صالح عبدالله كامل

وحدتنا تصيب عين الحاقد بالعمى

السوق
السوق

الأحد - 14 فبراير 2016

Sun - 14 Feb 2016

بفضل من الله وتوفيقه، ثم بالرعاية الحانية والقيادة الحكيمة المتواصلة، تبقى صورة المملكة العربية السعودية زاهيةً مشرقةً مضيئةً على مدار العقود والأيام، يحتل الإنسان فيها عنايةً واهتماما المركز الأول والأولى، منذ أمنت القيادة مع تأسيسها على يد الملك المغفور له بعون الله عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، يوم أعلى صرخته المشهورة: «والآن ستكون بعون الله حرباً على الفقر والجهل والمرض» وأضلاع هذا المثلث المتساوية، تحولت إلى برامج عمل طموح، وخطط متواصلة من أجل رعاية إنسان المملكة العربية السعودية، بل وزادنا الله من فضله حيث لم تقتصر هذه الرعاية على المواطن، بل شملت بفضل الله الزائر والمقيم وحتى عابر السبيل.

وكلما أفاء الله على هذه البلاد المقدسة بارتفاع أعداد الحجيج والزوار، زادت المسؤوليات وازداد الوفاء بها مهما كانت الظروف والأحوال.

أحرر هذا المقال وأنا أتابع عبر القنوات المتلفزة والصحف ومعظم وسائل الإعلام والاتصال، المهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» والذي يصل بحمد الله عقده الثالث، ليصبح موسماً سنوياً للفكر والثقافة والتراث، موفراً المزيد من فرص التلاقي بين العقول العربية والإسلامية ولدرجة العالمية، ليكون ساحةً للعقل ومعقلاً للتراث، وحافظاً للموروث، في زمن طاشت فيه الكثير من العقول، ودُمرت فيه مواطن للحضارة والتراث، وتاه فيه الموروث، بعد أن فرّط الوارثون في كثير من كنوزه، في هذا الزمن المستعر تتوجه كل العيون إلى الجنادرية لتتأكد أن فكر الأمة بخير وأن ضميرها يقظ ناشط في رسم الصورة الحقيقية الحضارية لخيرِ أمةٍ أُخرجت للناس، رغم أنف الحاقدين والمخربين الفجرة.

تأتي الجنادرية والمملكة اليوم تقود تحالفاً عربياً وإسلامياً للحفاظ على اليمن إنساناً وحضارةً، مستقبلاً وتاريخا. تتواصل الجنادرية مشعلاً لم يخب رغم خفوت أسعار النفط. تستمر الجنادرية وأعداء العرب والإسلام، يحاولون أن يطفئوا نور الله، ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

تشخص الجنادرية اليوم لتؤكد الواقع المشرق لأمتنا التي لم تسلبها الحروب ولا الصراعات ولا الإرهاب والخسّة بريق ماضيها العريق لتؤكد أن فترة الخراب والإرهاب لم تقتل في نفوسنا التمسك بالتقاليد ولم تخنق في صدورنا نسائم الأصالة، ولم تفتّ في عضد تماسكنا ولم توهن في قلوبنا لحمتنا ووحدتنا. المملكة شمالاً وجنوباً، شرقاً وقلباً وغرباً. بكل أصالتهم ترسم لوحة متلاحمة تصيب عين الحاقد بالعمى وتقتل في صدر الحاسد كل أماني الضلال التي تعمره وتملأ ضلوعه.

وفي قلب هذا المشهد الأسطوري المتكرر، يطل العاهل المحبوب الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين يخاطب زوار الجنادرية وضيوفها وهو يخاطب العالم من خلالهم عامةً، والمسلمين على وجه الخصوص قائلاً فيما يتعلق بهم: «نحن ندافع عن بلاد المسلمين، ونتعاون مع إخواننا العرب والمسلمين في كل الأنحاء للدفاع عن بلدانهم وضمان استقلالهم والحفاظ على أنظمتها كما ارتضتها شعوبها».

مؤكداً يحفظه الله أن ديننا الإسلامي دينُ عدلٍ ووسطية ورحمة، وما نشاهده من إرهاب ممن يدّعون الإسلام، والإسلام لا يمت لهم بصلة على الإطلاق لأنه دين محبةٍ وتعاون.

وأكد القائد يرعاه الله: «نحن مستعدون، ويجب أن يكون هناك تعاون في مكافحة الفقر والجهل، لتشعر شعوبنا بالنعمة التي هي فيها».

وكأنه يلفت أنظار العالم، ويلوي رقاب الجهلاء أن ما ترغبه المملكة من تعاون وتحالف ليس عسكرياً فحسب، بل في كل مجالات الحياة التي تضمن للناس الرفاهية والخير والسعادة.

وبخبرة الفطن وبنظرة الحكيم، لم ينس خادم الحرمين الشريفين – نصره الله ورعاه – أن يؤكد على روح التفاؤل رغم ما يحيط بالعالم وبنا على وجه الخصوص في منطقتنا فقال: «علينا جميعاً وعليكم واجب كبير في جمع الكلمة ووحدة الصف وتنوير الأمة، وعلينا أن نكون متفائلين رغم الظروف المحيطة بنا، لأن تضافر الجهود والعزيمة سوف يخرجنا من هذه الأزمات بإذن الله».

وفي رسالة واضحة قوية استهلّ بها الملك المفدى حديثه لضيوفه والعالم: «كما نحرص على أن يعمَّ الأمن والسلام منطقتنا، فإن من حقنا الدفاع عن أنفسنا من دون التدخل في شؤون الآخرين، وندعو الآخرين إلى عدم التدخل في شؤوننا».

ولم يغفل الملك في إشارة ذكية وعميقة: «إن المملكة العربية السعودية بلدكم لا يوجد فيها أزمات ولا يوجد فيها اضطراب ولا ما يثير الأمن، وأنا أتحمل مسؤولية أمن بلادكم بلاد الحرمين الشريفين، لأن أمنها أمنٌ لكم أنتم، حجاجاً ومعتمرين وزواراً».

ومن هنا عزيزي القارئ، وبعد حديث القائد، يأتي دون أدنى شك دورنا كمواطنين، ندرك أن للحرب أسلحة عديدة، وللفتنة مخالب مُسيّسة تأخذ أشكالاً مخادعة وناعمة، ومن هنا وجنودنا البواسل يقدمون النفس الغالية رخيصةً من أجل بلاد الحرمين، علينا أن نكون جنداً مثلهم في وعينا وفي تماسكنا وفي تقديرنا للظروف والأحداث. أمناء في السمع، أمناء في الفهم، أمناء في التلاحم والمحبة والتكاتف، ولنا فيما يدور في عالمنا العربي المقهور من تقطيع وتجزئة ما يجعلنا نرفع أكف الضراعة إلى الله العلي القدير أن يحفظ لبلاد الحرمين أمنها وأمانها، وأن تعم أوطان المسلمين كافة بل والعالم أجمع هذه النعمة التي بدونها تمسي نظيراتها من الأشياء بلا معنى ولا غاية ولا فائدة...

فكم هو مؤلم أن يموت أهل الشام جوعاً، وأن يموت أهل العراق فتنةً لا تبقي للأنهار عذوبتها، ولا للأشجار ثمرتها.

نعم الأمن هو نعمة الله الكبرى على خلقه.. فالفقير قد يغتني في البلد الأمن، والجائع في ربوع الأمن لا يطول جوعه، والصغير يكبر أسرع في ظل الأمان.

لقد أنعم الله على بلادنا بكل النعم، وما أعظم أن تكون هي القبلة ومهوى الأفئدة، والمرزوقة من كل الثمرات.

أرجوكم تأملوا هذه: «حدنا الجنوبي يخوض حرب تأييد ونصرة لشرعية الأعزاء والأشقاء في اليمن، ونحن في كل الحدود ننام آمنين بفضل الله».

جعلنا الله من الشاكرين لنعمه كما ينبغي لشكره جلَّ في علاه.