يعرض الكاتب أودو والندي في كتابه «الحقيقة من أجل ألمانيا»، مجموعة مهمة من الوثائق التاريخية الألمانية والعالمية، والتي تتعلق بسياسات الدول العظمى تجاه ألمانيا قبل بداية الحرب العالمية الثانية.
ويقدم ثروة من المعلومات المأخوذة من مذكرات أشخاص كانت لهم علاقة مباشرة في القرارات التي أدت إلى اندلاع الحرب.
وبسبب الوثائق الكثيرة والمعلومات الكثيرة التي يحتويها الكتاب الصادر عن دار فيرلاج فور فولكستوم في 1968، كان من الطبيعي أن يثير جدلا، وسعت الكثير من الجهات إلى منع نشره، ونجحت هذه المحاولات في كثير من الحالات، حيث منعته عدة مؤسسات ومكتبات حول العالم.
وفي 1979، وضعت ألمانيا الكتاب على لائحة الكتب المؤذية للشباب ومنعت الإعلان عنه أو تقديمه للقادة الشباب، استمر هذا المنع حتى 1994، حيث تمكن الكاتب من إلغائه بعد معركة قانونية طويلة.
غربلة الأرشيف
ويمكن للمرء أن يفترض بكثير من الثقة أن القوى المنتصرة بدأت بعد نهاية الحرب بغربلة الأرشيف الألماني بحثا عن جميع الوثائق التي تدين ألمانيا، وخلال العقود التالية استغلت تلك الوثائق ونشرتها.
لكن من الطبيعي أيضا أن تكون هناك وثائق غير منشورة من أرشيف الرايخ الثالث يمكن أن تبرئ ساحة ألمانيا من مسؤوليتها عن الحرب، وهذا الكتاب يقدم الكثير منها.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، أصرت القوى المنتصرة أن تتحمل ألمانيا المسؤولية الكاملة لاندلاع ذلك الصراع. صحيح أن ألمانيا هي التي أعلنت الحرب على فرنسا وروسيا، لكن والندي يقول إن معظم المؤرخين يعترفون اليوم بأن ألمانيا كانت القوة العظمى الوحيدة في تلك الأيام التي حاولت تجنب الحرب وحاولت إيقافها من خلال تقديم عدة عروض معقولة للسلام بعد اندلاعها.
ولكن هذه العروض لم تلق أي تجاوب من دول الحلفاء، وتم إخفاؤها وإنكارها من قبل تلك الدول، ولذلك يرى الكاتب أن الدولة التي تطلق الطلقة الأولى لا تتحمل دائما المسؤولية الكاملة عن الحرب بالضرورة.
معاهدة فرساي
في أواخر 1918، بعد أن قدمت أمريكا مقترحات تحمل أساسا مقبولا لمفاوضات السلام ـ وهي ما يعرف بـ»النقاط الـ14 للرئيس الأمريكي ويلسون»- وبعد أن وافقت جميع القوى المشاركة في الصراع على تلك المقترحات، وافقت ألمانيا على الاستسلام.
وبعد أن ألقوا سلاحهم، لم تفعل القوى الأخرى الشيء نفسه كما تشترط الاتفاقية، وعلى العكس من ذلك تماما ألغوا اعترافهم بها، وفرضوا على ألمانيا القبول بـ»معاهدة فرساي» التي فتحت الباب لنهبها واغتصابها، بحسب رأي الكاتب.
ورغم أن كثيرا من الحكماء نصحوا القوى المنتصرة بضرورة إعادة النظر في شروط المعاهدة المجحفة بحق ألمانيا حتى لا يندلع حريق هائل جديد في أوروبا، إلا أن نصائحهم لم تلق أي استجابة، فكان من الطبيعي أن تبدأ مرحلة جديدة من التوتر في المنطقة انتهت باندلاع حرب أخرى.
حرب الـ30 عاما
ولذلك يعتبر بعض المؤرخون الحرب العالمية الثانية استمرارا للأولى، وأنهما يشكلان في الواقع حربا واحدة أطلق عليها بعض المؤرخين اسم «حرب الـ30 عاما»، ولم تكن تلك المرة الأولى التي تشهد فيها أوروبا حربا تمتد ثلاثين عاما.
ففي 1618 شنت قوى أوروبية ـ بقيادة الكنيسة- حربا للاستيلاء على قلب أوروبا: ألمانيا، مما أدى إلى خسارتها أكثر من 30% من سكانها بسبب المجاعة والأوبئة، وتم تقسيمها، وأصبحت عاجزة سياسيا وغير قادرة على تقرير مصيرها لمدة مئتي عام.
وأشار الكاتب إلى أن حرب الـ30 عاما الثانية اندلعت في 1914 لأسباب مماثلة، فبعد أن تمكنت ألمانيا من توحيد المناطق الشمالية والوسطى تحت حكم بروسيا في 1871، استطاعت أن تكتسب بسرعة قوة اقتصادية كبيرة وأن تتفوق على منافسة القوى الأوروبية الأخرى، الأمر الذي جعل القوى الأوروبية تفكر في ضرورة إضعافها أو تدميرها.
وقادت بريطانيا هذا التوجه في أوروبا، لأنها اعتقدت أن ألمانيا تهدد هيمنة إمبراطوريتها على العالم، ومع أنها عرضت عدة مرات مساعدتها على بريطانيا للحفاظ على إمبراطوريتها ولم تقبل أيا منها.
بداية الحرب الثانية
وهدفت معاهدة فرساي لشل ألمانيا لدرجة تجعلها غير قادرة على المنافسة مرة أخرى، ولكن هتلر استطاع أن يغير مسار تلك الاتفاقية، وأن يعيد توحيد بلاده وتحريرها من قيود المعاهدة بسرعة فائقة.
وفي الوقت الذي كان العالم يعاني فيه من الكساد الكبير، كانت ألمانيا تشهد ازدهارا تفوق على جميع المنافسين بعد سنوات قليلة من حكم هتلر.
ولذلك فكرت أوروبا مرة أخرى بضرورة وقف التفوق الألماني ومنع هتلر من الاستمرار، ومرة أخرى قادت بريطانيا أوروبا نحو هذا التوجه، وهكذا بدأت الخطوات الأولى لإعادة إشعال فتيل الصراع واندلاع الحرب العالمية الثانية.
وأوضح الكاتب أن مشكلة الشعب الألماني أنه يعيش في منطقة جغرافية حساسة، فخلال فترة السلام، تمر معظم التجارة الأوروبية عبر أراضيها.
ولهذا فإنها تزدهر خلال السلام لدرجة تثير حسد جيرانها، وبعكس معظم البلدان الأخرى، فإنها لا تملك حدودا طبيعية تحميها من الدول المجاورة ـ وعددها تسع دول حاليا- وهذا يجعلها أكثر دولة أوروبية محفوفة بالمخاطر.
ويقدم ثروة من المعلومات المأخوذة من مذكرات أشخاص كانت لهم علاقة مباشرة في القرارات التي أدت إلى اندلاع الحرب.
وبسبب الوثائق الكثيرة والمعلومات الكثيرة التي يحتويها الكتاب الصادر عن دار فيرلاج فور فولكستوم في 1968، كان من الطبيعي أن يثير جدلا، وسعت الكثير من الجهات إلى منع نشره، ونجحت هذه المحاولات في كثير من الحالات، حيث منعته عدة مؤسسات ومكتبات حول العالم.
وفي 1979، وضعت ألمانيا الكتاب على لائحة الكتب المؤذية للشباب ومنعت الإعلان عنه أو تقديمه للقادة الشباب، استمر هذا المنع حتى 1994، حيث تمكن الكاتب من إلغائه بعد معركة قانونية طويلة.
غربلة الأرشيف
ويمكن للمرء أن يفترض بكثير من الثقة أن القوى المنتصرة بدأت بعد نهاية الحرب بغربلة الأرشيف الألماني بحثا عن جميع الوثائق التي تدين ألمانيا، وخلال العقود التالية استغلت تلك الوثائق ونشرتها.
لكن من الطبيعي أيضا أن تكون هناك وثائق غير منشورة من أرشيف الرايخ الثالث يمكن أن تبرئ ساحة ألمانيا من مسؤوليتها عن الحرب، وهذا الكتاب يقدم الكثير منها.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، أصرت القوى المنتصرة أن تتحمل ألمانيا المسؤولية الكاملة لاندلاع ذلك الصراع. صحيح أن ألمانيا هي التي أعلنت الحرب على فرنسا وروسيا، لكن والندي يقول إن معظم المؤرخين يعترفون اليوم بأن ألمانيا كانت القوة العظمى الوحيدة في تلك الأيام التي حاولت تجنب الحرب وحاولت إيقافها من خلال تقديم عدة عروض معقولة للسلام بعد اندلاعها.
ولكن هذه العروض لم تلق أي تجاوب من دول الحلفاء، وتم إخفاؤها وإنكارها من قبل تلك الدول، ولذلك يرى الكاتب أن الدولة التي تطلق الطلقة الأولى لا تتحمل دائما المسؤولية الكاملة عن الحرب بالضرورة.
معاهدة فرساي
في أواخر 1918، بعد أن قدمت أمريكا مقترحات تحمل أساسا مقبولا لمفاوضات السلام ـ وهي ما يعرف بـ»النقاط الـ14 للرئيس الأمريكي ويلسون»- وبعد أن وافقت جميع القوى المشاركة في الصراع على تلك المقترحات، وافقت ألمانيا على الاستسلام.
وبعد أن ألقوا سلاحهم، لم تفعل القوى الأخرى الشيء نفسه كما تشترط الاتفاقية، وعلى العكس من ذلك تماما ألغوا اعترافهم بها، وفرضوا على ألمانيا القبول بـ»معاهدة فرساي» التي فتحت الباب لنهبها واغتصابها، بحسب رأي الكاتب.
ورغم أن كثيرا من الحكماء نصحوا القوى المنتصرة بضرورة إعادة النظر في شروط المعاهدة المجحفة بحق ألمانيا حتى لا يندلع حريق هائل جديد في أوروبا، إلا أن نصائحهم لم تلق أي استجابة، فكان من الطبيعي أن تبدأ مرحلة جديدة من التوتر في المنطقة انتهت باندلاع حرب أخرى.
حرب الـ30 عاما
ولذلك يعتبر بعض المؤرخون الحرب العالمية الثانية استمرارا للأولى، وأنهما يشكلان في الواقع حربا واحدة أطلق عليها بعض المؤرخين اسم «حرب الـ30 عاما»، ولم تكن تلك المرة الأولى التي تشهد فيها أوروبا حربا تمتد ثلاثين عاما.
ففي 1618 شنت قوى أوروبية ـ بقيادة الكنيسة- حربا للاستيلاء على قلب أوروبا: ألمانيا، مما أدى إلى خسارتها أكثر من 30% من سكانها بسبب المجاعة والأوبئة، وتم تقسيمها، وأصبحت عاجزة سياسيا وغير قادرة على تقرير مصيرها لمدة مئتي عام.
وأشار الكاتب إلى أن حرب الـ30 عاما الثانية اندلعت في 1914 لأسباب مماثلة، فبعد أن تمكنت ألمانيا من توحيد المناطق الشمالية والوسطى تحت حكم بروسيا في 1871، استطاعت أن تكتسب بسرعة قوة اقتصادية كبيرة وأن تتفوق على منافسة القوى الأوروبية الأخرى، الأمر الذي جعل القوى الأوروبية تفكر في ضرورة إضعافها أو تدميرها.
وقادت بريطانيا هذا التوجه في أوروبا، لأنها اعتقدت أن ألمانيا تهدد هيمنة إمبراطوريتها على العالم، ومع أنها عرضت عدة مرات مساعدتها على بريطانيا للحفاظ على إمبراطوريتها ولم تقبل أيا منها.
بداية الحرب الثانية
وهدفت معاهدة فرساي لشل ألمانيا لدرجة تجعلها غير قادرة على المنافسة مرة أخرى، ولكن هتلر استطاع أن يغير مسار تلك الاتفاقية، وأن يعيد توحيد بلاده وتحريرها من قيود المعاهدة بسرعة فائقة.
وفي الوقت الذي كان العالم يعاني فيه من الكساد الكبير، كانت ألمانيا تشهد ازدهارا تفوق على جميع المنافسين بعد سنوات قليلة من حكم هتلر.
ولذلك فكرت أوروبا مرة أخرى بضرورة وقف التفوق الألماني ومنع هتلر من الاستمرار، ومرة أخرى قادت بريطانيا أوروبا نحو هذا التوجه، وهكذا بدأت الخطوات الأولى لإعادة إشعال فتيل الصراع واندلاع الحرب العالمية الثانية.
وأوضح الكاتب أن مشكلة الشعب الألماني أنه يعيش في منطقة جغرافية حساسة، فخلال فترة السلام، تمر معظم التجارة الأوروبية عبر أراضيها.
ولهذا فإنها تزدهر خلال السلام لدرجة تثير حسد جيرانها، وبعكس معظم البلدان الأخرى، فإنها لا تملك حدودا طبيعية تحميها من الدول المجاورة ـ وعددها تسع دول حاليا- وهذا يجعلها أكثر دولة أوروبية محفوفة بالمخاطر.