داعش.. مواجهة جدية بأفكار شبابية

الثلاثاء - 26 يناير 2016

Tue - 26 Jan 2016

في إحصائية حديثة تؤكد دراسة أن داعش يستهدف الشباب من سن الـ18 عاما إلى الـ23، وبطرق عجيبة كان من أهمها تكثيف النشاط الإعلامي وبشكل مذهل.

وقد كشفت دراسة أكاديمية بحثية بأن تنظيم داعش المتطرف كسب أعدادا كبيرة من المنتمين له ممن يحملون جنسيات مختلفة جراء سياسته في مواصلته لنشاطه الإعلامي، وأنه يمكن رصد 90 ألف حساب للتنظيم على تويتر، وأن هذه الحسابات تشمل مؤيدين مخفيين وعملاء استخباراتيين تابعين للتنظيم.

وأوضحت دراسة أخرى بعنوان «القوى الخفية لداعش في الإعلام الجديد»، والتي أعدها فريق بحثي في الإعلام الرقمي من جامعة الملك سعود أن التنظيم بات يستهدف الشباب السعودي لمحاولة تجنيدهم في صفوف الإرهابيين، بالإضافة إلى قيامهم باستغلال موقع تويتر لمناقشة أحدث القضايا على الساحة الفكرية والإسلامية ومنها حث العامة على المشاركة في المظاهرات بنيّة الجهاد، مع استغلاله للمرأة وتوظيفها في نشر أطروحاته الشاذة لتحريكها بشكل أفضل وسط المجتمعات.

وأشارت الدراسة إلى أن التنظيم يلجأ إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي (تويتر -فيس بوك – انستقرام) لتدبير الهجمات الإرهابية، وأن عناصره يقومون بإنشاء وتصميم مواقع لهم على الانترنت لنشر أفكارهم والدعوة إلى مبادئهم، بل وإلى تعليم الطرق والوسائل التي تساعد على القيام بالعمليات الإرهابية مستغلين تعاطف الآخرين من مستخدمي الانترنت مع قضاياهم، ويجتذبونهم بعبارات براقة وحماسية من خلال غرف الدردشة الالكترونية، مع علمهم بأن تسلية الشباب والمراهقين السعوديين وغيرهم هي الجلوس بالساعات الطويلة في مواقع التواصل الاجتماعي.

وقد شهدت الهيئة الإعلامية لتنظيم داعش تطورا كبيرا بالشكل والمحتوى، وتتمتع بدعم وإسناد كبيرين، وقد ظهرت مؤسسات إعلامية عديدة تتبع التنظيم، فهم ينشرون العديد من الرسائل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويصورون أنفسهم كعناصر ذوي نوايا طيبة، فينشرون صورا لهم وهم يلعبون مع الأطفال، ويقومون بتوزيع مواد غذائية، ويحاولون بكل جهدهم إظهار إنسانية التنظيم الوهمية، وسعيهم للقضاء على الشر.

وهذا ما جعل بعض شبابنا المدرك لما يحاك له والملم بما يجري حوله يستوعب الخطر الداهم الذي يواجهه، مما دعاهم إلى القيام بحملات مضادة تتسم بروح الشباب، من خلال الحوار أو ما يعرف بلغة الشباب بـ«الدردشة» بحيث يجد الشاب والفتاة فرصة للتعبير عما يجول بأنفسهم بطرح التساؤلات، وطلب إيضاح بعض الأمور التي قد تلتبس عليهم، وقيامهم بإنتاج مواد مرئية لا تزيد مدتها عن دقيقتين توصل رسالة سريعة تكشف زيف التنظيم وتفضح باطله، وتبين للعالم مدى السذاجة التي يبني عليها أحكامه، فيقوم بسفك الدماء البريئة مشوها بذلك صورة هذا الدين القويم.

وربما انتقلت هذه «الدردشة» إلى مرحلة أخرى وعلى نطاق ربما يكون محددا بشكل أكبر وهو ما يعرف لديهم بـ»الوشوشة» بحيث يلتقون ويهمس بعضهم في آذان الآخر عما يشكل عليهم أو حتى مجرد التعجب مما يرى من مقاطع انتشرت أو خطابات يروج لها من دعوة لاجتماع أو مظاهرة وغير ذلك.

وبهمة الشباب الطموح أراد البعض أن يطور من أساليبه في مواجهة هذا الفكر بعملية وجدية أكثر من خلال التعبير المكتوب أو الرسم الهادف وهو ما يعرف لدى الشباب بـ»الخربشة»، على غرار ما يقوم به التنظيم من تكثيف إعلامي وتواجد على مواقع التواصل الاجتماعي.

كل ذلك يفترض أن يكون مشروعا وطنيا تتبناه جميع الجهات المعنية والجامعات السعودية على وجه الخصوص، فكما أشرت في صدر هذا المقال أن الفئة العمرية المستهدفة من قبل تنظيم داعش هم طلاب الجامعات.

إن الواقع المعاش يدعو إلى مواجهات فكرية ويقظة للجهات المعنية كافة وضرورة التحرك لوقف نشر الفكر وفرض رقابة على كافة القنوات التي تنشر الأفكار الضالة والهدامة بين الناس.

وبلادنا لها تجربة رائدة في محاربة الإرهاب وبخاصة على المستوى الأمني، وقد استطاعت خلال السنوات العشر الماضية أن تحقق نجاحات كبرى جعلت من تجربتها موضوعا لدراسات المتخصصين والمعنيين بالأمن في العالم، لكن هذا النجاح في الجانب الأمني لم يواكبه النجاح على المستوى الفكري والإعلامي، وبنفس المستوى والنسبة، ولعل الفرصة مواتية لاستدراك ذلك من خلال شباب هذه البلاد الواعي الذي يمتلك طاقات إبداعية هائلة، ولا يحتاجون إلا إلى الدعم والمساندة، وهم قادرون بمشيئة الله على دحر هذا الفكر وحماية المجتمع من هذه الضلالات بالتصدي للخزعبلات وبكشف الزيف والضلالات.

[email protected]