من الأكثر تورطا في الإرهاب؟

الثلاثاء - 02 فبراير 2016

Tue - 02 Feb 2016

سؤال جدلي سقيم يدور بين فئات مجتمعاتنا، فما إن تقوم وزارة الداخلية السعودية بنشر اسم إرهابي مطلوب، أو مقبوض عليه، أو قام بتفجير نفسه، حتى تدور حروب طاحنة من زوايا أخرى، بين أهله وفئته وبين من يتجادلون معهم.

جماعته أو فئته أو أهل منطقته يحاولون التملص من علاقته بهم، والأطراف الثانية تحاول تنزيه ذاتها، وتأكيد أن الإرهاب خصلة بعيدة عنهم، وأنها حكر على فئة من ذكر اسمه فقط!

ونسمع عن مبادرات من فئة من يتم كشف اسمه، فيقومون بالتبرؤ العلني منه، ومن أعماله، وغير ذلك من الأمور السطحية التي تعتبر جزءا من عصبياتنا القبلية، وجزءا من هياط، لا يقصد به مصلحة الوطن، بقدر ما يكون لذب العيوب والتهم عن المنطقة أو الفئة ذاتها.

عنصرية حتى في هذا الشأن!

ولنعد للحقائق، فلا توجد قبيلة ولا فئة، ولا طبقة، ولا منطقة لم يتم الإعلان عن أحد أبنائها مشاركا فعليا رئيسيا في الإرهاب، أو مشاركا تابعا مسلوب العقل والرؤية والقرار، حتى إن بعضهم يكونون من كبار الأثرياء، وممن يستبعد أن يقدموا على قتل أنفسهم، ولكن غسيل العقول بالدين أقدر وأكثر جذبا لمن لا عقل له.

السؤال الآن: لماذا فعلا نجد نسبة إرهابيي بعض القبائل أو المناطق أو الفئات أكثر من غيرهم؟

والجواب برأيي يكمن في الآتي:

1ـ نسبة الثقافة، فالمتعمق في الدين أكثر وعيا، وأقدر على حماية نفسه، بينما يبدع في توريط أنصاف المثقفين التابعين له.

2ـ نسبة الدعم، فالأثرياء يدعمون بأموالهم وعلاقاتهم، ويشترون الأسلحة، ويهيئون الجو للأجساد القابلة للتفجر، بينما يحمون أنفسهم بعدم الظهور في الواجهة.

3ـ الأحوال النفسية والمعيشية، فمن يقطن في قرية صغيرة غير من يعيش في مدينة فسيحة، ولا يمكن المقارنة بينهما نفسيا وسلوكيا.

4 ـ القرب من كبار المفتين، وهذا يجعل الإرهابي رسولا مبلغا للمعلومة أكثر من كونه منفذا للجرم.

5ـ أصحاب المناصب الكبيرة المؤثرة يفضلون عدم الانجراف نزولا، بقدر ما يكون ذلك تهيئة وتحفيزا، ودون أن يتمكن أحد من ضبط زلاتهم.

لكل ذلك يجب ألا ندخل في مغبة ذلك السؤال عن أكثر الجهات حضورا في الإرهاب، ولا أن يحاول كل قريب لإرهابي أن يتملص من المسؤولية بالتجاهل، ولا أن يشعر بأنها معيبة لفئته.

إنك لا تهدي من أحببت، والوطن هو الأهم، والخروج من هذه المغبة السوداء هو الهدف الأسمى الذي يجب أن نسعى إليه جميعا. فليس معنى القبض على عدد أكبر من فئة معينة أن الفئة برمتها أشرار، أو ضد الدولة، أو أنهم يحملون جينات الخيانة.

البعض من قبائلنا وفئاتنا ومناطقنا مصابون بداء الإرهاب، وليس عدم اكتشاف الأذكياء منهم دليل براءة الفئة، بل إنهم قد يكونون الأعظم تأثيرا بالحيطة وسهولة التملص من المسؤولية، إما لوضع جاهوي أو مالي، أو لمنصب، أو لقرب من الفتوى.

الداء مشترك وعلينا أن ننسى فئاتنا حتى نتمكن من الإجهاز على كل إرهابي، خاصة من يختبئون منهم خلف أجفان الحقيقة، ولا يتم الكشف عنهم بسهولة.

[email protected]