الكتابة في زمن الدمار!
الأربعاء - 10 فبراير 2016
Wed - 10 Feb 2016
بحق، هل ثمة متكئ على أريكته ويقرأ في زمن الدمار؟! قد أبدو متطفلا بعض الشيء عندما أتفحص وجوه الناس وأسألهم عن يومياتهم وماذا يفعلون، من يقرأ؟ ومن ينتحب؟ ومن يلطم في زمن الدمار؟! قد يكون الدمار مسوغا لتطفلي هذا بحق، فمن يقرأ في زمن الفوضى والدمار؟ لكن السؤال الذي ربما يفترض أن يطرح أولا هو: من يكتب في زمن الدمار؟! هل من كاتب يعتقد أن العالم سيقف لحظة ويقرأ ماذا كتب في زمن تتناثر فيه أشلاء البشر؟!
مذيع الأخبار يسرد أعداد القتلى يوميا كأنما يسرد أرقام مبيعات متجر في آخر النهار، والناس تشاهد القذائف والأنقاض والأشلاء والدماء كل يوم كأنما تشاهد زخات من المطر. لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا، ولن يفعل أحد شيئا لإيقاف هذه الحقبة التي ربما كان قدرا أن تمر بها جميع المجتمعات حتى تدرك قيمة السلام والاستقرار.
في فيلم البؤساء الغنائي الذي أنتج 2012 والذي يجسد رواية البؤساء الشهيرة لفيكتور هوجو يردد الطفل الثائر أغنيته الحزينة في جو مليء بالجنون والفوضى والجوع ليس بعيدا عن الجو الذي يعيشه الإنسان العربي الآن، فيقول متحدثا عن الثورة الفرنسية: «في وقت ما قتلنا الملك.. وحاولنا تغيير العالم سريعا.. والآن أصبح لدينا ملك وليس أفضل مما سبقه.. هذه الأرض التي دافعت عن الحرية والآن نتقاتل من أجل الخبز.. كل ما حدث من أجل المساواة ولكن الجميع متساوون عند الموت». في تلك الفترة التي أعقبت الثورة الفرنسية والتي تلت عصر الإرهاب مباشرة استطاع البرجوازيون إعادة الملكية، لكنهم لم يغيروا نظرتهم للفجوة الطبقية آنذاك فسرعان ما دبت الفوضى من جديد، وعقب ذلك سلسلة من الثورات والجمهوريات. فقد الناس في القرن التاسع عشر في فرنسا ثقتهم بكل شيء، قسم كبير من الناس ألحد وآمن بأنه ما من إله في هذا الكون يرضى بمثل هذا الظلم، وقسم آخر لجأ إلى الكنيسة واعتبر ما يحدث سخطا إلهيا، وكثر عدد المتدينين مقابل ازدياد عدد الملحدين، فيما ذهب قسم آخر إلى إشباع حاجاته العاطفية وانصرف للأدب والشعر والعشق، وازدهرت تلك الفترة التي عرفت بالرومانسية في أوروبا.
الفوضى التي تحدث في العالم العربي الآن هي شكل طبيعي من أشكال الصراع الطبقي الذي تمر به أي أمة من الأمم. فليس هناك مجتمع مدني قوي في العالم العربي حتى يتم التحول الديمقراطي سلميا، بالتالي كان الصراع الدموي مآلا لا محيد عنه. ولا أظن أن أحدا لديه القدرة ليدين ذاته ويعتقد أنه جزء من الفوضى. فالنخب السياسية تلعب على وتر الأكثرية والأقلية، والأقلية تلجأ للقوى المتطرفة كخيار أحمق بحثا عن الحضور السياسي، والأكثرية تلجأ للاستبداد لتكريس الوضع القائم كردة فعل أشد حماقة.
هنا تذكرت أحد أبيات نزار قباني في قصيدته المشهورة «هوامش على دفتر النكسة» يقول: «لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم.. لا تلعنوا الظروف.. فالله يؤتي نصره من يشاء.. وليس حدادا لديكم يصنع السيوف.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا».
مذيع الأخبار يسرد أعداد القتلى يوميا كأنما يسرد أرقام مبيعات متجر في آخر النهار، والناس تشاهد القذائف والأنقاض والأشلاء والدماء كل يوم كأنما تشاهد زخات من المطر. لا أحد يستطيع أن يفعل شيئا، ولن يفعل أحد شيئا لإيقاف هذه الحقبة التي ربما كان قدرا أن تمر بها جميع المجتمعات حتى تدرك قيمة السلام والاستقرار.
في فيلم البؤساء الغنائي الذي أنتج 2012 والذي يجسد رواية البؤساء الشهيرة لفيكتور هوجو يردد الطفل الثائر أغنيته الحزينة في جو مليء بالجنون والفوضى والجوع ليس بعيدا عن الجو الذي يعيشه الإنسان العربي الآن، فيقول متحدثا عن الثورة الفرنسية: «في وقت ما قتلنا الملك.. وحاولنا تغيير العالم سريعا.. والآن أصبح لدينا ملك وليس أفضل مما سبقه.. هذه الأرض التي دافعت عن الحرية والآن نتقاتل من أجل الخبز.. كل ما حدث من أجل المساواة ولكن الجميع متساوون عند الموت». في تلك الفترة التي أعقبت الثورة الفرنسية والتي تلت عصر الإرهاب مباشرة استطاع البرجوازيون إعادة الملكية، لكنهم لم يغيروا نظرتهم للفجوة الطبقية آنذاك فسرعان ما دبت الفوضى من جديد، وعقب ذلك سلسلة من الثورات والجمهوريات. فقد الناس في القرن التاسع عشر في فرنسا ثقتهم بكل شيء، قسم كبير من الناس ألحد وآمن بأنه ما من إله في هذا الكون يرضى بمثل هذا الظلم، وقسم آخر لجأ إلى الكنيسة واعتبر ما يحدث سخطا إلهيا، وكثر عدد المتدينين مقابل ازدياد عدد الملحدين، فيما ذهب قسم آخر إلى إشباع حاجاته العاطفية وانصرف للأدب والشعر والعشق، وازدهرت تلك الفترة التي عرفت بالرومانسية في أوروبا.
الفوضى التي تحدث في العالم العربي الآن هي شكل طبيعي من أشكال الصراع الطبقي الذي تمر به أي أمة من الأمم. فليس هناك مجتمع مدني قوي في العالم العربي حتى يتم التحول الديمقراطي سلميا، بالتالي كان الصراع الدموي مآلا لا محيد عنه. ولا أظن أن أحدا لديه القدرة ليدين ذاته ويعتقد أنه جزء من الفوضى. فالنخب السياسية تلعب على وتر الأكثرية والأقلية، والأقلية تلجأ للقوى المتطرفة كخيار أحمق بحثا عن الحضور السياسي، والأكثرية تلجأ للاستبداد لتكريس الوضع القائم كردة فعل أشد حماقة.
هنا تذكرت أحد أبيات نزار قباني في قصيدته المشهورة «هوامش على دفتر النكسة» يقول: «لا تلعنوا السماء إذا تخلت عنكم.. لا تلعنوا الظروف.. فالله يؤتي نصره من يشاء.. وليس حدادا لديكم يصنع السيوف.. ما دخل اليهود من حدودنا وإنما.. تسربوا كالنمل من عيوبنا».