عيبها التميز

دبس الرمان
دبس الرمان

الثلاثاء - 02 فبراير 2016

Tue - 02 Feb 2016

ما زلت أرى وأسمع قصصا لقلوب مكسورة وأنفس مجروحة، تظللها جميعا غمامة غامقة من عدم المعرفة وسوء الفهم بسبب عدم الاعتياد على التعامل أو التواصل. فترى نساء وفتيات مميزات فكرا، رائعات عطاء، حباهن الله التأثير، وزرع فيهن رسالة خير للعباد والبلاد. ورجالا اعتادوا نموذجا معينا في المرأة الصالحة وهي تلك الخجولة، التي تؤثر البقاء ضمن حدود النمطي والمعتاد مجتمعيا. فإذا ما أعجب بالمميزة، قامت الحيرة، وحضرت عدم الألفة في كيفية التعامل مع هذا النموذج وربما آثر السلامة بالبحث عن النمطية والمعتاد.

لا تغركن أيها الرجال خروج بعضنا لمعترك الحياة والخوض في المجتمع والعمل. فليست كل النساء سواء. فبعض منا ما زالت تحمل حياءها الفطري في ذاتها، وتحمل أصول تربيتها في عقلها، والأهم تحفظ الله في قلبها. فنذهب ونأتي لأن الله جعل لنا رسالة، وأعطانا القدرات والإمكانيات لنساعد غيرنا ونجعل مجتمعنا وبلادنا والعالم مكانا أفضل. نعم نشعر بالحيرة أحيانا، وبالشك وعدم الارتياح أحيانا أخرى. فتتضارب مبادئنا وتحفظنا الذي نشأنا عليه، مع تغيرات الحياة وفرص الانفتاح للفكر والعمل وحبنا للاندماج والتعايش مع الجديد والمواكب. وليس أمامنا إلا أن نستعين بالله ونستفتي قلوبنا ونركز على مقاصدنا، مع القناعة بأن الله خلق الحياة يسرا مع قليل من العسر وليس العكس كما صوروا لنا.

هل تعلمون كم حرمنا المجتمع من عطاءات نوعية وتأثيرات إيجابية فاعلة بسبب خوف الرجال على النساء، والنساء أنفسهن أحيانا، من الظهور في قالب جديد أو مجال حديث؟ هل تعلمون كم من الفتيات والشابات ينجرفن ويتأثرن بنماذج سلبية ويحذون حذوهن بسبب غياب قدوات أو سيدات مميزات يمثلن نموذج القيم والثوابت، مع الانفتاح الفكري، والإنجاز النوعي؟ هل تعلمون أن إيثار السلامة بمحدودية التأثير أو نمطية المجال وتحجيم القدرات لمسايرة المعتاد يعتبر جريمة في عصر تكتلت فيه أدوات الإعلام على شبابنا من كل حدب وصوب؟ لنجدهم للأسف ينجرفون بقوة في أحد التيارين المتطرفين بسبب غياب نموذج قريب منهم يستوعب طموحاتهم ويمثل أملهم في المستقبل؟

لذا أرجوك يا من امتلكت الأحلام والطموحات لا تقبلي بتحجيم نفسك. ولا تحاولي إطفاء أضوائك التي أشعلها الله فيك لخير الناس. بل ارفعي رأسك وأقبلي على غمار الحياة تقودك نفس أخلصت النية لله فأمدها بالعون. ودافعيتك عقل أدرك أنه لم يخلق بهذا الجمال إلا ليشارك الآخرين إبداعاته. وقري عينا بخصوص موضوع النصيب. فالقاعدة الإلهية نصت بما لا شك فيه بأن الطيبين للطيبات، وبالتالي قياسا فإن المميزين فقط هم من يستحقون المميزات.