أحمد عمر.. والبركتان

الاحد - 24 يناير 2016

Sun - 24 Jan 2016

هو أحمد عمر موسى، نشأ يتيما، وكان أبوه من الصالحين، وكذلك أمه التي رعته وربته ـ رحمها الله ـ خرج إلى العمل والتكسب وهو ابن 12 سنة ليسد حاجة والدته وأخواته بعد وفاة والده. وهو يتذكر إلى الآن عناية أصدقاء والده به وبإخوته عندما كانوا أطفالا، ويتذكر بر أبيه بجدته، وأقول لعل ذلك من بركة صلاح أبيه (وكان أبوهما صالحا)..

عاش طوال حياته بارا بوالدته ـ رحمها الله ـ يرعى شؤونها ويلبي طلباتها سواء في مقامها معه في مكة المكرمة أو في مقامها في مصر، وحتى بعد وفاتها بالدعاء لها والتصدق عنها وصلة أهل ودها..

اضطر إلى القدوم من بلده مصر إلى مكة المكرمة للعمل والتكسب منذ ريعان شبابه، ولا يزال وقد بلغ الآن 69 سنة..

أكرمه الله بزوجة صالحة، أعانته على البر، ومشت معه في دروب الحياة مستمتعة بحلوها ومعينة على مرها؛ فعاشت معه راضية مرضية.. رزقه الله منها البنين والبنات.. أنفق على زوجته وأولاده من وجده وحرص على عيشهم الكريم وتعليمهم وحسن تربيتهم.. وهم الآن بفضل الله أصحاب مكانة علمية واجتماعية هو فخور بها وراض عنها..

زوج أولاده وبناته وابتنى لهم ولنفسه بيتا في مصر من كد يده.. توفيت زوجته أم أولاده بعد عمر طويل وعشرة طيبة بالمعروف فظل وفيا لها يدعو لها ويتصدق عنها ويصل قرابتها ويذكر فضلها ولا يذكرها إلا بخير..

ولكنه بعد وفاة زوجته وخلو بيته من أنيس وممن يرعى شؤونه ويعين على تصاريف الحياة خطب وتزوج من سيدة فاضلة ولقي هذا الأمر تفهما من جميع أولاده..

وهو يعمل في وظيفة بسيطة ولكنه ودون الإخلال بواجبه تجاه وظيفته كان يدب على رزقه في مواضع مختلفة مطبقا المثل المصري الشهير (الرزق يحب الخفية).. وكانت البركة عنوان كسبه وحياته بشكل عام فقد حقق بتوفيق الله ما لم يحققه من هم أعلى منه دخلا وأكثر علما..

كان ذكيا لماحا تعلم في مدرسة الحياة الشيء الكثير ما أعانه على حسن التصرف والتدبير في إدارة أمواله.. فهو على سبيل المثال برغم قلة ذات يده إلا أنه حرص على الاستمرار في دفع أقساط معاشه في مصر على مدى عقود، ولم يركن لعيش يومه وإنما نظره كان ممتدا للمستقبل، وهو الآن يستلم راتبا تقاعديا، وتمكن كما ذكرت بفضل الله ثم بحسن تدبيره من بناء بيته في مصر وهو ما لم يفعله أنداده وزملاؤه في العمل حتى من هم أعلى منه دخلا..

عندما أتأمل حياة هذا الرجل وقد عاشرته طويلا لا أجد سببا فيما من الله به عليه من طيب الحياة والبركة في الزوجة والمال والولد إلا أنه قد أصابته البركتان بركة صلاح أبيه وبركة بره بأمه وأبيه.. وهو بذلك يجسد نموذجا يحتذى في البر ويدعونا للاقتداء به لجني بركاته في عموم حياتنا..

أبو عمر وهذه كنيته بدأ عمله مع والدي ـ رحمه الله ـ منذ حوالي أربعين سنة ولا يزال يعمل معنا للآن.. وقد عاشرناه طوال هذه الفترة ولم نجد منه إلا الإخلاص والأمانة والوفاء.. فجزاه الله خيرا وزاده من فضله ونسأل الله له مزيدا من البركة في ماله وعقبه.. والله الموفق..