الدواعش.. عبدة الشيطان الحقيقيون

تفاعل
تفاعل

الثلاثاء - 01 مارس 2016

Tue - 01 Mar 2016

تجمع الدواعش بممتهني السحر الأسود وعبدة الشيطان قواسم عدة، ويختلفون عنهم بعلمهم بمعبودهم الفعلي، وجهل الآخرين بذلك.

فكلاهما من جنود الشيطان البشريين، وكلاهما يبرهن ولاءه، ويسعى لاستحقاق العضوية بتقديم الأضاحي والقرابين وسفك الدماء، وفي هذه تفوق الدواعش بمراحل.

ففي حين قد يكتفي الساحر بذبح الديكة والسحالي والثعابين وإهانة كلام الله بتمزيق أوراقه أو تلويثها بنجاسة ضمن طقوس معينة، لا يروي عطش الدواعش إلا حز رؤوس أقرب المقربين لهم، ولو كانوا رضعوا معا من ثدي واحد. وليست جريمة قتل جندي الطوارئ بدر الرشيدي الأولى، وقد لا تكون الأخيرة.

الدواعش أهانوا - عن علم أو جهل - كلام الله وسنة نبيه بأسوأ صورة ممكنة، عبر تحريف تفسيرهما، وقولبتهما وتوظيفهما لخدمة أهداف، ربما ظنوا أنها أهدافهم، ولكنها في الحقيقة أجود تنفيذ لخطط الشيطان الجهنمية، في إشاعة التطرف والحقد ورفض التعايش مع الآخر، ونشر القتل والرعب والوحشية بأبشع الطرق التي لا تخطر على بال، ثم إظهار كل ذلك للمغفلين من أتباعهم وللعالم، أنه من الجهاد الإسلامي المرتقي لأعلى درجات الإيمان والملبي للأوامر الإلهية.

كل ذلك كان فعالا في صد الناس عن الإسلام، حتى بات مكروها مذموما، وأصبح هو والإرهاب وجهين لعملة واحدة، الأمر الذي يعد مرحلة متقدمة جدا مما يسعى إليه الشيطان في غواية البشر وتحويل حياتهم إلى جحيم باستخدام ما يجب أساسا أن يكون سبب هدايتهم وعماد عيشة أرادها الله هانئة مسالمة مفعمة بالحب والتسامح.

المملكة بذلت جهودا كبيرة في الحرب الأمنية ضد الإرهاب، وألقت القبض على عدد كبير من الإرهابيين، ويقبع في سجن المباحث ما يزيد على 5000 متهم بالإرهاب، وأحبطت عمليات أريد بها قتل مواطنين صالحين، وزعزعة الأمن، وهز ثقة الشعب في حكومتهم، وإشعال الطائفية، وهي الأجواء المناسبة تماما لنمو وازدهار الجماعات الإرهابية، كما نشاهد يوميا في العراق وسوريا وليبيا واليمن، غير أن الحرب الفكرية على الإرهاب ليست بذات المستوى بعد، وهي المعول عليها في القضاء على الحاضنة المفرخة للإرهاب، وبالتالي الحد من الحاجة لذات القدر من الإنفاق والجهود في الحرب الأمنية.

المتطرفون المحرضون ما زالوا يختبئون بيننا كالأفاعي بجلد ناعم ولون زاه. يبثون سمومهم ويغسلون أدمغة الشباب، ولا سيما الفاشلين التائهين منهم. يصورون لهم طريق الجنة سهلا قصيرا، ثمنه حزام ناسف واحد يفجره أحدهم، ويتمزق معه أثناء صلاة الجمعة في أحد مساجد «المشركين»، ليجد نفسه فورا ممددا، مدلكا، بين أحضان حوريات لؤلؤيات، مثيرات فاتنات، طويلات الشعور، ضامرات البطون، كواعب أتراب، ليسارع الداعشي المغفل مغيب العقل، زائغ العينين، متطاير اللعاب، منتصب الجسم، يريد أن يكون جزءا من تلك الصورة الوهمية بأي شكل ومهما كان الثمن. وما علم أن مصيره الفعلي الكب على وجهه في قعر جهنم خالدا مخلدا، حيث لا ظل ظليل ولا يغني من اللهب، وحيث لا يشفع له قول وما أضلنا إلا المجرمون.

ولو قطع من حرضه بصحة «هايواي» الجنة السريع هذا لسابقه وزاحمه عليه، ولكنه يشك في قرارة نفسه في ذلك، والمنافع السياسية كما ينشدون - لا الدينية كما يزعمون- هي دافعهم لتجنيد البلهاء، بعد تحويلهم لوحوش بلا قلب وشياطين بلا رحمة، والزج بهم في مواطن الصراع التي ترتكب فيها أفظع المجازر، وتلقى جثث آباء وأمهات أبرياء محزوزة الرؤوس في المزابل، وينهش فيها أطفالهم كالكلاب الضالة على قارعة الطريق، ويغتصبون ذكورا وإناثا، ما لم يرتضوا تجنيدهم لذبح جيرانهم وأصدقاء طفولتهم.

لقد أظهرت دراسة أعدت في جامعة نايف للعلوم الأمنية ونشرتها صحيفة «مكة» أجريت على 95 مستفيدا من برنامج المناصحة أن 96% منهم تم إعدادهم لحمل الفكر الضال عبر الرحلات داخل المملكة، فماذا ننتظر بعد ذلك؟ لنبدأ حربا فكرية لا هوادة فيها لاجتثاث من يبرعون في التقية بتظاهرهم أنهم مع الدولة ومع الوطن، وهم ممن خرج من تحت أيديهم عدد من المطلوبين القتلة، المعلن عن جوائز بالملايين لقاء من يدل عليهم.

هؤلاء أخطر على أمننا من كل الأعداء الخارجيين للمملكة مجتمعين. هم السرطان الذي يفتك بجسد الوطن ويسعى ليعيث فيه فسادا، وإذا لم نكن على وعي كامل بذلك، ووعي مطلق بأهدافه الشيطانية، وبواجب كل واحد فينا - مهما كان موقعه ووظيفته وعمره، ومدينته، ومذهبه وميوله الفكرية - في محاربة الفكر الضال، ونبذ الكراهية، وتربية النشء على حب الآخر وإن اختلف معنا، ومحاربة الطائفية بكل صورها التي يمارسها كثيرون ثم يدعون أنهم أنقياء منها، فلا نلومن إلا أنفسنا، لأن اليد الواحدة لا تصفق، ولأن الضرورة تحتم علينا دون أي خيار أو تأخير العمل يدا بيد مع حكومتنا لإنقاذ أنفسنا وأبنائنا من مصير يراد لنا أن يكون أسود، ومظلما لا مشرقا ومنتجا.