ترف الهندسة

هل تظن أن هناك ما يسمى بترف علمي أو رفاهية علمية؟ أو هل تعتقد أن الهندسة بشكل عام أو أحد فروعها تعتبر رفاهية فكرية؟ إذا قلنا إن المقياس في تحديد ذلك هو إمكانية عيش الإنسان بدون وقوع هذا العلم، فبهذا المقياس تكون كل العلوم هي رفاهية فكرية عدا العلوم الأولية التي تخلق مع الإنسان في فطرته.

هل تظن أن هناك ما يسمى بترف علمي أو رفاهية علمية؟ أو هل تعتقد أن الهندسة بشكل عام أو أحد فروعها تعتبر رفاهية فكرية؟ إذا قلنا إن المقياس في تحديد ذلك هو إمكانية عيش الإنسان بدون وقوع هذا العلم، فبهذا المقياس تكون كل العلوم هي رفاهية فكرية عدا العلوم الأولية التي تخلق مع الإنسان في فطرته.

السبت - 16 يناير 2016

Sat - 16 Jan 2016



هل تظن أن هناك ما يسمى بترف علمي أو رفاهية علمية؟ أو هل تعتقد أن الهندسة بشكل عام أو أحد فروعها تعتبر رفاهية فكرية؟ إذا قلنا إن المقياس في تحديد ذلك هو إمكانية عيش الإنسان بدون وقوع هذا العلم، فبهذا المقياس تكون كل العلوم هي رفاهية فكرية عدا العلوم الأولية التي تخلق مع الإنسان في فطرته.

لكن المقياس الأجدر هو هل نستطيع الآن أن نستغني عن هذا العلم. بالطبع ستكون الإجابة لا.

لكني أعتقد العكس تماما، وهو أن الهندسة ليست ترفا علميا، بل هي علم بحاجة إلى ترف وكل العلوم كذلك لتزدهر وتنتشر لا بد أن تعطيها حقها من العناية والاحترام وتعطي المنشغلين بها التقدير الجدير بهم ‏حتى يتطور هذا العلم وينعكس بشكل أفضل على تفاصيل حياتنا اليومية ويسهم في مواكبتنا لركب الدول المتطورة أيضا.

في كل أطراف المدينة وتطورها وعصريتها وخدماتها سترى أثرا مهما جدا لمهندس.

في المباني والعمران والأبراج نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الطرق والكباري والأنفاق والإشارات وخدمات النقل العام نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الموانئ والواجهات الشاطئية نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في محطات توليد الطاقة بأنواعها نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الصناعات الحربية المختلفة نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الحرب أيضا نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الخدمات الإلكترونية وكل الشبكات سواء الحكومية منها وغير الحكومية نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الطيران ‏وصناعته وصيانة الطائرات نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في المصانع وإدارتها وصيانتها نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الإلكترونيات والصناعات الدقيقة نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الصناعات الكيميائية والبتروكيمائية نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الملاحة والمساحة والأقمار الصناعية نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في تخطيط المدن والبنى التحتية لهذه المدن وإدارتها نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في إدارة المشروعات الكبرى والصغرى المنتشرة في أنحاء البلاد نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين.

في الأجهزة الطبية صناعتها وصيانتها نحن بحاجة إلى المهندسين المتمكنين. وغير ذلك كثير.

‏فتقدير هذه المهنة وإعطاؤها حقها الجدير بها سينعكس تماما على كل أطراف حياتنا المدنية في أدق تفاصيلها. ويمنحها مزيدا من التطور والإبداع ومواكبة كل الدول المتطورة بل ومنافستها أيضا.

رتب مارسلو في هرمه الشهير احتياجات الإنسان والذي ذكر من خلال نظريته أنه لا يمكن الانتقال إلى الحاجة الأعلى حتى يتم تحقيق ‏الحاجة الأدنى منها، وذكر أن الحاجتين أعلى الهرم هي الحاجة إلى التقدير ثم الحاجة الأعلى هي الحاجة إلى تحقيق الذات. وهذا يعني أنك حينما تُمنح التقدير الذي تحتاجه وتمنح الثقة اللازمة واحترام الإنجازات ستعمل جاهدا إلى تحقيق ذاتك وتضاعف عملك هذا وتسعى إلى الإبداع وحل المشكلات والابتكار في مجالك، ‏فمن الخطأ معاملة المهندس كبقية الموظفين الإداريين كما يجري في الوظائف الحكومية لدينا، فمهنة الهندسة ليست مهنة تقليدية بل هي مهنة وعلم متجدد دائما، ولها ارتباطها وكادرها وتدرجها المتعارف عليه عالميا، ولها ارتباطها أيضا بمنظمات وجمعيات مهنية عالمية أيضا، والتي من خلالها يتابع ويتعرف المهندس على مستجدات التخصص، والجدير بالذكر أن هذا التدرج المهني لا يستطيع المهندس الحصول عليه إلا بعد تحقيق اشتراطات الخبرة التخصصية واجتياز الامتحانات المتعارف ‏عليها عالميا لهذه الترقية، وتطبيق هذا الكادر سيجعل حياتنا أفضل ويضفي على البيئات المهنية احترافية أكثر وسيقلص من معدلات الهدر في الموارد بسبب الأخطاء المهنية والتلبكات الإدارية، لذلك فالهندسة حقا بحاجة إلى ترف.