أيوا.. أرض الخيبات أو صانعة مجد المرشحين للبيت الأبيض

السبت - 30 يناير 2016

Sat - 30 Jan 2016

يبدأ السباق الجدي للانتخابات الرئاسية الأمريكية غدا الأول من فبراير في ولاية أيوا.

وتشكل هذه الولاية الريفية الصغيرة التي ترتدي أهمية أكبر من حجمها في آلية الانتخابات الأمريكية بالنسبة للمرشحين للبيت الأبيض أرض الخيبات القاسية أو لحظات المجد المحملة بالوعود.

فبالنسبة لجيمي كارتر وباراك أوباما، ستبقى أيوا موقع فوز مفاجئ سيدوي طوال أشهر ليحملهما إلى رئاسة الولايات المتحدة.

ولا يضمن الفوز في الانتخابات التمهيدية في أيوا بأي شكل الوصول للرئاسة في المؤتمرات الصيفية للحزبين الكبيرين، لكن دور «النابض» الذي تلعبه حقيقي.

فالانتخابات التمهيدية الأمريكية مسألة ديناميكية أكثر منها حسابية.

من يزداد شعبية؟

بالعودة إلى صيف 2007، حيث بدت هيلاري كلينتون موعودة بحمل ألوان الحزب الديمقراطي كان من الصعب تخيل من يمكن أن يهزم السيناتورة عن نيويورك التي أشادت بها استطلاعات مؤيدة ووقفت خلفها آلة سياسية كبرى.

راهنت السيدة الأولى السابقة على فوز في أيوا يفتح لها طريقا في الولايات الأخرى، حيث تسيطر بشكل أكبر أمام خصميها الرئيسيين، السيناتور الشاب عن إيلينوي باراك أوباما والسيناتور السابق جون إدواردز.

لكن أحلامها الرئاسية تحطمت في الولاية الزراعية الصغيرة، حيث يلتقي دوريا كل أربع سنوات جميع الصحفيين السياسيين في أمريكا تقريبا.

في النهاية أتت كلينتون ثالثة، بعيدا خلف أوباما الذي أحرز نتائج الولاية بنسبة فاقت 37% من الأصوات، ولم تتعاف بالكامل من هذه الصفعة.

بعد 8 سنوات، في جولة انتخابية أخرى هذه المرة في مواجهة بيرني ساندرز السبعيني الذي يعد بـ»ثورة سياسية» تبذل كلينتون كل ما بوسعها لئلا يعيد التاريخ نفسه مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في نوفمبر المقبل.

بالنسبة إلى أوباما شكلت جلسات كبار الناخبين المرحلة «الأكثر فائدة» في الحملة.

في مقابلة أجراها أخيرا مع موقع بوليتيكو وصف الرئيس الأمريكي المعنويات التي سادت آنذاك، متحدثا عن فرق عمل حملته المؤلفة من شبان متحمسين جالوا الولاية بكل قراها لنسج علاقات في المراكز الاجتماعية والمدارس والمكاتب والمطاعم.

وقال «كان هذا العمل دعامة أساس لانتصاراتنا لاحقا ومرجعا مطمئنا عندما لم تجر الأمور كما نريد».

اسمي كارتر

لكن فيما كانت آلة حملة أوباما وسط رتابة سهول الغرب الأوسط مذهلة، كان أول من أدرك الدور المميز لهذه الولاية في الطريق إلى واشنطن دخيلا آخر، ديمقراطي أيضا.

فقبل ثلاثين عاما وضع جيمي كارتر السياسي المغمور من جورجيا (جنوب) «ولاية هوكاي» (على شرف زعيم السكان الأصليين من الهنود الحمر بلاك هوك) في صميم استراتيجيته.

وعملا بقناعته أن الفوز في هذه الولاية سيلحق أثرا هائلا بالتغطية الإعلامية في سائر مراحل الحملة قرر كارتر بذل موارد كبرى.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة أيوا ستيفان شميت: كان جيمي كارتر مجهولا، كان جيمي من؟

وأضاف أن «أيوا أجازت له أن يعرف عن نفسه ويصنع اسما لنفسه».

علقت صورة محددة في ذاكرة الجامعي «كنا نعد لحفل شواء في منزل صديق ونحتسي البيرة وشاهدنا مجموعة وافدة على دراجات هوائية.

ترجل شخص وقال: مرحبا، اسمي جيمي كارتر، أنا مرشح إلى البيت الأبيض.

انجذبت وسائل الإعلام بقوة إلى المسار الماراثوني غير المعتاد لهذا المعمداني الورع وركزت على حملته، ارتفع الصخب واستحوذ مرشح الجنوب على الأضواء، ففاز في أيوا ثم نيوهامبشر، ولاحقا أحرز الترشيح الديمقراطي ثم الرئاسة الأمريكية، حيث أمضي ولاية واحدة.

واعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة برينستون جوليان زيليزر أن «جيمي كارتر أحدث ثورة في دور أيوا في السياسة الرئاسية».

وشدد في مقال نشر بصحيفة ذي أتلانتيك على الأثر الكبير لهذه الحملة الميدانية التي نالت حصتها من الإخراج لالتقاط اهتمام الإعلام، في تطور السياسة الأمريكية سواء للأفضل أو الأسوأ.

واختتم: اليوم يعيش كل مرشح في عالم أسهم كارتر في إنشائه في يناير 1976 في أيوا.