عادل حوشان

الهيئة وعلي العلياني والمريخ

الاثنين - 15 فبراير 2016

Mon - 15 Feb 2016

في فيلم « الكائن الفضائي» بطولة «مات ديمن» يقول هذا الرجل المنسي في المريخ بعد أن اعتقد طاقم المركبة أنه قتل بفعل عاصفة قبل مغادرتهم، وهو فيلم تخلصت فيه السينما الأمريكية عن الخيال العلمي وركزت فيه على الواقعية، ويؤدي فيه «ديمن» دور الباحث الزراعي يقول «إذا زرعت كوكبا فقد احتللته». هذه المقولة في سيناريو الفيلم تأتي في سياق محاولة الفضائي المنسي للعيش على كوكب المريخ باستخدام التقنية للبقاء على قيد الحياة، حتى يتمكن من التواصل مع وكالة الفضاء لإنقاذه.

قصة الفيلم شيقة وطويلة، ويعتبر الفيلم من الأفلام الطويلة، مدته أكثر من ساعتين، وهو طويل نسبيا بالقياس على زمن أفلام الأكشن والدراما.

في نفس الليلة كان يتسرب خبر عن «القبض» على الإعلامي الأستاذ علي العلياني وتظهره الصورة مكبلا فيما يبدو من الخلفية أنها إحدى المركبات الرسمية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. توالت الأخبار لتؤكد القبض والإفراج وملابسات القصة ووضوح السيناريو لهذه الليلة، أي ليلة علي العلياني والهيئة وليست ليلة فيلم «مات ديمن».

هذه المقالة ستبدو متأخرة نسبيا على ليلة الفيلم لأن هناك مقالات كثيرة ستكتب وكتبت منذ ليلة السبت، وعالجت أو ناقشت السيناريو والقصة وبحثت عن أدق التفاصيل على ما يبدو.

في جريدة عكاظ صرح عضو مجلس الشورى وقاضي الاستئناف السابق الدكتور عيسى الغيث أن الهيئة ارتكبت ثلاث مخالفات لثلاثة أنظمة للدولة وفندها حسب جريدة عكاظ، بالإضافة إلى عقوبات هذه المخالفات.

كما أشار الأستاذ قينان الغامدي في مقالة له نشرت في الوطن السعودية تحت عنوان «الجنس والإغراء ـ جريمة العصر في سجن عسير» إلى أن هناك أكثر من مائة وخمسين سجينا بين مهندسين وأطباء وأساتذة جامعات وضباط وطلاب جامعيين ومسؤولين قضاياهم تتعلق بتهم باطلة وإجراءات محاكمة ظالمة وأن هيئة الأمر بالمعروف تستدرج وتغري بالرذيلة، ثم تتجسس وتنصب الكمائن ثم تحقق وتعد وترشو بالإفراج حتى تعترف الضحية ثم «تشوت» القضية لهيئة التحقيق والادعاء العام».

هل يشك أحد أن قضية العلياني تندرج تحت هذا السيناريو؟ وهل نتذكر قضايا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر انتهت دون أن يدان فيها أي عضو، بالرغم من أنها صنفت كجرائم تخالف قوانين وأنظمة الدولة؟

صحوة الثمانينات «زرعت» الكوكب، والذي يحدث الآن أن هناك بذورا نبتت، بذور معظمها لنباتات سامة، وبالتالي فإن مرور قضايا من هذا النوع دون عقاب يعني أن الشجيرات التي كان بالإمكان استئصالها قد أصبحت أشجارا كبيرة وقطعها يستلزم تغيير الآلات البدائية التي كان بالإمكان استخدامها قبل أن تثمر هذه الأشجار لقضايا من هذا النوع وتنتشر الغابات. لتصبح آلات صناعية حضارية هائلة أقرب إلى المدنية منها إلى الطريقة الرعوية البدائية.

أي نبتة سامة حين تكبر سيصبح موضوع إزالتها صعبا وسيصبح تأثير سميتها أكثر، وربما تكبر أجيال ترى في هذه الغابة ظلالا تحميها وستتبنى هذه الأجيال حمايتها والدفاع عنها.

الخطوة الأولى هي التوعية بضرورة الخلاص من هذه الغابات وسميتها، والخطوة الأخرى هي إما الاستفادة من مخلفاتها، إن كان ذلك ممكنا مهما كانت النبتة، ومدى الاستفادة منها حتى لو بتحويلها إلى رماد أو فحم. وفي حال أي جهة كانت تكرر ارتكاب المخالفات قانونية إعادة تخصيبها بالأنظمة والقوانين.

في مثل حال الهيئة أصبح من الضرورة إعادة قراءة هذا الملف بكل قضاياه وتفاصيله، والأهم إعادة هيكلته ووضع أنظمته، إذ إن بقاء بعض المجتهدين يتصرفون في المجتمع أمنيا وأخلاقيا وسلوكيا دون معاقبة يعني اعتياد السمية وفساد التغذية الحضارية والمدنية، مما سيؤدي مستقبلا إلى ولادة أجيال مشوهة مثلما يحدث الآن مع فيروس «زيكا».

[email protected]