من وصايا المنصات
السبت - 05 مارس 2016
Sat - 05 Mar 2016
(مدخل)
بالتأكيد، لا أحبذ المقالات (الذاتية) إلا إذا حملت بين طياتها هاجسا (جماعيا) ، وهما (موضوعيا) لأحد تجليات الواقع المحلي.. وهذا ما طرأ على مخيلتي، وأنا أتذكر بعض مشاركاتي الثقافية في الأندية والجمعيات الثقافية.
(1) لأنها ليلة شتوية طائفية، ولأن قيمة موضوع (المقاربة) فاتر- إلى حد كبير- فقد آثرت أن تكون محاضرتي عن (الرواية المحلية) صاخبة مشتعلة (بصراحتها) المنبثقة من (أسس) نقد الرواية في المعطى النقدي العام لفنون السرد.. زاعما أن ثمة سببين أفضيا إلى ضعف القيمة الفنية للرواية المحلية، وهما: قصر ومحدودية الرؤية للكون والإنسان والحياة والثقافة (مما يجعل إنتاجنا الروائي يجوس في آفاق حسية ضيقة)، والفقر المعرفي الفني الذي ينتج أعمالا حكائية بسيطة وساذجة، لا تتفاعل مع مرجعيات ثقافية وسياقات عالمية ونصوص أدبية شتى..
وقد وجدت أن هذه الملامح المترهلة للرواية لدينا تزداد حدتها لدى المنتج الروائي (النسائي) في المشهد العام.. كنت (أطرح) ذلك مع الاستدلال على مكامن الخلل من خلال تسمية الأعمال (وكتابها)، الأمر الذي جعل الجو العام بعد انتهاء المحاضرة، متيقظا مستفزا، قرأته في عيون وتعليقات أصدقائي وأساتذتي من الحاضرين، وفي احتشاد كثير من محرري الصفحات الثقافية المنشورة والالكترونية حول نفسي الأمارة بـ(الصدق)، الذي لا يبرز على أكمل حال إلا عندما أقدم شهادتي لحالة تتعلق بالأدب والثقافة.. أما العجيب.. العجيب في المشهد، فهو أن هؤلاء المحررين والمتابعين معا تركوا (المضمون الكلي) للمحاضرة، لتتمحور أسئلتهم حول ما إذا لم تكن لدينا حتى الآن (رواية نسائية) ذات قيمة؟؟ وللحقيقة فإن اللطيف في الأمر أن (اختزال) هذه الأسئلة على هذا الشكل (الأنثوي) جعلني في لحظة -لا لباقة فيها على الإطلاق- أقول: «نعم. . باستثناء رجاء عالم، لا توجد لدينا روايات نسائية مقنعة»..!!
ليكون هذا (التصريح) وحده غاية التلقي الإعلامي الجماهيري من المحاضرة، فتخرج صحف اليوم التالي (بمانشيتات) عريضة: (ناقد سعودي يؤكد على عدم وجود رواية نسائية محلية) وبعضها جعل ذلك العنوان على صفحته الأولى.. لأظل أسائل نفسي عن علاقتنا المتأزمة بـ(المرأة) حتى وهي داخل العالم الثقافي المشترك..!
(2) وفي محاضرة أخرى كانت بعنوان (الثيمات الست للرواية الفنية الخالصة)، اشتغلت كثيرا على استخلاص العناصر التي يجب توفرها في الرواية لتملك صك العلاقة الأكيدة مع ذلك الفن (الصاخب)، مع الاستدلال بأعمال روائية محلية وعربية وعالمية، احتفت بإخلاص مع تلك الثيمات الست (كما زعمت).
بجد، كان البحث في موضوع المحاضرة وكتابتها ثم طرحها ومحاولات إقناع المتلقين بها أمرا مضنيا وشاقا، ولكني كنت على يقين بأن كل ذلك العناء سيتلاشى ويختفي عندما أشعر بأن رسالة مقاربتي الفنية عن الجانب التقني في السرد وصلت إلى (وعي) الذين رأيتهم أمامي ينصتون (باهتمام)، ولكن ذلك لم يحدث (للأسف)، فظلت نصف التعليقات والأسئلة تحاول إقصاء الروايات الفنية (في المحاضرة) بسبب رؤى أيديولوجية تدور في فلك الجانب (الأخلاقي)، أما نصفها الآخر فقد انحصرت حول مضمون الروايات وأفكارها وحكاية أبطالها! وعندما جاء دوري في التعقيب، وجدتني منطفئا بعد اشتعال ساعة كاملة، أنظر في جدران القاعة وكراسيها، متذكرا (بالضبط) قول الرائد حمزة شحاته ذات لحظة (بائسة): «إنها للحظة حرجة أن تحملق في الوجوه أمامك، فلا تجد من يفهمك»!
(3) وفي لقاء آخر طلب مني الأعزاء في نادي جدة الأدبي إدارة أمسية ثقافية أخرى لأحد أساتذة النادي من المشاركين الدائمين في أنشطة النادي، وبعد إلحاح طويل -لاختلاف المزاج الثقافي- وافقت، ولكن بعد أن كتبت ما أود البدء به بطريقة مختلفة عن طرق مديري الجلسات (كما صنعت مع شاعرنا الهائل محمد الثبيتي - رحمه الله) ، قالوا لي: لقد رغب الصديق (الدكتور) في (مدير) آخر لمحاضرته، استغربت هذا الأمر.. ولكني لم أبد اهتماما كعادتي (عندما يغضبني شيء ما)، إلا عندما حاولت تحري أسباب هذا (التغيير) المفاجئ، لأجد من الثقات إجابة على سؤالي (المبرر)، وهي أن صديقنا الدكتور (جهر) للمقربين بأن وجودي معه ربما يطفئ حضوره، ويحرق محاضرته.. كنت أتساءل وقتها: «كيف لأكاديمي أن يكون مشاركا ثابتا في جميع فعاليات النادي الجداوي وهو يفتقر للمهم أبدا: الثقة بالذات وقدرتها على الإنجاز؟!
(4) .. تذكرت الكثير من تلك السياقات ذات الدلالة الصارخة، ولذلك فيبدو أن للحديث بقية في النثار القادم بإذن الله.
بالتأكيد، لا أحبذ المقالات (الذاتية) إلا إذا حملت بين طياتها هاجسا (جماعيا) ، وهما (موضوعيا) لأحد تجليات الواقع المحلي.. وهذا ما طرأ على مخيلتي، وأنا أتذكر بعض مشاركاتي الثقافية في الأندية والجمعيات الثقافية.
(1) لأنها ليلة شتوية طائفية، ولأن قيمة موضوع (المقاربة) فاتر- إلى حد كبير- فقد آثرت أن تكون محاضرتي عن (الرواية المحلية) صاخبة مشتعلة (بصراحتها) المنبثقة من (أسس) نقد الرواية في المعطى النقدي العام لفنون السرد.. زاعما أن ثمة سببين أفضيا إلى ضعف القيمة الفنية للرواية المحلية، وهما: قصر ومحدودية الرؤية للكون والإنسان والحياة والثقافة (مما يجعل إنتاجنا الروائي يجوس في آفاق حسية ضيقة)، والفقر المعرفي الفني الذي ينتج أعمالا حكائية بسيطة وساذجة، لا تتفاعل مع مرجعيات ثقافية وسياقات عالمية ونصوص أدبية شتى..
وقد وجدت أن هذه الملامح المترهلة للرواية لدينا تزداد حدتها لدى المنتج الروائي (النسائي) في المشهد العام.. كنت (أطرح) ذلك مع الاستدلال على مكامن الخلل من خلال تسمية الأعمال (وكتابها)، الأمر الذي جعل الجو العام بعد انتهاء المحاضرة، متيقظا مستفزا، قرأته في عيون وتعليقات أصدقائي وأساتذتي من الحاضرين، وفي احتشاد كثير من محرري الصفحات الثقافية المنشورة والالكترونية حول نفسي الأمارة بـ(الصدق)، الذي لا يبرز على أكمل حال إلا عندما أقدم شهادتي لحالة تتعلق بالأدب والثقافة.. أما العجيب.. العجيب في المشهد، فهو أن هؤلاء المحررين والمتابعين معا تركوا (المضمون الكلي) للمحاضرة، لتتمحور أسئلتهم حول ما إذا لم تكن لدينا حتى الآن (رواية نسائية) ذات قيمة؟؟ وللحقيقة فإن اللطيف في الأمر أن (اختزال) هذه الأسئلة على هذا الشكل (الأنثوي) جعلني في لحظة -لا لباقة فيها على الإطلاق- أقول: «نعم. . باستثناء رجاء عالم، لا توجد لدينا روايات نسائية مقنعة»..!!
ليكون هذا (التصريح) وحده غاية التلقي الإعلامي الجماهيري من المحاضرة، فتخرج صحف اليوم التالي (بمانشيتات) عريضة: (ناقد سعودي يؤكد على عدم وجود رواية نسائية محلية) وبعضها جعل ذلك العنوان على صفحته الأولى.. لأظل أسائل نفسي عن علاقتنا المتأزمة بـ(المرأة) حتى وهي داخل العالم الثقافي المشترك..!
(2) وفي محاضرة أخرى كانت بعنوان (الثيمات الست للرواية الفنية الخالصة)، اشتغلت كثيرا على استخلاص العناصر التي يجب توفرها في الرواية لتملك صك العلاقة الأكيدة مع ذلك الفن (الصاخب)، مع الاستدلال بأعمال روائية محلية وعربية وعالمية، احتفت بإخلاص مع تلك الثيمات الست (كما زعمت).
بجد، كان البحث في موضوع المحاضرة وكتابتها ثم طرحها ومحاولات إقناع المتلقين بها أمرا مضنيا وشاقا، ولكني كنت على يقين بأن كل ذلك العناء سيتلاشى ويختفي عندما أشعر بأن رسالة مقاربتي الفنية عن الجانب التقني في السرد وصلت إلى (وعي) الذين رأيتهم أمامي ينصتون (باهتمام)، ولكن ذلك لم يحدث (للأسف)، فظلت نصف التعليقات والأسئلة تحاول إقصاء الروايات الفنية (في المحاضرة) بسبب رؤى أيديولوجية تدور في فلك الجانب (الأخلاقي)، أما نصفها الآخر فقد انحصرت حول مضمون الروايات وأفكارها وحكاية أبطالها! وعندما جاء دوري في التعقيب، وجدتني منطفئا بعد اشتعال ساعة كاملة، أنظر في جدران القاعة وكراسيها، متذكرا (بالضبط) قول الرائد حمزة شحاته ذات لحظة (بائسة): «إنها للحظة حرجة أن تحملق في الوجوه أمامك، فلا تجد من يفهمك»!
(3) وفي لقاء آخر طلب مني الأعزاء في نادي جدة الأدبي إدارة أمسية ثقافية أخرى لأحد أساتذة النادي من المشاركين الدائمين في أنشطة النادي، وبعد إلحاح طويل -لاختلاف المزاج الثقافي- وافقت، ولكن بعد أن كتبت ما أود البدء به بطريقة مختلفة عن طرق مديري الجلسات (كما صنعت مع شاعرنا الهائل محمد الثبيتي - رحمه الله) ، قالوا لي: لقد رغب الصديق (الدكتور) في (مدير) آخر لمحاضرته، استغربت هذا الأمر.. ولكني لم أبد اهتماما كعادتي (عندما يغضبني شيء ما)، إلا عندما حاولت تحري أسباب هذا (التغيير) المفاجئ، لأجد من الثقات إجابة على سؤالي (المبرر)، وهي أن صديقنا الدكتور (جهر) للمقربين بأن وجودي معه ربما يطفئ حضوره، ويحرق محاضرته.. كنت أتساءل وقتها: «كيف لأكاديمي أن يكون مشاركا ثابتا في جميع فعاليات النادي الجداوي وهو يفتقر للمهم أبدا: الثقة بالذات وقدرتها على الإنجاز؟!
(4) .. تذكرت الكثير من تلك السياقات ذات الدلالة الصارخة، ولذلك فيبدو أن للحديث بقية في النثار القادم بإذن الله.