صحيفة الحجاز تطالب أهالي مكة بإتقان اللغة التركية

الثلاثاء - 23 فبراير 2016

Tue - 23 Feb 2016

u0623u062du062f u0627u062du062au0641u0627u0644u0627u062a u062cu0645u0639u064au0629 u0627u0644u0627u062au062du0627u062f u0648u0627u0644u062au0631u0642u064a  (u0645u0643u0629)
أحد احتفالات جمعية الاتحاد والترقي (مكة)
بعد إعلان الدستور العثماني في مكة عام 1326هـ، وخروج الوالي أحمد راتب باشا منفيا منها، بسبب سيطرة حزب الاتحاد والترقي على مقاليد الأمور في العاصمة إسطنبول والولايات العثمانية، عين أول وال دستوري لمكة وهو كاظم باشا، لكنه عزل سريعا، وتولى بعده فؤاد باشا، ثم عزل وعين بدلا منه أمين بك، ثم عزل وتعين بدلا منه حازم بيك إلا أنه استعفي بعد شهر، فأوكلت إدارة مكة موقتا إلى منير باشا قائد القوات العسكرية بها، حتى وصل إليها مصطفى باشا الذهبي. ونلحظ من تتابع الولاة وكثرتهم أن الأحوال كانت مضطربة، ليس في مكة فحسب، بل في إسطنبول ذاتها، فأصبحت المناصب تسند إلى الاتحاديين، ومن ينتمي إليهم أو يتقرب منهم، دون النظر إلى الخبرة أو القدرة الإدارية والكفاءة. ويدعى رئيس الاتحاديين في مكة عبدالله قاسم، أما العقل المدبر للجمعية من أهل بيروت يشغل منصب كاتب الولاية، يسمى أبوالثريا أفندي، إلا أن الأهالي أطلقوا عليه أبوالشر، لتسلطه عليهم. مما أدى إلى نفور الأهالي من أعضاء حزب الاتحاد، لتسلطهم وعدم موافقتهم لضوابط الشريعة، وكثرة الضرائب التي فرضوها باسم التبرع للجيش العثماني، والتبرع لأسر شهداء الحرية، والتبرع للمشاريع الإصلاحية وغير ذلك، بل إنهم حاولوا فرض ضريبة على دفن الموتى، مما أثار الناس في الحادثة الشهيرة التي عرفت بحادثة القبوري. كما أن توالي الأنظمة والتعليمات التي يصدرونها من خلال صحيفة الحجاز التي تطبعها مطبعة الولاية بمكة، بما يخالف القوانين القديمة، أزعجت الأهالي. إضافة إلى محاولتهم التدخل في أنظمة الأوقاف، وانتزاع بعضها، وسوء سيرة موظفيهم مع الأهالي في مكة، وانتشار الرشوة والفساد، والسطو على المحلات. واندفاعهم إلى تتريك التعليم، وإلغاء الأحرف العربية في الكتابة، حتى إن صحيفة الحجاز الصادرة في مكة باللغتين العربية والتركية، وتنطق باسم الاتحاديين تشير إلى ذلك صراحة في العدد الثالث أي في بداية صدورها، وتطالب الأهالي أن يتقنوا اللغة التركية حتى يستطيعوا أن يشاركوا في مجلس الدولة، وتعيب عليهم جهلهم بلسان الدولة الرسمي، يضاف إلى ذلك نشر أخبار الأحكام العرفية والإعدامات لرجال الدولة وشبابها في سائر الولايات عبر الجرائد المناهضة لحكم الحزب. وتصل أخبار الحروب التي خاضتها الدولة العثمانية بسبب سياسية الاتحاديين إلى مكة أيضا، وجميعها لم تكن بالأخبار السارة، بل تشير في مجملها إلى قرب انهيار الخلافة العثمانية التي ارتبط بها المسلمون لقرون عدة، وكما يقول عبدالستار الدهلوي في كتابه نزهة الأنظار «دخلت الدولة الحرب برأي حزب الاتحاد والترقي لاتفاقهم مع الألمان لمصالح ذاتية، ومنافع خفية، وبعض آمال كاذبة وهمية، وتنفذهم وسلطتهم في ذلك الوقت على الحكومة والدولة والرعية، وفعلوا ما بدا لهم، وإلا فإن الدولة لم تقبل الدخول في هذه الحرب، لكن السطوة والأمر والنهي وكذا العسكر والقوة بيد حزب الاتحاد والترقي، فأدخلوا أنفسهم في الحرب وأهلكوا جميع المسلمين معهم، وأخربوا الملك وضيعوا البلاد وأتلفوا العباد، وأفقروا الرعية لإجراء ما قدره الله من إخراب بيوتهم بأيديهم». وما زاد الأمر سوءا بدء الحرب العالمية الأولى سنة 1333هـ/‏1941م، وعانت بسببها مكة من نقص المواد الغذائية، وانتشار المجاعة، حتى باع الناس أغلى ما يملكون من أثاث وعقار مقابل الطعام. وكانت هذه السنة هي خاتمة مقامهم في مكة، وغادرها الاتحاديون بعد إعلان الشريف حسين ثورته على الأتراك، وتعد سنوات حكمهم من السنوات المريرة والقاسية التي عاشتها مكة عبر تاريخها. [email protected]