غياب النظرية المؤسسية في الدراسات الاقتصادية
الاثنين - 08 فبراير 2016
Mon - 08 Feb 2016
خلال الأشهر الماضية اطلعت على كثير من الدراسات والتقارير عن اقتصاد المملكة، معظمها إن لم يكن كلها مقدمة من مؤسسات استشارية أجنبية، وقرأت عن الاستعانة بكثير من هذه المؤسسات الاستشارية لتقديم حلول عاجلة لاقتصاد المملكة، وكل هذه التكاليف تدفع بالعملة الصعبة، مع أننا ندرك أن هذه الحلول والأنظمة التي نستوردها من هذه المؤسسات تنقل كقوالب جامدة قدمت لكثير من الدول مع تغييرات بسيطة، ولا تراعي ما يعرف بالنظرية المؤسسية «Institutional Theories».
هذه الدراسات كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر، تقرير «ماكنيزي»، ودراسة «صندوق النقد الدولي»، ولم يتوقف الأمر عند الدارسات، بل وصل إلى استنساخ بعض الأنظمة مثل «نظام الحوكمة».
هذه الدراسات والأنظمة أخذت حيزا مهما من الاهتمام والنقاش والجدل على المستويات كافة، وعقدت عليها آمال كبيرة رغم أنها أهملت مراعاة الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أكدت عليها نظرية «Institutional Theory» التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يلتفت إليها أحد أو ينبه لها.
هذه النظرية تركز على الجوانب الرسمية (formal institution)، وتشمل الأنظمة والمؤسسات الرسمية ومدى قدرتها وقوتها على تطبيق الأنظمة وإنجاحها، وتعني بذلك تطبيق أنظمة قوية أثبت نجاحها في دول معينة لا يضمن نحاجها في دول أخرى، إذا كانت المؤسسات المعنية بتطبيقها ضعيفة، كما أنها تعطي بعدا أكبر للجوانب غير الرسمية (infromal institution) ويعنى بذلك العوامل الاجتماعية، وتشمل الأعراف والتقاليد الاجتماعية، والعلاقات الشخصية. مما يعني أن الشركات والمؤسسات في بيئة معينة تتفاعل مع التحديات نفسها بشكل مختلف عن تفاعل الشركات الأخرى معها في بيئات أخرى، وتجعل هذه النظرية اتفاق وتناغم المنظمات مع هذه النظم الاجتماعية، والثقافية والسياسية شرطا أساسيا للبقاء والاستمرار.
الملاحظ أن هذه النظرية أغفلت في كثير من الدراسات التي تتعلق الاقتصاد السعودي وأداء المؤسسات العامة والخاصة، فكل ما يحدث في الاقتصاد يأتي نتيجة لنقل أنظمة وتجارب تحدث في بيئة تشترك معها في نفس التحديات، لكنها تختلف عنها كليا تنظيميا واجتماعيا وثقافيا، وتحاول تطبيق هذه الحلول في بيئات مختلفة دون مراعاة لهذه الفروق الجوهرية والأساسية، وبذلك يمكن القول إن ما قدم ويقدم من دراسات وحلول غير واقعية قد تصطدم بالواقع الاجتماعي، وتقابل برفض المجتمع لها، كونها تفتقر إلى مراعاة هذه النظرية التي أخذت زخما كبيرا في القرن الماضي.
فمعظم الدراسات والتقارير التي تعد في مؤسسات دولية عن اقتصاد المملكة تنقل إلينا كقوالب جامدة مع بعض التحسينات، فمن يعدها لا يدرك الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع السعودي ودورها الكبير في التأثير على المنظمات والمؤسسات، علاوة على أن بعضا من هذه الدراسات موجه ويفتقد لعنصري المصداقية والأمانة، وكل ذلك يحدث نتيجة لغياب المؤسسات ودور الاستشارات المحلية سواء كانت مؤسسات استشارية خاصة أو مؤسسات تعليمية كالجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة.
ما أعرفه أن لدى كل جامعة من الجامعات مركزا أو مراكز أبحاث متخصصة ومدعومة، وأن لدى مؤسسة النقد السعودي (ساما) إدارة متخصصة في الأبحاث والدراسات الاقتصادية، تضم نخبة من الخريجين الذين تم اختيارهم بعناية من قبل المؤسسة، وتم ابتعاثهم من قبلها لأفضل الجامعات المتخصصة في الاقتصاد والمالية، وبالتالي يفترض أن يكون لدى تلك الجهات من الخبرات ما يمكنها أن تأخذ دورا حقيقيا في هذه الدراسات، وأن يكون لها بصمة وحضور في دراسات الشأن الاقتصادي التي تسيطر عليها الشركات الاقتصادية، وتستأثر بنحو 95% من حجم سوق الاستشارات في المملكة الذي يصل إلى 12 مليار ريال.
خلاصة القول، إن النظرية المؤسسية «Institutional Theories» تجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام حول إمكانية نجاح الحلول المستوردة من قبل المؤسسات الدولية، ما لم يكن هناك شريك سعودي يعي ويدرك دور الجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية في المجتمع، ويراعيها في الحلول المقدمة، فالحلول المقولبة لا يمكن أن تؤتي أكلها.
[email protected]
هذه الدراسات كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر، تقرير «ماكنيزي»، ودراسة «صندوق النقد الدولي»، ولم يتوقف الأمر عند الدارسات، بل وصل إلى استنساخ بعض الأنظمة مثل «نظام الحوكمة».
هذه الدراسات والأنظمة أخذت حيزا مهما من الاهتمام والنقاش والجدل على المستويات كافة، وعقدت عليها آمال كبيرة رغم أنها أهملت مراعاة الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي أكدت عليها نظرية «Institutional Theory» التي ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، ولم يلتفت إليها أحد أو ينبه لها.
هذه النظرية تركز على الجوانب الرسمية (formal institution)، وتشمل الأنظمة والمؤسسات الرسمية ومدى قدرتها وقوتها على تطبيق الأنظمة وإنجاحها، وتعني بذلك تطبيق أنظمة قوية أثبت نجاحها في دول معينة لا يضمن نحاجها في دول أخرى، إذا كانت المؤسسات المعنية بتطبيقها ضعيفة، كما أنها تعطي بعدا أكبر للجوانب غير الرسمية (infromal institution) ويعنى بذلك العوامل الاجتماعية، وتشمل الأعراف والتقاليد الاجتماعية، والعلاقات الشخصية. مما يعني أن الشركات والمؤسسات في بيئة معينة تتفاعل مع التحديات نفسها بشكل مختلف عن تفاعل الشركات الأخرى معها في بيئات أخرى، وتجعل هذه النظرية اتفاق وتناغم المنظمات مع هذه النظم الاجتماعية، والثقافية والسياسية شرطا أساسيا للبقاء والاستمرار.
الملاحظ أن هذه النظرية أغفلت في كثير من الدراسات التي تتعلق الاقتصاد السعودي وأداء المؤسسات العامة والخاصة، فكل ما يحدث في الاقتصاد يأتي نتيجة لنقل أنظمة وتجارب تحدث في بيئة تشترك معها في نفس التحديات، لكنها تختلف عنها كليا تنظيميا واجتماعيا وثقافيا، وتحاول تطبيق هذه الحلول في بيئات مختلفة دون مراعاة لهذه الفروق الجوهرية والأساسية، وبذلك يمكن القول إن ما قدم ويقدم من دراسات وحلول غير واقعية قد تصطدم بالواقع الاجتماعي، وتقابل برفض المجتمع لها، كونها تفتقر إلى مراعاة هذه النظرية التي أخذت زخما كبيرا في القرن الماضي.
فمعظم الدراسات والتقارير التي تعد في مؤسسات دولية عن اقتصاد المملكة تنقل إلينا كقوالب جامدة مع بعض التحسينات، فمن يعدها لا يدرك الجوانب السياسية والاجتماعية والثقافية للمجتمع السعودي ودورها الكبير في التأثير على المنظمات والمؤسسات، علاوة على أن بعضا من هذه الدراسات موجه ويفتقد لعنصري المصداقية والأمانة، وكل ذلك يحدث نتيجة لغياب المؤسسات ودور الاستشارات المحلية سواء كانت مؤسسات استشارية خاصة أو مؤسسات تعليمية كالجامعات ومراكز الأبحاث المتخصصة.
ما أعرفه أن لدى كل جامعة من الجامعات مركزا أو مراكز أبحاث متخصصة ومدعومة، وأن لدى مؤسسة النقد السعودي (ساما) إدارة متخصصة في الأبحاث والدراسات الاقتصادية، تضم نخبة من الخريجين الذين تم اختيارهم بعناية من قبل المؤسسة، وتم ابتعاثهم من قبلها لأفضل الجامعات المتخصصة في الاقتصاد والمالية، وبالتالي يفترض أن يكون لدى تلك الجهات من الخبرات ما يمكنها أن تأخذ دورا حقيقيا في هذه الدراسات، وأن يكون لها بصمة وحضور في دراسات الشأن الاقتصادي التي تسيطر عليها الشركات الاقتصادية، وتستأثر بنحو 95% من حجم سوق الاستشارات في المملكة الذي يصل إلى 12 مليار ريال.
خلاصة القول، إن النظرية المؤسسية «Institutional Theories» تجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام حول إمكانية نجاح الحلول المستوردة من قبل المؤسسات الدولية، ما لم يكن هناك شريك سعودي يعي ويدرك دور الجوانب الدينية والثقافية والاجتماعية في المجتمع، ويراعيها في الحلول المقدمة، فالحلول المقولبة لا يمكن أن تؤتي أكلها.
[email protected]