شاهر النهاري

وكيف لا تكون حربا عالمية ثالثة

الثلاثاء - 16 فبراير 2016

Tue - 16 Feb 2016

بالعودة بشريط الأحداث للخلف ولفترة نهاية الحرب العالمية الثانية، واستسلام اليابان بعد الكارثتين النوويتين في ناجازاكي وهيروشيما واللتين حصدتا عشرات الآلاف من الضحايا البشرية في ثوان، وأعقبهما من الحرائق والموت والتضرر بالإشعاع ما غشي أديم الأرض بضحايا السرطان إلى يومنا.

وبعد ذلك التاريخ، لم تخل الساحة العالمية من حروب متفرقات، بعضها موقد فيتنامي، وبعضها نكسة جائعة عطشى، وبعضها متجمد بين القطبين العالميين أمريكا والاتحاد السوفييتي في حرب لم يحدث خلالها إلا قدح الأفكار، وتسابق المصانع في التسليح بما يكفي لحرق الأرض ومن عليها.

وتتجمع في 1991، أغلب دول العالم لتحارب من أجل تحرير الكويت، ولتجرب أسلحتها المخزنة، في حرب توقعت الأقلام بأنها حرب عالمية ثالثة، ولكن معطيات ما جرى خلالها لم يؤهلها فعلا لتكون كذلك، حيث إن جحافل من يقومون بالتحرير تجمعوا في طرف واحد، بينما ظل الطرف المدافع خاويا، لدولة عجز جيشها، ومقاومتها عن الصمود، فأصبحت الحرب أقرب إلى الضحكة أو المناورة المشتركة من طرف واحد، روحا وتوجها.

كل حروب الحقبة الماضية لم تستطع أن تحمل مسمى الحرب العالمية الثالثة بجدارة، ولذلك ظل الاسم شاغرا إلى وقتنا هذا!.

واليوم يتنامى بيننا شعور عالمي بأن ما يحدث في سوريا، سيكون جديرا بمسمى الحرب العالمية الثالثة الساحقة الماحقة لمعطيات كثيرة منها:

1. أن العدو غير واضح المعالم والكيان.

2. أن الهدف الحقيقي من خلف الحرب غير جلي، وربما يفهمه بعض المحاربين بعكس ما يعنيه المخططون للحرب.

3. أن الدول المهددة بالخطورة والدمار تمتد، بعمق العراق وسوريا وتركيا ولبنان وفلسطين وإسرائيل والأردن، وأن بأس بعض تلك الدول أشد بكثير من بعضها، مما سيساعد على تبديل المراكز، والخروج عن النص في الخفاء.

4. أن القائمين بالحرب شيع وأشتات وكيانات، وأحلاف، ويزيد عليهم من يريد التواجد من أجل معاكسة مجال الرمي.

5. وجود ما يقارب ثلاثمئة وخمسين دولة ضمن التحالف يجعل من الصعوبة بشكل، بأن يكون لهم غرفة قيادة مشتركة واحدة، ولا عقل مدبر مسيطر واحد، ولا مثل أعلى.

6. الأسلحة المستخدمة في هذه الحرب عظيمة هائلة، وبعضها غير معلوم الخطورة، وقد تكفي لحرق الأرض والقمر والمريخ مجتمعات.

7. الأنفس لا تتفق، حتى فيما بين أعضاء الفريق المتحالف، وانتهاز الفرص وتصفية الحسابات محتملة.

8. نسبة حدوث الأخطاء كبيرة التوقع، بضربات قوات صديقة، مما يجعل النتائج مفتوحة.

9. روسيا تعتبر زعيمة للحزب المدافع عن النظام السوري، والتي كانت وما زالت واثقة من أفعالها المنكرة في حق الشعب السوري المطحون، وأي تداخل ضدها في التوجهات قد يجعل شرارة الخلاف تتقد، وتحرق أكثر.

10. الضاربون من على البعد بطائراتهم وصواريخهم، والموجهة أوتوماتيكيا، يلعبون في الجهة الآمنة، وهم على عكس الدول التي سيكون لها قوات بشرية على وجه الأرض.

11. أصحاب الأرض سواء من السوريين، أو حتى من العراقيين، سيدفعون الثمن غاليا، ولن يكون لهم دليل بين مساحات المناطق المحروقة، وبما تخلفه من إشعاع.

كل ذلك يقول إننا نقابل حربا عالمية، عشواء، وقد تكون الثالثة ثابتة، كفانا الله وإياكم منها، وأعاد لنا أبناء هذا الوطن البواسل سالمين غانمين.

[email protected]