا ونساء، كما أخص بالشكر سعادة الأخ الكريم العقيد الدكتور محمد الدبيسي نائب رئيس النادي على جهوده الكريمة في التنسيق والمتابعة لعقد هذه المحاضرة، والله الهادي إلى سواء السبيل.

[email protected]