تأشيرة الدخول
السبت - 12 مارس 2016
Sat - 12 Mar 2016
روما من المدن التي قضيت بها فترة جميلة قاربت نصف العام متدربا في مطارها، تزامن ذلك مع حصول إيطاليا على كأس العالم عام 1982.
وبسبب هذا النصر الكروي الكبير (والذي تحقق في إسبانيا أمام فريق ألمانيا يوم 11 يوليو 82) عاشت إيطاليا أفراحها ولياليها الملاح، وكان هذا حديث كل رجل وامرأة في المكتب أو في الشارع أو المدرسة أو الجامعة.
قضيت أيامي بين المطار في الصباح ووسط البلد في المساء الذي أغراني بالسكن رغم المسافة والتي تتجاوز أربعين كلم بين العمل والسكن وذلك لجمال ما في المدينة من آثار وقصور ونوافير وحدائق لا يمكن أن يتجاهلها الإنسان مهما كانت اهتماماته وخاصة الإنسان المحب للفنون والآثار.
اجتمعت لمدينة روما عاصمة إيطاليا كثير من الميزات التي انفردت بها عبر تاريخها الطويل، من ذلك اتفاق الفرقاء في الحرب العالمية الثانية الحلفاء والمحور على عدم ضربها في القتال الذي دمر أكثر مدن أوروبا خوفا على ما تذخر به المدينة من آثار وتاريخ لا يكاد يخلو منها شارع.
كما أن الاتفاقية الأولى التي أسست لمشروع السوق الأوروبية وقعت بها وأطلق عليها اسم (اتفاقية روما).
كما يتصف الإيطاليون بمواصفات تميزهم عن بقية الأوربيين، في كثير من العادات والأساليب في حياتهم، فالشارع لديهم معرض أزياء دائم، والمقاهي ازدحام حتى آخر الليل، والمطاعم كرنفالات لأصناف من الأطباق والألوان والأشكال كما يتصفون بالمرونة والكرم والمجاملة وكذلك سرعة الانفعال.
أذكر أنني أردت استئجار تلفزيون للشقة الصغيرة التي سكنتها مع زوجتي وابني ولكن صرفت النظر عندما كان مدير العمارة يتكلم بصوت مرتفع مستعملا يده ملوحا بها ليشرح لي ولم أكن أفهم ما يقول (وكان ذلك قبل دخولي وزوجتي المدرسة الليلية لتعلم اللغة الإيطالية)، فقد ظننته غاضبا مني ولكن السيد يعرب عثمان حافظ (يرحمه الله) وكان مدير الفرع يومها قال لي: لا أظن مدير العمارة غاضبا فالإيطاليون إن غضبوا ضربوك، وأظن هذا دعابة من السيد يعرب ليس إلا.
ومما أذكر وأتأثر حزنا عندما أذكره أن مأمورة التلكس في مكتبنا والتي تحضر كل صباح في فراء فاخر وسيارة فيات صغيرة موديل (باندا) كانت هي نفسها زوجة ولي عهد أفغانستان، كان ذلك بعد خروج الملك زاهر شاه على يد الروس من بلاده لاجئا في إيطاليا وكان يسكن في إحدى عمارات روما الجميلة.
ومن أظرف ما مر بي خلال عملي في مطارها الذي يقع في ضاحية فيمتشينو والذي يطلق عليه رسميا (ليوناردو دافنشي) وهو اسم صاحب لوحة الموناليزا وأظنه المطار الوحيد في العالم الذي يحمل اسم فنان، أن وصل ذات صباح على رحلتنا راكب من جنسية عربية اشتبه مأمور الجوازات في سلامة تأشيرته فأراد أن يعيده على الطائرة التي وصل عليها، فاجأني أحد الموظفين بأني مطلوب للترجمة في مكتب مدير الجوازات الذي لا يجيد سوى الإيطالية، وكان معه الراكب الذي لا يجيد سوى العربية وبينهما السيد (نجريني) مسؤول المحطة في شركتنا والذي يجيد الإنجليزية مع لغته الإيطالية، لذا كان البحث عني كي أكمل الحوار بين الثلاثة وأنقل الحديث بالعربية من الراكب إلى السيد نجريني بالإنجليزية لينقله بعد ذلك إلى مأمور الجوازات بالإيطالية، الأمر الذي استغرق ثلاثة أضعاف الوقت في التحقيق وأظنه غير ما قيل في أول لغة من كلام المحقق حتى وصل إلى الراكب المحقق معه. استمر هذا حتى غادرت الطائرة عائدة دون الراكب الذي لم يكن قد أكمل إجراءات التحقيق الثلاثي اللغة مما اضطر الجوازات الإيطالية لإبقاء الراكب في منطقة الترانزيت بالمطار في انتظار الرحلة في اليوم التالي لترحيل الراكب ومعه جواز سفره.
وفي الصباح ومع وصول الرحلة ذهبنا للبحث عن الراكب في كل المطار ولم نجد له أثرا، وتوقع السيد نجريني أن الراكب بعد التحقيق وقف ثانية في طابور الجوازات وختم جوازه من موظف آخر ودخل البلد، وأضاف أحدهم أنه ربما قام الراكب بتهنئة مأمور الجوازات بكأس العالم فكافأه بالدخول إلى إيطاليا من أوسع أبوابها.
وبسبب هذا النصر الكروي الكبير (والذي تحقق في إسبانيا أمام فريق ألمانيا يوم 11 يوليو 82) عاشت إيطاليا أفراحها ولياليها الملاح، وكان هذا حديث كل رجل وامرأة في المكتب أو في الشارع أو المدرسة أو الجامعة.
قضيت أيامي بين المطار في الصباح ووسط البلد في المساء الذي أغراني بالسكن رغم المسافة والتي تتجاوز أربعين كلم بين العمل والسكن وذلك لجمال ما في المدينة من آثار وقصور ونوافير وحدائق لا يمكن أن يتجاهلها الإنسان مهما كانت اهتماماته وخاصة الإنسان المحب للفنون والآثار.
اجتمعت لمدينة روما عاصمة إيطاليا كثير من الميزات التي انفردت بها عبر تاريخها الطويل، من ذلك اتفاق الفرقاء في الحرب العالمية الثانية الحلفاء والمحور على عدم ضربها في القتال الذي دمر أكثر مدن أوروبا خوفا على ما تذخر به المدينة من آثار وتاريخ لا يكاد يخلو منها شارع.
كما أن الاتفاقية الأولى التي أسست لمشروع السوق الأوروبية وقعت بها وأطلق عليها اسم (اتفاقية روما).
كما يتصف الإيطاليون بمواصفات تميزهم عن بقية الأوربيين، في كثير من العادات والأساليب في حياتهم، فالشارع لديهم معرض أزياء دائم، والمقاهي ازدحام حتى آخر الليل، والمطاعم كرنفالات لأصناف من الأطباق والألوان والأشكال كما يتصفون بالمرونة والكرم والمجاملة وكذلك سرعة الانفعال.
أذكر أنني أردت استئجار تلفزيون للشقة الصغيرة التي سكنتها مع زوجتي وابني ولكن صرفت النظر عندما كان مدير العمارة يتكلم بصوت مرتفع مستعملا يده ملوحا بها ليشرح لي ولم أكن أفهم ما يقول (وكان ذلك قبل دخولي وزوجتي المدرسة الليلية لتعلم اللغة الإيطالية)، فقد ظننته غاضبا مني ولكن السيد يعرب عثمان حافظ (يرحمه الله) وكان مدير الفرع يومها قال لي: لا أظن مدير العمارة غاضبا فالإيطاليون إن غضبوا ضربوك، وأظن هذا دعابة من السيد يعرب ليس إلا.
ومما أذكر وأتأثر حزنا عندما أذكره أن مأمورة التلكس في مكتبنا والتي تحضر كل صباح في فراء فاخر وسيارة فيات صغيرة موديل (باندا) كانت هي نفسها زوجة ولي عهد أفغانستان، كان ذلك بعد خروج الملك زاهر شاه على يد الروس من بلاده لاجئا في إيطاليا وكان يسكن في إحدى عمارات روما الجميلة.
ومن أظرف ما مر بي خلال عملي في مطارها الذي يقع في ضاحية فيمتشينو والذي يطلق عليه رسميا (ليوناردو دافنشي) وهو اسم صاحب لوحة الموناليزا وأظنه المطار الوحيد في العالم الذي يحمل اسم فنان، أن وصل ذات صباح على رحلتنا راكب من جنسية عربية اشتبه مأمور الجوازات في سلامة تأشيرته فأراد أن يعيده على الطائرة التي وصل عليها، فاجأني أحد الموظفين بأني مطلوب للترجمة في مكتب مدير الجوازات الذي لا يجيد سوى الإيطالية، وكان معه الراكب الذي لا يجيد سوى العربية وبينهما السيد (نجريني) مسؤول المحطة في شركتنا والذي يجيد الإنجليزية مع لغته الإيطالية، لذا كان البحث عني كي أكمل الحوار بين الثلاثة وأنقل الحديث بالعربية من الراكب إلى السيد نجريني بالإنجليزية لينقله بعد ذلك إلى مأمور الجوازات بالإيطالية، الأمر الذي استغرق ثلاثة أضعاف الوقت في التحقيق وأظنه غير ما قيل في أول لغة من كلام المحقق حتى وصل إلى الراكب المحقق معه. استمر هذا حتى غادرت الطائرة عائدة دون الراكب الذي لم يكن قد أكمل إجراءات التحقيق الثلاثي اللغة مما اضطر الجوازات الإيطالية لإبقاء الراكب في منطقة الترانزيت بالمطار في انتظار الرحلة في اليوم التالي لترحيل الراكب ومعه جواز سفره.
وفي الصباح ومع وصول الرحلة ذهبنا للبحث عن الراكب في كل المطار ولم نجد له أثرا، وتوقع السيد نجريني أن الراكب بعد التحقيق وقف ثانية في طابور الجوازات وختم جوازه من موظف آخر ودخل البلد، وأضاف أحدهم أنه ربما قام الراكب بتهنئة مأمور الجوازات بكأس العالم فكافأه بالدخول إلى إيطاليا من أوسع أبوابها.