فهيد العديم

فساد بلا فاسدين!

السبت - 06 فبراير 2016

Sat - 06 Feb 2016

«لا يزال ملف القضية المثيرة للجدل حبيس الأدراج، على الرغم من مرور أكثر من عشرة أشهر على اعتراف كابتن فريق الدرعية علاء مسرحي بشبهة تلاعب في نتائج دوري أندية الدرجة الأولى، اتهم فيه إدارة نادي القادسية وذلك من خلال إرسالها وسيطا للاعبي فريق الدرعية يقدم «المال» مقابل التساهل في مجريات اللقاء لتسهيل مهمة القادسية في الفوز، وبالتالي القفز للمركز الثاني مما يعني تجدد المنافسة على خطف إحدى بطاقتي التأهل لدوري جميل للمحترفين».

تعمدت هذا الاقتباس من خبر نشرته صحيفة عكاظ الأسبوع الماضي لسببين: أولهما أن المجال الرياضي أعلى سقفا، وليس لدي خصومات ولا مصالح مع الأندية، وليس لي قريب يلعب في أي ناد رياضي يمكن أن يبعده المدرب (حسب رؤيته الفنية) كما تفعل بعض الجهات غير الرياضية التي تقتّص من نقدك بأن تتعامل مع قريبك التابع لها (حسب النظام والمصلحة العامة) التي تنتقيه من بين زملائه ليكون عبرة للكاتب!

والسبب الثاني: أن ما يحدث في الرياضة يمكن إسقاطه على باقي المجالات والمؤسسات الأخرى، فنحن جميعا، من المواطن العادي إلى أعلى مسؤول بهيئة مكافحة الفساد، كلنا نعرف أن هناك فسادا ورشوة واستغلال نفوذ في كثير من الجهات والمؤسسات، بل ونعرف تعريف مصطلح فساد، لكن مع كل هذه «المعارف» لم نعرف حتى الآن اسم فاسد واحد.. تخيلوا!

لن أحلم وأقارن بين الخيال والواقع، لكنني سأتكلم بين الواقع والمنطق، فالواقع يقول إنه يوجد لدينا فساد، لكن هذا الواقع يخالفه المنطق الذي يقول ما دام أن هنالك فسادا فبالضرورة هناك فاسدون، الواقع يعود مرة أخرى (ليقصف جبهة المنطق): لو كان هنالك فاسدون لعرفناهم بالاسم!

هيئة مكافحة الفساد تأسست في 13 /4 /1432، وطوال سنوات كفاحها كانت تنشر الكثير من (كشف) الفساد، لكنها لم تصل بنا إلى اسم فاسد واحد، وفي عنوان عريض ككتفي لاعب قوى نشرت قناة الأخبارية السعودية هذا العنوان (نزاهة: التشهير بقضايا فساد خلال أيام ) - نُشر في 8 ديسمبر 2015 - وبغض النظر عن كون أيام نزاهة تشبه أيامنا أم أطول، المؤلم أن نزاهة استغرقت هذه السنوات كي تصل لمرحلة التشهير (بالقضايا)، فكم من الوقت ستحتاج لتصل للتشهير بالفاسدين؟

لا أدري ما الفائدة من (شهرة) الفساد، ولماذا أسست الهيئة أصلا إذا كان الفساد «مغمورا»؟!

نزاهة ليست وحدها في هذا المجال، بل كل جوانب مكافحة الفساد يظهر فيها تردد، والجميع يتحاشى التشهير بالفاسد، ولعلها على الأقل تشهّر بالنزيهين، إذ يبدو أن حصرهم أسهل. في القضية الرياضية أعلاه وعد المتحدث السابق للاتحاد السعودي - وقتها - بأن القرار سيتخذ في غضون أسابيع، وكنت أظن لجهلي أن كلمة أسابيع تعني أقل من شهر، لكن تعلمت أن أسابيع تعني أيضا عشرة أشهر، وفي النهاية لا أحد ينكر الفساد، لكن لا أحد يعرف الفاسدين حتى أنا!