العلة في المحرضين والبلاء منهم

الاثنين - 01 فبراير 2016

Mon - 01 Feb 2016

خلف كل جريمة إرهابية تستهدف أبناء الوطن أو منجزاته ألف سؤال وسؤال، تجتمع على قاعدة «لماذا» تحدث هذه الأعمال الإجرامية في بلد اتسمت طبيعة أهله عبر التاريخ بالإنسانية والهدوء، مثلما اتسمت سلوكياتهم بالتراحم، لماذا تحدث هذه الأعمال الموغلة في البشاعة على أيادي أبناء الوطن ضد وطنهم وأهلهم، لا فرق ينجو به الصغير أو الضعيف أو حتى الطاعن بالسن، الحقيقة حتى القريب دمه ليس استثناء.

الواضح أن هذه الأسئلة كيفما تنوعت صياغتها تعبر عن نفسها على ألسنة الناس في أعقاب كل حادث إرهابي، والمتوقع أنها تدور في أذهان الغالبية بحثا عن إجابة أو بعض إجابة تنفي علاقة كل ما يحدث بالتعبئة التحريضية.

كل ما حدث وفقا لتسلسل الأحداث الإجرامية الإرهابية وتواليها، ينبئ عن وجود مشروع تمويل فكري عبثي لقلب طاولة السكينة وقطع حبل التلاحم مع سابق الإصرار على أقل تقدير.

عموما، التحول الجديد في العمليات الإرهابية يتمثل في كونها انتقلت إلى خطة الأهداف المحددة وقصدت المساجد لقتل المسلمين الآمنين في بيوت الله، في هذا التحول أكثر من دليل على بعد عصابات الإرهاب عن الدين وابتعادهم عن تعاليمه السمحة.

وفي هذا التحول من جهة أخرى بصمة واضحة للخصومة المذهبية الفاجرة، وهي البصمة التي يمكن التعرف عليها من خلال مسرح الأحداث الأخيرة مرة بعد مرة. الجدير بالإشارة في السياق أن الأعمال الإرهابية قتلت أكثر من 50 «مصليا» وأسفرت أيضا عن إصابة حوالي 150 مواطنا في 6 مساجد في كل من القطيف، الأحساء، الدمام، ونجران، وكذلك مسجد قوات الطوارئ الخاصة بمنطقة عسير، وهو الحادث الذي يوضح عداء العصابات الإرهابية لرجال الأمن، وأيضا حقد هذه العصابات الملطخة بدماء الأبرياء على المنظومة الأمنية بشكل عام.

بوضوح المستخلص من هذا التحول يظهر أن الاستهداف اتجه إلى النيل من رجال الأمن والمواطنين الشيعة في السعودية أينما كان تواجدهم، وللأحداث الأخيرة من حيث المكان أن تفسر الأمر.

صحيح أن الإرهاب عبر تاريخه الدموي استهدف الوطن بمجمله وأهله كلهم، إلا أن دائرة الاستهداف ضاقت في العمليات الإرهابية الأخيرة واتجهت إلى محور فتح العمل الإرهابي على الساحة المذهبية لغرض إشاعة الفوضى وإيقاظ الفتنة ما يعني أن القوى التحريضية غيرت قواعد اللعبة كما يبدو.

رأيي أن خطة تضييق دوائر الاستهداف التي عملت بموجبها العصابات الإرهابية ونفذتها في العمليات الأخيرة مدفوعة بقوة فعل التحريض «الموجه»، ولهذا العمل أهداف وغايات، وهنا مربط الخطورة، والضرورة بالتالي تفرض ترصد المحرضين ومواجهتهم، العلة فيهم والبلاء منهم. وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]