اللي يضربك اضربه

السبت - 30 يناير 2016

Sat - 30 Jan 2016

في إحدى ليالي جدة التي فاجأتنا ببردها الجميل والغريب، اجتمعت العائلة في أحد الشاليهات الخاصة بمنطقة أبحر، والتي يعرف عنها أنها لطبقة معينة من المجتمع تبحث عن راحة البال، وعن محيط يشبهها في طريقة التعامل وعن صداقات لأطفالها يشبهونهم في التربية والطباع الراقية.

وإذا بالهاتف الجوال يرن ومعه الخبر الصاعقة الذي تلقاه الوالد من ابنه وهو جالس وسط العائلة على السقالة، وإذا به يركض من أول المكان إلى آخره وخلفه نساء ورجال العائلة دون أن يعرف أحد منهم سبب ركض الوالد الهستيري إلى ملعب الكرة عند مدخل مواقف السيارات..

هناك من استطاع أن يصل وآخرون لم تحملهم أقدامهم ركضا، ولكن الهواجس الشيطانية لم ترحمهم، حيث رسمت لهم أبشع الصور عن قدر نزل بأطفالهم وهم يلعبون، لا سمح الله، أدى لركض الوالد وهلعه إلى الملعب بهذه الحالة الهستيرية التي ساقت ما لا يقل عن عشرة من أفراد العائلة للركض.

كان لطف الله قد نزل والقدر تحنن على الأطفال الذين تكررت شكوتهم من أطفال آخرين يتنمرون عليهم في الملعب كل مرة، تارة بالسخرية من أسمائهم وأشكالهم، وتارة بطريقة اللعب الهمجية والمحاولة للتفرد بلعب الكرة دون شريك لهم في الملعب.

وعندما حصلت مشادة كلامية بينهم استعان أحد الأطفال المتنمرين بوالدته، وإذا بها تجمع ما تبقى من أطفال في عائلتهم وتستخدمهم بلطجية، وترسم لهم سناريو وخطة سريعة محكمة لضرب الفريق الآخر من الأطفال..

وعند اكتشافها محاولة استعانة إحدى العاملات المنزليات بأهل الأطفال المضروبين سحبت منها الجوال، وهددتها بالضرب هي الأخرى في حال طلبت المساعدة.

وفور اكتشافها وصول الأهل إلى الملعب سارعت بتقمص دور الوالدة المصلحة التي هبت لحل المشكلة والفصل بين الأطفال..

ونعم التربية والأخلاق من والدة تربي أطفالها على الضرب والتنمر والبلطجة!

وهنا لزم القول لكل من يفكر بإنجاب أولاد غير قادر على تأهيلهم وتربيتهم لكي يخرجوا للمجتمع صالحين للانسجام البشري، العقم بالنسبة لكم رحمة في هذه الحالة على أن تخرجوا هذه العينات المتنمرة.

لكل من يعتقد أن القوة هي بفرض العضلات، وأن عبارة (اللي يضربك اضربه) هي قمة الإنجاز في التربية، فهو يشكل مرضا عضالا في المجتمع يجب استئصاله.

وهنا يأتي دور المدرسة عبر التوجيه والإرشاد لاكتشاف الأطفال المتنمرين وإيجاد حل وعلاج فعال بإعادة تأهيلهم، واستدعاء الوالدين لفهم أصل المشكلة، وإن لزم الأمر تدخل الطب النفسي، قبل فوات الأوان وتخريج جيل بلطجي

وصنف آخر منهم مكسور الكرامة ومهزوز الثقة بالنفس نتيجة ممارسة التنمر عليه.

علما بأن الغرب سبقنا في التوعية من هذه الظاهرة والالتفات إليها بحزم ورصد الميزانيات للحملات التوعوية ضدها.