محمد العوفي

الكرة في مرمى الوزراء

الاثنين - 22 فبراير 2016

Mon - 22 Feb 2016

مرة تلو الأخرى تضع الحكومة الوزراء أمام مسؤولياتهم، وتهيئ لهم أسباب النجاح، وتمنحهم الصلاحيات التي تمكنهم من تنفيذ السياسات المنوطة بهم في قيادة الأجهزة التنفيذية دون الحاجة إلى الرجوع إلى الديوان الملكي في كل صغيرة وكبيرة، إلا في الأمور التي تستدعي ذلك مع توضيح المبررات والرأي النظامي، وفقا لما نقلت الزميلة «عكاظ» عن مصادرها، التي أكدت أن هذا التوجيه أبلغ لجميع الجهات الحكومية والمؤسسات العامة.

الرسالة التي أرادت الحكومة إيصالها خلال هذا التوجيه أن المكاتبات والمخاطبات الرسمية للديوان الملكي في الأمور الروتينية التي يمكن أن يقوم بها الوزير وفق أحكام نظام مجلس الوزراء والأنظمة واللوائح الأخرى تعد عيبا إداريا، وبيروقراطية لا تتناسب مع متطلبات المرحلة المقبلة، ولا مكان لها في العهد الجديد للقيادة السعودية الذي بدأ حقبته بإلغاء نحو 12 مجلسا إداريا في يناير 2015، واكتفى بمجلسين فقط: أحدهما للشؤون السياسية والأمنية، والآخر للشؤون الاقتصادية والتنمية، في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة الأداء ومستوى التنسيق ـ تفاديا للازدواج وتحقيقا للأهداف المرسومة ـ بما يؤدي إلى تكامل الأدوار والمسؤوليات والاختصاصات.

التوجيه الجديد اعتبر الوزير رئيسا مباشرا، ومرجعا نهائيا لوزارته، ويمارس أعماله وفق أحكام نظام مجلس الوزراء والأنظمة واللوائح الأخرى، ويعني ذلك التفويض الكامل للوزراء في دفع وزاراتهم نحو النجاح، وتحقيق الأهداف المرجوة منها؛ وعليه فإن أي مبررات للفشل المستقبلي لن تكون مقبولة، لأن أسباب النجاح وفرت لهم بشكل غير مسبوق، وعليهم أن يتحولوا من إداريين إلى قياديين، يجيدون استغلال الفرص، وتوظيف الإمكانيات المادية والإدارية المتاحة لتحقيق الأفضل.

ورغم ذلك كله، سينقسم الوزراء إلى فريقين: فريق يمتلك الشجاعة، والجرأة، والثقة بالنفس، والمهارة الاجتماعية، وسيأخذ زمام المبادرة، ويستفيد من ذلك في تحقيق النجاح، ويصعد إلى المراكز الأولى في دوري الوزارات الذي سيعلن في الأعوام المقبلة وفقا لمعايير قياس أداء الأجهزة الحكومية، وفريق سيبقى مترددا ومتشككا، وسيقف عند التفاصيل الدقيقة، ويغرق في التفسيرات المتباينة لهذا التوجيه حتى تنتهي فترة وزارته بين أخذ ورد.

والنمط الثاني من الوزراء والمسؤولين، وهم كثر، يعدون من المشكلات الإدارية الكبيرة التي توثر بشكل كبير على أداء المنظمة، وتقود إلى تعثر خططها ومشاريعها، فهم لا ينجزون، ولا يحققون النتائج المطلوبة، وتتصف قراراتهم بالضعف، ويميلون إلى المراوغة والهروب.

هذا التفويض يحتاج إلى نمط خاص من الوزراء، كوزير التجارة والصناعة الحالي الدكتور توفيق الربيعة، فهو وفقا لمعايير القادة المتعارف عليها في علم الإدارة والقيادة قيادي من طراز رفيع، فالنجاحات التي حققها في وزارة التجارة والصناعة وآليات العمل التي اتبعها تؤكد ذلك، ومستوى رضا العملاء - المقياس الوحيد الذي يحكم به على أداء الأجهزة الخدمية - عن أداء وزارته قد يكون الأعلى دون باقي الوزرات، ولا يعني ذلك تقليلا من قدرات باقي الوزراء، لكن ليس للناس إلا ما يرون ويسمعون.

المهم أن هذا التوجيه وضع الكرة في مرمى الوزراء على اختلاف ميولهم ومدارسهم الإدارية، وبقي الحديث عن الإنجاز المرتقب، كما أنه سيخلق فرصة واسعة لظهور جيل جديد من القيادات الإدارية، التي يمكن الرهان عليها مستقبلا لحل أزمة القيادات في الجهات الحكومية، التي تشير الدراسات إلى أنها ستظهر في غضون تسع سنوات، وفقا لما أشارت إليه وزارة الخدمة المدنية في مؤتمر القيادات الإدارية الحكومية في المملكة: الواقع والتطلعات، علاوة على أن ضخ قيادات جديدة ونشطة في شرايين العمل الحكومي يمكنه من استعادة حيويته وطاقته، وقدرته على تقديم الخدمات بجودة عالية.

خلاصة القول، إن التوجيه رسالة واضحة وصريحة لجميع الوزراء والمسؤولين، لكن فهمها وتفسيرها سيختلف من مسؤول إلى آخر، والمحك الرئيس كيف سيوظفها الوزراء والمسؤولون إيجابيا لتحقيق الأهداف المرجوة من وزاراتهم، وحتى ذلك الحين انتظروا وإني معكم لمن المنتظرين.

[email protected]