كاتب صحفي يُصَفق بحرارة!
الأحد - 06 مارس 2016
Sun - 06 Mar 2016
كان التصنيف حصرا على التيارين (الطباين)، وكنتُ لا أراه أكثر من ألعاب صبيانية بين تيار يظن أن الخوض في نوايا الآخرين واتهامهم – ولو ضمنا بالعمالة - تقربا لله، أو على الأقل يحاول إقناع الناس بهذه الفكرة، وتيار آخر يرتكب ذات الفعل والتصنيف والرمي بتهمة التطرّف و»الدعشنة» للتيار المقابل، معتقدا – أو محاولا إيهام الآخرين- أنه بذلك يخدم الوطن!
كل هذا لم يكن مهما – على الأقل لي كمواطن بسيط يتوجس دوما من النجوم الشعبويين- لكن الملفت أن التصنيف لم يعد حكرا على ممن يتوسلون تعاطف الشارع، ففي الأسبوع الماضي فوجئنا بشخصية رسمية كبيرة تنتهج ذات النبرة المخيفة، حيث صنّف عضو بمجلس الشورى بعض الكتّاب الصحفيين بـ»محرضي الخارج ومستدعي الشماتة للبلاد»، وطالب بحجب مقالاتهم، والمطالبة بالحجب أتفهمها لأننا كلنا من ذات البيئة الخالقة للتوجس من الفكرة المضادة، ونحن جميعا من مخرجات ثقافة «يالله لا تغيّر علينا»، لكن تهمة «العمالة» لا يمكن أن أجد مبررا لها.
ماذا لو حدث العكس واتهم كاتب صحفي (بعض) أعضاء مجلس الشورى بتهمة أقل من العمالة، كأن يقول إنهم يعطلون عجلة التنمية عمدا، عندها أجزم وبكل يقين أن الأمر لن يمر مرور الكرام، وبل ولن (يصفق بحرارة) أحد من الإعلاميين لهذا الزميل، الذي سيكون بالتأكيد (الزميل السابق)!
في الكتابة النقدية مهما كانت حدّتها، إما أن يكون صاحب الرأي قال معلومة خاطئة، وهنا من واجب الجهة المُنتقدة أن تصحح المعلومة، أو أن يكون رأيه صحيحا وعلى تلك الجهة أن تصحح خطأها وتشكر من نبهها لهذا الخطأ، أي خيار ثالث سيكون ضربا من العبث، والقفز لنوايا صاحب الرأي الآخر هو أوقح أنواع الغرور والتعالي على شخص صاحب الفكرة وليس على الفكرة ذاتها، وعلى المسؤول أن يدرك أنه من الطبيعي جدا أن مسؤولياته تبعده – ولو قليلا- عن وجهة نظر ورأي الشارع، ولهذا تكون الصحافة – الرأي تحديدا- تنقل رأي شريحة كبيرة من الناس، ولهذا عندما يستفزه رأي فليعلم أن هذا ليس مجرد رأي شخصي لصاحب المقال، بل رأي شريحة عريضة من الناس الذين كُلف هذا المسؤول بخدمتهم، فلو نظر المسؤول من هذه الزاوية لطلب بأن تُعرض عليه فقط المقالات التي تنتقده، وربما سيطالب بحجب المقالات التي تمدحه، وربما طالب بتطبيق حرفي لـحديث (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)، هذه أحلام شبه مستحيلة لكاتب صحفي أقصى ما يتمنى تحقيقه ألا (يُصَفق بحرارة)!
[email protected]
كل هذا لم يكن مهما – على الأقل لي كمواطن بسيط يتوجس دوما من النجوم الشعبويين- لكن الملفت أن التصنيف لم يعد حكرا على ممن يتوسلون تعاطف الشارع، ففي الأسبوع الماضي فوجئنا بشخصية رسمية كبيرة تنتهج ذات النبرة المخيفة، حيث صنّف عضو بمجلس الشورى بعض الكتّاب الصحفيين بـ»محرضي الخارج ومستدعي الشماتة للبلاد»، وطالب بحجب مقالاتهم، والمطالبة بالحجب أتفهمها لأننا كلنا من ذات البيئة الخالقة للتوجس من الفكرة المضادة، ونحن جميعا من مخرجات ثقافة «يالله لا تغيّر علينا»، لكن تهمة «العمالة» لا يمكن أن أجد مبررا لها.
ماذا لو حدث العكس واتهم كاتب صحفي (بعض) أعضاء مجلس الشورى بتهمة أقل من العمالة، كأن يقول إنهم يعطلون عجلة التنمية عمدا، عندها أجزم وبكل يقين أن الأمر لن يمر مرور الكرام، وبل ولن (يصفق بحرارة) أحد من الإعلاميين لهذا الزميل، الذي سيكون بالتأكيد (الزميل السابق)!
في الكتابة النقدية مهما كانت حدّتها، إما أن يكون صاحب الرأي قال معلومة خاطئة، وهنا من واجب الجهة المُنتقدة أن تصحح المعلومة، أو أن يكون رأيه صحيحا وعلى تلك الجهة أن تصحح خطأها وتشكر من نبهها لهذا الخطأ، أي خيار ثالث سيكون ضربا من العبث، والقفز لنوايا صاحب الرأي الآخر هو أوقح أنواع الغرور والتعالي على شخص صاحب الفكرة وليس على الفكرة ذاتها، وعلى المسؤول أن يدرك أنه من الطبيعي جدا أن مسؤولياته تبعده – ولو قليلا- عن وجهة نظر ورأي الشارع، ولهذا تكون الصحافة – الرأي تحديدا- تنقل رأي شريحة كبيرة من الناس، ولهذا عندما يستفزه رأي فليعلم أن هذا ليس مجرد رأي شخصي لصاحب المقال، بل رأي شريحة عريضة من الناس الذين كُلف هذا المسؤول بخدمتهم، فلو نظر المسؤول من هذه الزاوية لطلب بأن تُعرض عليه فقط المقالات التي تنتقده، وربما سيطالب بحجب المقالات التي تمدحه، وربما طالب بتطبيق حرفي لـحديث (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)، هذه أحلام شبه مستحيلة لكاتب صحفي أقصى ما يتمنى تحقيقه ألا (يُصَفق بحرارة)!
[email protected]