أنا وقطط عبدالله إدريس

الأحد - 14 فبراير 2016

Sun - 14 Feb 2016

عبدالله إدريس الفنان التشكيلي صاحب الحضور الأقوى في الساحة التشكيلية، صديق خرجت به مكسبا من بيت الفنانين التشكيليين، وكانت البداية مقالاته التي نشرها ينتقد فيها أداء البيت عندما كنت أرأسه وكنت من خلالها أعرف الأخطاء التي كنا نرتكبها دون قصد، كانت كتاباته الصادقة سبيلا لبعض التحسينات واستغرب البعض حرصي على الاقتراب منه تقديرا مني لصراحته ظانين أني سأناصبه العداء كما يفعل البعض مع من ينتقدهم، ولا غرابة فهذا ديدن الإدارات في مجتمعاتنا في تقريب المطبلين وإقصاء الناقدين.

يحلو لي عندما أقدم عبدالله إدريس أنه أحد أفضل خمسة فنانين على مستوى المملكة، وإن كنت لا أستطيع أن أحدد هؤلاء الخمسة.

رافقت عبدالله منذ ربع قرن ودامت علاقتنا بسبب أنه لا يجاملك في أي قضية وخاصة القضايا التي تتعلق بالذوق، فأنا أؤمن بأننا نتطور بمصاحبة هذا النوع من الأصدقاء، ولا يعطل تطورنا إلا المجاملات، لذا فهو في سجال دائم خسر فيه البعض وكسب فيه البعض الآخر في الساحة وخارجها.

وأعترف بأن الساحة التشكيلية لم تنضج بما فيه الكفاية حتى اليوم بالرغم من أن تجربتنا تمتد إلى أكثر من ستين عاما.

عبدالله إدريس كغيره من الفنانين له مزاجه الخاص وسلوكه المختلف ورؤيته التي تكشف له الأمور من زاوية تغيب عن الأشخاص العادين، فالموهبة والإبداع يصنعان من شخصية صاحبهما إنسانا لا ينتمي للقطيع ولا يقبل المواقف باستسلام من لا يملكون صفات الفنان.

من صفات عبدالله التي اكتشفتها من أول أسبوع رافقته فيه هو عنايته الفائقة بالقطط عناية تصل بك إلى التذمر أحيانا! فكثيرا ما أجد نفسي في صيدلية بيطرية لشراء دواء أو في زيارة قط ينام في عيادة طبيب بيطري! وهالني مرة أنه أهدى لوحة فنية من أعماله لطبيب عالج أحد قططه المدللة.

كان كلما قبض ثمن لوحة يتوجه إلى ركن طعام القطط في بقالة معروفة لشراء ما لذ وطاب، لهذا لم أستغرب عندما رأيت أحد قططه ينتظره أمام مدخل العمارة حيث يسكن عبدالله وكنا تأخرنا ذات مساء في سهرة بعيدة عن المنزل، ولا أنكر أن عبدالله إدريس صديق كريم كثيرا ما يدعو أصدقاءه ولكن ما لا حظته مؤخرا أنه أصبح يدعوني على العشاء أولا كلما باع لوحة من أعماله المميزة قبل شراء طعام القطط، مما يجعلني أشعر بأني وبعد ربع قرن أصبحت أكثر حظا من القطط التي تنتظره كلما تأخر.