خصفات الحرم المكي مورد للمكفوفين

الجمعة - 29 يناير 2016

Fri - 29 Jan 2016

u062cu0632u0621 u0645u0646 u0648u062bu064au0642u0629 u0648u0642u0641 u0639u0644u0649 u0627u0644u062eu0635u0641u0627u062a u0635u0627u062fu0631u0629 u0633u0646u0629 1178u0647u0640
جزء من وثيقة وقف على الخصفات صادرة سنة 1178هـ
من الوظائف الوقفية القديمة التي عرفتها أروقة الحرم المكي الشريف وحصواته، وأصبحت لها أوقاف عدة في مكة المكرمة وخارجها الوظيفة التي كانت تسمى في بدايتها بالربعة، نسبة إلى صندوق مربع توضع فيه أجزاء القرآن الكريم وتوزع على مجموعة من القراء في وقت متفق عليه، بشكل يومي أو شهري أو موسمي.

ويتم فيها ختم القرآن أو بعض السور منه، ثم أصبحت وقبل أن تتلاشى نهائيا تسمى بالخصفات، وأصبح اسم الخصفة علما على هذه الوظيفة وذلك أن الواقفين كانوا يشترطون فرش خصفة للقراء في الحرم -وهو فرش منسوج من سعف النخيل كان معروفا في مكة-، وسواء كان الفرش من الخصف أو السجاد أو غيره، كان يطلق على الوظيفة الخصفة، حتى ارتبط المسمى بها، وأصبح علما عليها كما سبق القول.

ويبدو أن هذه الوظيفة عرفت في العصر المملوكي، واستمرت طوال العصر العثماني، وكان لها بقايا في أوائل العهد السعودي، حتى تلاشت تدريجيا نتيجة تولي الحكومة الإنفاق على الحرم، وتراجع دور الأوقاف أمام ما تقدمه الحكومة السعودية، وانتشار دور تحفيظ القرآن الكريم، وضياع كثير من الأوقاف الخاصة بالخصفات في كثير من الدول الإسلامية.

وتعد الخصفة وتوابعها إحدى تجليات المحسنين من المسلمين، ففيها يسمع القرآن من لا يستطيع القراءة خاصة من غير العرب، ويحضرها صغار الطلبة حتى يتقنوا التجويد، كما توفرت من خلالها رواتب للحفاظ، خاصة من المكفوفين أو أصحاب العاهات والذين كانوا أكثر من يقيد في هذه الوظيفة.

والأصل في الوظيفة أن يوقف عقار أو جزء من العقار، على قراء يجتمعون في وقت محدد في مكان معين من الحرم المكي الشريف وتفرش لهم سجادة كبيرة أو غيرها من المفروشات ويقرؤون أجزاء من القرآن الكريم، أو بعض السور حسب شرط الواقف وبعض الواقفين يشترط أن تقرأ وبشكل يومي سورة يس أو الأنعام أو تبارك، وبعضهم يشترط أن يختم القرآن في ربعته يوميا أو أسبوعيا أو شهريا، وبعضهم يزيد مخصصات الوظيفة في رمضان.

وفي بعضها يخصص إضافة لقراء القرآن، قراء لبعض الأدعية أو الأذكار بشكل يومي ثم يهدون ثواب القراءة لصاحب الوقف.

وضمن المخصصات المستحقة لهذه الوظيفة وتنظيما لها، يخصص جزء لشيخ يطلق عليه «شيخ الحضور أو شيخ الخصفة»، مهمته الإشراف عليها وتسجيل الملتحقين بالوظيفة وتكليف غيرهم بها في حالة وفاة أحدهم واستلام حقوقهم من الوقف وتوزيعها عليهم ومحو أسماء المتهاونين في الحضور، كما يسند إليه أيضا شراء ما تحتاج إليه الخصفة أو الربعة من مصاحف أو فراش وسراج أو كراسي وصناديق للمصاحف.

كما يخصص جزء آخر لشخص يطلق عليه «كاتب الغيبة» وهو من يثبت حضور وغياب القراء ويخصص جزء من غلة الوقف لخادم يفرش المكان، ويضع «مسارج» إذا كانت القراءة تتم ليلا.

وخصص في الخصفات السلطانية جزء لقاضي مكة مقابل إشرافه ومتابعته لها، وخصص جزء لشراء دوارق ترص بجانبها لسقيا ماء زمزم للمارين أو للقراء، إضافة إلى الساقي الذي يؤدي هذه المهمة، وخضعت الوظيفة لنظام التوريث الذي عرف طوال العصر العثماني، حيث تنتقل الوظيفة بموت صاحبها إلى ورثته ما داموا يستطيعون أداءها.

وخصص في الخصفات الكبيرة مبلغ لإمام يصلي التراويح، ويختم القرآن الكريم كاملا مرة أو مرتين في رمضان، وبعضهم يخصص مبلغ لشراء حلوى ومشروبات توزع في يوم الختم.

ويكون الإشراف على المسؤولين عن الوظيفة مزدوجا بين شيخ الحرم، وإدارة الأوقاف الخاصة بالأوقاف السلطانية، إلا أن بعضها يتم الإشراف عليه مباشرة من قبل ذرية الواقف أو ناظر الوقف إذا كان الوقف داخل مكة.

وضمن الحرص على استمرار الوظائف وعدم التهاون بها نجد أن السلطان سليم الثاني يرسل خطابا إلى شيخ الحرم المكي سنة 980هـ جاء فيه «أنه تم الإبلاغ عن أن قراء الأجزاء وسورة الأنعام ممن يتلقون المنح من أوقاف الوزير محمد باشا يهملون ويتهاونون بخدماتهم، ولهذا أمرت بقطع المنح الممنوحة لمن لا يؤدون خدماتهم»، وذلك كما جاء في كتاب البلاد العربية في الوثائق العثمانية لفاضل بيات.

ومن أضخم الأوقاف والتي استمرت لعدة قرون أوقاف السلطان مصطفى العثماني والذي أوقف كثيرا من الأوقاف على خصفته الكائنة بالحرم.

وفي سنة 1339هـ، صدر آخر تنظيم لها، ونشر في جريدة القبلة آنذاك.

وأسهم المكيون بشكل كبير في إمداد هذا النوع من الأوقاف بكثير من المخصصات التي وضعوها ضمن أوقافهم، إضافة إلى المخصصات الخاصة بالخصفات الآتية ضمن الصرة السنوية.

[email protected]