الغميز يوثق أنسنة الثبيتي في رسالة علمية

الجمعة - 19 فبراير 2016

Fri - 19 Feb 2016

وثق الباحث عبدالإله الغميز أبعاد الأنسنة في نصوص محمد الثبيتي في رسالة علمية بعنوان »أنسنة الفضاء في الاستعارات الشعرية عند محمد الثبيتي -دراسة تداولية إدراكية« نال بها درجة الماجستير في الأدب والنقد من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.

لماذا الثبيتي؟

يجيب الغميز المهتم بالتداولية واللسانيات الحديثة لـ»مكة« بأنه اختار الثبيتي لأنه لم يعط حقه من التقدير والاحترام، مضيفا »هو علامة فارقة من علامات الشعر الحداثي في السعودية، فلم يحتف به في شباب شعره احتفاء يليق به، وهوجم في نضجه، ونسي في مرضه، لذا أحست النشاطات الثقافية في المملكة بعد موته بتأنيب الضمير«.

رموز الحداثة

وحول مدى قابلية المناخ العلمي في جامعة إسلامية لرموز الشعر الحداثي في السعودية قال الغميز »منذ مطلع الألفية واكبت جامعة الإمام التطور المعرفي العالمي عبر ابتعاث طلابها، وترجمة الكتب المهمة في شتى التخصصات، وجذب الكفاءات العلمية من الدول العربية والغربية من أكاديميين ومستشارين، كما أن الذهن العام للمجتمع السعودي تقبل العولمة، ودخل مرحلة ما بعد الحداثة والتعددية الثقافية، واطلعوا على ما كانوا يتوجسون منه سابقا. كل ذلك دفعني لتسجيل رسالة في شعر الثبيتي بعد أن كشفت الأوراق، وطبع »التضاريس« مصحوبا ببقية الدواوين، كما يذكر لي أحد الزملاء أنه سجل رسالة قبل تسع سنوات درس فيها روايات غازي القصيبي وتركي الحمد«.

مبحث الرسالة

ويتجه الغميز نحو مبحث الرسالة للكشف عن خصائص ومتعلقات «الإنسان الواعي» المستعارة للفضاء، لوجود بنية تشبيهية بينهما، وهي بنية تصورية إدراكية تتبلور دلالاتها خارج مستويات النظام البنيوي للغة: الصوت، الصوت الكلا مي، التركيب الصرفي، التركيب النحوي، الدلالة اللغوية.

لافتا إلى أن الثبيتي حينما يستعير من معجم الإنسان «الجدائل» ويمنحها للنخلة في قوله: نخلة طوقت بجدائلها الماء والشمس، فإن القارئ تثار ذاكرته من دون إرادته، فيبحث دماغه في الذاكرة عما يشبه الجدائل في صورة النخلة ليكتشف »السعف«.

من الرسالة

وجاء في رسالة الغميز

»اهتم الثبيتي بالفضاء، حتى إنه سمى أحد أهم دواوين شعره بالتضاريس، وفيه يقول: »جئت عرافا لهذا الرمل أستقصي احتمالات السواد...«، وجعل فضاء الصحراء الرحب فضاء مضادا لفضاء المدينة المغلق، وكلنا نعلم أن شعر الثبيتي حداثي الشكل رومانسي الفكر، وهذا يفسر هروب الرومانسيين من المدن إلى الطبيعة، فكما هرب جبران خليل جبران من القصور إلى الغابات »هل اتخذت الغاب مثلي منزلا دون القصور، فتتبعت السواقي وتسلقت الصخور...«، هرب الثبيتي من المدينة إلى الصحراء، ولكي يقيم هذا الفكر الرومانسي في شعره بين طبيعة الصحراء وصناعية المدن، نراه يسند الفخر إلى الربيع »حينما تعشقين يفاخر ورد الربا بشذاه...«، ويسند الحقد إلى الغرفة غرفة بابها ليس لها أي باب وأرجاؤها حاقدة.

ومتعلقات الإنسان الجسدية التي استعارها الثبيتي للفضاء تنوعت ما بين الهيئة الجسدية مثل: اليد، والعيون، والجدائل، والعورة وغيرها، مع وجود قرينة تدل على أنها أقرب للإنسان منها إلى الكائنات الحية، أو إسناد صفة إلى وجه الإنسان كالأمرد، أو إلى اللباس كالبردة والثياب، أو الاجتماع والتجمهر كالعرس والفلول، أو الحركة والفعل كالركض والتقبيل والسفور، أما أحوال النفس الإنسانية مثل: الكذب، والحقد، والحزن، والفخر، والطموح وغيرها، استعارها الثبيتي ليؤنسن بها فضاء الصحراء والمدينة، لأنه وجد تشابها بين التجربة الإنسانية التي نتصور من خلالها أحوال النفس وبين طبيعة الفضاءات وهيئتها«.