محمد حطحوط

كم شخصا سيبكي عند موتك؟

الاثنين - 08 فبراير 2016

Mon - 08 Feb 2016

نشرت مجلة نيوزويك دراسة صادمة قامت بها، إذ أجرت مسحا واسعا لموتى، وبعد فترة طويلة من التحليل والبحث وصلت للنتيجة التالية: متوسط من سيبكي عليك عند موتك عشرة أشخاص فقط! صحيح قد يحزن عليك الكثيرون لكن الذين سيذرفون الدمع لا يتجاوزون في أفضل الحالات عشرة أشخاص فقط!

كل سنوات الصداقة وذكريات الطفولة ومواقف الرجال والفزعة وتقديم من تحب على ذاتك.. كل أيام الكرم والشجاعة والإيثار تتحطم أمام الحقيقة المفزعة لعشرين دمعة فقط، هي الحصيلة الكلية لك بعد رحيلك! قد نعترض هنا بحكم الاختلاف الاجتماعي بين الشرق والغرب، ولكن سنرفع الرقم ليكون عشرين شخصا فقط! وهذا كثير، بل كثير جدا، وتأمل من مات حولك من أصدقائك، وتذكر كم شخصا ذرف الدمع في المقبرة لفقده من (الشلة)!

ما الفائدة إذن من ذكر هذه الدراسة؟ وما انعكاس ذلك على حياتنا؟ خذ هذه القاعدة التي قد تحدث تغييرا هائلا في حياتك كما أحدثت في حياة الكثيرين.. جملة من ثلاث كلمات فقط «استمتع بلحظتك الحاضرة». 19 حرفا لو أخذت كوبا من الشاي وحللتها جيدا واستوعبتها في حياتك أضمن أن يكون هذا اليوم منعطفا جديدا ومختلفا في حياتك. والحديث عن شيء طبقه العبد الفقير وتشبث به، ويذكر تلك اللحظة قبل سنوات عندما مرّ بهذه القاعدة في كتاب شارد، حيث أصبحت تلك اللحظة الشاردة في كوفي شوب على ضفاف شارع ميتشجن في مدينة شيكاغو، لحظة أحدثت نقلة في التعامل مع منغصات ومكدرات الحياة التي لا تنتهي. مدرسة (استمتع بلحظتك الحاضرة)، كطائر لا يستطيع التحليق بدون جناحين. جناحه الأول أن تتوقف - ركز جيدا- عن الحلطمة واجترار الماضي وتأنيب الضمير على موقف خطأ حدث، أو أمر لم تحسن التصرف فيه! فقط توقف يا صديقي عن هذه العادة المدمرة والسيئة، وهي أسوأ بمراحل من الخطأ ذاته الذي ارتكبته، مهما كان كبيرا!

الجناح الثاني للطائر هو (استمتع بلحظتك الحاضرة، لا تقلق كثيرا على مستقبلك الوظيفي أو المهني أو مستقبل من تحب، لأن ذلك حتما يأتي على حساب متعة اللحظة الحاضرة). هذا لا يعني عدم التخطيط والاستعداد للمستقبل، ولكن يعني أن تفعل كل الأسباب التي أمرت بها، ثم توكل أمرك إلى الله، وتتأكد كل التأكد وتثق كل الثقة أن الله لن يقدر لك إلا خيرا، وأن رزقك مكتوب وربك موجود، وأن ما يختار لك مولاك، وإن ظهر من بعيد أمرا لا تريده، هو الخير كل الخير والبركة كل البركة.

طائرنا الجميل: استمتع بلحظتك الحاضرة. لا بد أن تتذكر أن ذيل الطائر يقوم بدور حيوي في عملية الطيران في سماء المتعة، ولا يكون ذلك إلا بتقليل وقت النقاهة Reduce Recovery Time ، فعندما تسقط في حفرة الفشل أو المعاناة أو أي عقبة تعترضك في حياتك ـ وكلنا معرضون لهذه اللحظة ـ من المهم أن تركز على تقليل الوقت بين لحظة السقوط حتى لحظة التماثل والوقوف مرة أخرى على قدميك! يقول هاردي: كانت هذه المهارة تتطلب مني أسبوعا حتى أستطيع التخلص من سلبية الموقف، ثم أعود مرة أخرى للعمل بعد أي صدمة أتعرض لها! استطعت مع الوقت تقليل ذلك إلى يومين، ثم إلى يوم، ثم إلى ساعتين!

إذن هي مهارة نفسية تتعلمها كما تتعلم السباحة وركوب الخيل، وتحقق لك التوازن الداخلي ولحظة تصالح مع ذاتك. وهي متعة لا تنتهي في حياتك عندما تتوقف عن تأنيب ضمير الماضي وحرقة مستقبل القلق. عش حياتك التي تريد، وانتبه أن تعيش لأجل أناس. أنت تعلم يقينا أنه لن يبكيك منهم أحد عند رحيلك، خلا هاشتاق باهت، وريتويت لتغريدة لك فيها مقولة دينية!

[email protected]