خالد عبدالرحيم المعينا

ما هي أولوياتنا وقضايانا الملحة؟

الخميس - 18 فبراير 2016

Thu - 18 Feb 2016

سألني أحد الصحفيين عبر الهاتف، ضمن أسئلة كثيرة أخرى، عن أولوياتنا في هذا البلد والقضايا الملحة التي تشغل أذهان الناس.

وبالطبع فأنا لا أتحدث عن جميع الناس ولا أمثل كل المواطنين، لكنني أمثل نفسي فقط، ومن هنا يمكن أن أقول إن أي مواطن عاقل ومواكب للأحداث لا بد أنه سيكون منشغلا بالتقلبات الاقتصادية والسياسية في العالم الذي نحن جزء منه.

وبفضل وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة لم يعد هناك أي بلد معزول في جزيرة نائية عن الآخرين وإننا قد أصبحنا مرتبطين لدرجة أن أي حادث يقع قريبا منا أو بعيدا عنا سوف يكون مثار اهتمامنا ومتابعتنا.

وعلى أية حال فبالنسبة لي وفي رأيي الشخصي فإن أكثر القضايا الملحة عندنا هي الشباب والتعليم، ومن هذا المنطلق يمكن أن نتساءل: كيف يمكن أن نقدم لشبابنا تعليما يرفد المتخرجين بالمعرفة التي تجعلهم مواطنين منتجين، أسوياء وصالحين ويزرع فيهم القيم الجميلة في إطار عقيدتنا الإسلامية السمحة؟

كيف يمكن أن يسهم هذا التعليم في تخريج أجيال من المستنيرين المسلحين بالمعرفة والمستقيمين سلوكا وخلقا وليس ببغاوات تردد ما يسمع؟

ولكي نحصل على التعليم الراقي المنشود، علينا أولا أن نقوم بمراجعة شاملة لنظام التعليم القائم، والمقررات الدراسية في كل المراحل التعليمية، وتدريب المعلمين وتأهيلهم، واستخدام وسائل الاتصال الحديثة في العملية التعليمية بحيث تمكن الشباب من الإسهام بقوة في عملية بناء الوطن.

وعلينا أيضا أن ننشر ثقافة الحوار، والتسامح، وقبول الآخر والتعددية في المجتمع ومن خلال هذه الأشياء يمكن أن نحمي شبابنا من الوقوع في براثن الإرهاب والأفكار المتطرفة.

وأولوية أخرى لا تقل أهمية في رأيي هي سيادة القانون ووجود نظام قضائي عادل ومرن يديره قضاة متعلمون، ومؤهلون، وأكفاء يتمتعون، إلى جانب المعرفة القانونية الدقيقة، بالرحمة والرأفة والعدل.

ويجب ألا نغفل هنا مبادئ الحوكمة الجيدة، والإدارة الرشيدة، والمحاسبة والأخلاق المهنية التي يجب أن تكون جزءا من منظومة العمل عند كل الموظفين كبارا وصغارا.

ويجب ألا يتخيل أي إنسان، رجلا كان أو امرأة، أنه أو أنها فوق القانون وأن القوانين والأنظمة وضعت لكي تكسر، أو أنها في أفضل الأحوال تطبق على الضعفاء والمساكين الذين لا ظهر لهم.

أما الذين في السلطة فعليهم أن يكونوا القدوة والمثل وأن يعلموا أنهم إنما وضعوا في هذه المناصب العالية لخدمة الوطن والمواطنين.

وإذا وضعنا كل هذه الأمور في أماكنها الصحيحة، فيمكن عندئذ أن نرتب أولوياتنا التي هي مهمة وحاسمة لحياتنا.

وكما يعلم الجميع، فإننا نعيش في واقع جغرافي قاس تمثل فيه المياه سلعة غالية. وهذا يطرح السؤال المشروع التالي: كيف يمكن أن نحافظ على مواردنا المائية الضئيلة؟ ماذا يمكن أن نفعل ونحن نراها تتناقص يوما بعد يوم؟

أضف إلى تناقص الماء، وهو عصب الحياة، ازدياد استهلاك الطاقة وارتفاع عدد السكان. هل فكرنا مرة في إنشاء مركز خاص للتعامل مع هذه الأمور؟

هل لدينا الشجاعة الكافية لنطالب بتنظيم الأسرة ووضع البرامج للحد من الانفجار السكاني؟

هل صحافتنا وإعلامنا المحلي على قدر المسؤولية لكشف أخطار التلوث وتدمير البيئة من قبل الأفراد غير المسؤولين في مجتمعنا؟

إننا معجبون بشكل خاص بالانتقاد وتبيان أوجه القصور وغالبا ما نفعل ذلك في غرفنا المريحة المغلقة، لكن هل لدينا الشجاعة الكافية لتوجيه الانتقاد علنا والحديث جهرا عن القضايا التي تشغل بال المواطن؟

وهذه الأمور كلها، والأولويات، والقضايا الملحة يمكن معالجتها من خلال مجتمع متمدن به المؤسسات الكافية التي تعتبر من المحركات المهمة لعملية النماء والتطور.

أما بالنسبة للحكومة، فأتمنى أن تحتضن هذه المؤسسات من خلال شراكة تكون مفيدة لمجتمعنا. ولكي يتحقق هذا، فنحن نحتاج لدعم كل المناطق والشعب بمختلف فئاته ومذاهبه خاصة ونحن شعب واحد متساوون في الحقوق والواجبات.

وهناك قضية أخرى ملحة لكن الحديث عنها لا يسعه مثل هذا المقال بل تحتاج إلى مقالات وكتب ألا وهي قضية المرأة وحقوقها المشروعة.. والحديث عنها يطول.

[email protected]