المالكي والعار

الاثنين - 25 يناير 2016

Mon - 25 Jan 2016

نظرة مجتمعنا للمرأة لا تخرج عن رأيين في الغالب: رأي يستبعد أن تكون هناك أي نظرة دونية من الرجل تجاه المرأة في عالمنا الحالي، فالمرأة اليوم تتقلد أعلى المناصب، ولها كل تقدير واحترام في أعين الرجال. أما الرأي الآخر فهو يقر بوجود هذه النظرة الدونية من الرجل إلى المرأة حتى إن كلمات الاحتقار تسمع في مجالس الرجال!

قبل يومين خرج علينا الداعية علي المالكي بعد أن فرغ من مائدته، وألهمنا بأن «من يتزوج بنتك أو أختك هو صاحب الفضل، لأنه شال عنك العار والهم». عندما نقف على مسببات هذا التصريح نجد أنه يعود إلى تلك الرجعية التي ترى أن المرأة عنصر مخجل ومعيب داخل المحيط الأسري، وأن أقصى مراحل التعليم التي يجب أن تصلها وتتقنها هي تعلمها أمور الطبخ والنظافة والاهتمام بالزوج، بينما وجودها أشبه بدمية تتشكل حسب المزاجية والرغبة، وذلك لأننا نتشبث ببعض العادات والتقاليد التي تصنف المرأة ضمن النظام الأسري بالعنصر العالة الذي يجب التخلص منه مع أول طلب زواج، دون العودة لحقها المشروع في الموافقة أو الرفض.

تلك النظرة الدونية للمرأة يجب أن تكون تلاشت بفعل التعليم وتطور النمط الاجتماعي والحداثة الفكرية والثقافية التي شكلت ملامح مجتمع أصبح أكثر وعيا وإدراكا للقيمة والمكانة اللتين تحظى بهما المرأة. ولعل زواج القاصرات هو أبشع ما أنتجته تلك العادات والتقاليد، ووصمة عار على جبين من شجع على ذلك، فالمرأة بالنسبة لهؤلاء كائن عليه السمع والطاعة والتنفيذ. وحتى نتجاوز ذلك علينا مكافحة تلك العادات والتقاليد الشاذة.

نحن اليوم نعيش تحديا حقيقيا في كيفية ترسيخ المفاهيم والضوابط السليمة للتعامل الأسري الفعال، والأكثر انسجاما بين مكونات الأسرة، دون تمييز أو إقصاء، وتفعيل الحوار كلغة ناجحة في التفاهم والتأقلم داخل البيت، ليغذي التوافق الأسري ويعيق بوادر العنف.

أيضا المرأة عليها دور في ترسية حقوقها والتصدي لهذه النظرة «الدونية». وأذكر في هذا الخصوص أن قاسم أمين «المعروف» في تاريخ الثقافة المصرية بأنه محرر المرأة، بدأ محافظا وكان ضد عمل المرأة، وكان ينشر أفكاره في صحيفة «المؤيد» لصاحبها الشيخ علي يوسف، فاستاءت منه الأميرة نازلي فاضل (عمها الخديوي إسماعيل)، وكان لها صالون شهير باسمها يرتاده رجال لهم وزنهم في ذلك الزمان، مثل سعد زغلول، والشيخ محمد عبده، وأحمد لطفي السيد، فطلبت من الشيخ محمد عبده أن يدعو قاسم أمين إلى الصالون لمناقشته في أفكاره، فحضر الرجل وخرج من الصالون وقد تغيرت أفكاره تماما، وبدأ يكتب عن تحرير المرأة حتى وفاته.

[email protected]