الفساد بعباءة الدين
الثلاثاء - 09 فبراير 2016
Tue - 09 Feb 2016
أجزم أن العنوان أوحى للمتلقي بأكثر من فكرة، ليس أقربها تسليع الدين من قبل من يسمّون أنفسهم بالرقاة الشرعيين، سواء الذين حولوا منازلهم لعيادات علاجية، أو الرقاة (المعالجين عن بُعد) الذين يتلقون الاتصال من المريض ويصفون له العلاج من خلطاتهم الموجودة في أكشاك العطارة، وربما تبتعد الفكرة فيتبادر للذهن التيارات التي تتملق الدين لتصل لأهدافها السياسية، ولم أنس منذ بضع سنوات موقفا حدث عند احتراق جزء من أحد مساجد الحيّ، إذ دار آنذاك حديث عند الحريق، فقال أحد من تبدو عليهم (مظاهر) التدين: (ليت مسجدهم محترق فيهم الجامية)!
لكن الحديث اليوم ليس عن هؤلاء، لكنها قصة حقيقية أتحمل كل ما يرد في تفاصيلها، وأتمنى أن تكون خاتمتها (لاتخاذ اللازم حسب النظام)، وهذه الجملة هي عقدة النص كما يُقال.
مواطن فكّر في مشروع تجاري هذه من حقه – ويبدو أن هذا الشيء الوحيد الذي من حقه في القصة- ولأن هذا المشروع يتطلب الكثير من الإجراءات ما بين البلدية والدفاع المدني ووزارة التجارة، وغيرها، فقد لجأ للطريقة الأسهل والأكثر تأثيراً، وهي إعطاء المشروع مسحة دينية، رغم أن المشروع لا يمكن أن تُلحق به كلمة إسلامي، فذهب إلى أحد علماء الشريعة الفضلاء الأجلاء، وطلب منه شفاعة عند أمير المنطقة لمساعدته، وبما عُرف من هذا العالم الجليل محبته لخدمة الناس أعطاه خطابا لأمير المنطقة موصيا: بما نصه: (نلتمس تسهيل موضوعه ومنحه الرخصة لمزاولة النشاط)، الذي بدوره أصدر توجيها بما نصه (لاتخاذ اللازم حسب النظام) للمحافظ الذي وجّه الجهات الأخرى بنفس التوجيه، وهكذا استمر التوجيه حتى وصل لكل الموظفين بأن يعامل (فلان) حسب النظام.
سيبدو للوهلة الأولى أن هذا المواطن الذكي لم يستفد من الشفاعة (الشفاعة الاسم الحركي للواسطة!)، وقبل التمادي في معرفة مآل المشروع وتحديه (بنعومة) للنظام، نتساءل: لماذا يوجّه المسؤول من هم تحت إدارته بالعمل حسب النظام؟ ألا يفترض أن ذلك بديهي ولا يحتاج لتوجيه؟ أليس هو رأس الهرم ويستطيع أن يميز بين إن كان نظاميا فيوصي بإنجازه، أو مخالفا فيرفضه؟ أم إن هذا الجملة المواربة تجعله خارج المسؤولية على طريقة (لم آمر به ولم يسؤني)؟
والسؤال الذي نعرف إجابته جميعا: ماذا لو كنت موظفا صغيرا (أي لا أستطيع توجيه الخطاب لمن هو أدنى مني)، وجاءتني هذا المعاملة التي تحمل كل هذه التوصيات باتخاذ اللازم حسب النظام، هل سأتعامل مع جملة (حسب النظام) حرفيا، أم أفهم المقصود وأتوكل على الله!
طرحت هذا السؤال على مدير عموم في إحدى الجهات دون أن أخبره بالقصة فابتسم وقال: لن تنفعه هذا التوصيات لتجاوز النظام، لكنها ستقدم له الكثير من التسهيلات!
ولم أتجرأ لأساله عمن يأتي بدون توصية (خاصة) بأن يُعامل حسب النظام، لكنني لا أعتقد أن هناك نظاما بتوصية، ونظاما للمواطن العادي!
لكن الحديث اليوم ليس عن هؤلاء، لكنها قصة حقيقية أتحمل كل ما يرد في تفاصيلها، وأتمنى أن تكون خاتمتها (لاتخاذ اللازم حسب النظام)، وهذه الجملة هي عقدة النص كما يُقال.
مواطن فكّر في مشروع تجاري هذه من حقه – ويبدو أن هذا الشيء الوحيد الذي من حقه في القصة- ولأن هذا المشروع يتطلب الكثير من الإجراءات ما بين البلدية والدفاع المدني ووزارة التجارة، وغيرها، فقد لجأ للطريقة الأسهل والأكثر تأثيراً، وهي إعطاء المشروع مسحة دينية، رغم أن المشروع لا يمكن أن تُلحق به كلمة إسلامي، فذهب إلى أحد علماء الشريعة الفضلاء الأجلاء، وطلب منه شفاعة عند أمير المنطقة لمساعدته، وبما عُرف من هذا العالم الجليل محبته لخدمة الناس أعطاه خطابا لأمير المنطقة موصيا: بما نصه: (نلتمس تسهيل موضوعه ومنحه الرخصة لمزاولة النشاط)، الذي بدوره أصدر توجيها بما نصه (لاتخاذ اللازم حسب النظام) للمحافظ الذي وجّه الجهات الأخرى بنفس التوجيه، وهكذا استمر التوجيه حتى وصل لكل الموظفين بأن يعامل (فلان) حسب النظام.
سيبدو للوهلة الأولى أن هذا المواطن الذكي لم يستفد من الشفاعة (الشفاعة الاسم الحركي للواسطة!)، وقبل التمادي في معرفة مآل المشروع وتحديه (بنعومة) للنظام، نتساءل: لماذا يوجّه المسؤول من هم تحت إدارته بالعمل حسب النظام؟ ألا يفترض أن ذلك بديهي ولا يحتاج لتوجيه؟ أليس هو رأس الهرم ويستطيع أن يميز بين إن كان نظاميا فيوصي بإنجازه، أو مخالفا فيرفضه؟ أم إن هذا الجملة المواربة تجعله خارج المسؤولية على طريقة (لم آمر به ولم يسؤني)؟
والسؤال الذي نعرف إجابته جميعا: ماذا لو كنت موظفا صغيرا (أي لا أستطيع توجيه الخطاب لمن هو أدنى مني)، وجاءتني هذا المعاملة التي تحمل كل هذه التوصيات باتخاذ اللازم حسب النظام، هل سأتعامل مع جملة (حسب النظام) حرفيا، أم أفهم المقصود وأتوكل على الله!
طرحت هذا السؤال على مدير عموم في إحدى الجهات دون أن أخبره بالقصة فابتسم وقال: لن تنفعه هذا التوصيات لتجاوز النظام، لكنها ستقدم له الكثير من التسهيلات!
ولم أتجرأ لأساله عمن يأتي بدون توصية (خاصة) بأن يُعامل حسب النظام، لكنني لا أعتقد أن هناك نظاما بتوصية، ونظاما للمواطن العادي!