هبة قاضي

جاتك بنت

دبس الرمان
دبس الرمان

الاحد - 24 يناير 2016

Sun - 24 Jan 2016

في الثقافة الهندوسية القديمة كانت المرأة هي التي تدفع المهر للرجل، ثم إذا ما مات عنها زوجها عزلت عن العالم وحرمت عليها أطايب الطعام والزينة، فموت زوجها يعني موتها هي أيضا.

وفي روما القديمة صنفت المرأة من قبل مجلس الشيوخ ككائن يميل إلى الحيوان أكثر منه إلى البشر، وعليه فتعامل بذات الطريقة من حيث الحقوق والمكانة، لذا من يعتقد أن المرأة كانت مهانة في ثقافة العرب، فهو لم يطلع على تاريخ الشعوب الأخرى، بل بالعكس يعتبر العرب من الشعوب التي كانت للمرأة لديهم مكانة بمقاييس ذلك الزمان على حسب نسبها ومكانة عشيرتها، فهي بفصاحتها وذكائها وجمالها تجلب لوالدها وعشيرتها الفخر والنصرة، حيث يحاول الكرماء طلبها للزواج وتشد لفصاحتها الرحال، وتكتب في تميزها بالجمال أو الذكاء القصائد، وقد تقوم لشرفها والتنافس عليها الحروب والملاحم والنزاعات.

إن مقومات ذلك الزمان كانت متمركزة حول الحرب والغارات كوسيلة للبقاء والدفاع، وعلى صعوبة طلب الرزق القائم على التجارة والسفر لشهور في الفيافي والصحاري، فكانت المرأة عبئا لأنها ليست قوية بما فيه الكفاية لتحارب، وبسبب مكانتها والخوف عليها لم يكن مألوفا سفرها بنفسها لطلب الرزق، لذا كان إنجاب الذكور راحة للوالد الذي سيذود ابنه عنه وعن عشيرته فيشرفه ويفتخر به، وسيعاونه ويحمل عنه أعباء الحياة والرزق فيرتاح.

وعليه فقد كانت هناك انتهاكات لحقوقها ونظرة دونية لها من حيث إن الرجال هم المسيطرون، وهم ولاة الحزم والأمر في أمورها بسبب قلة حيلتها، لذا جاء الإسلام فقام عمليا بتحرير المرأة وتمكينها بأن أعطاها حق الإرادة وحق الاختيار، والأهم حق الاستقلالية الاقتصادية، فجعله حقا مشرعا لكافة نساء العالمين، ضامنا لهن كرامة العيش، ووعد الحياة الطيبة التي وعد بها كل من أحسن عملا رجلا كان أم امرأة.

نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، حيث هناك حدود بين البلدان، وحيث لا تستطيع أن تمشي في شارع بيتكم بدون أن تحمل هويتك الشخصية، وحيث اعتداؤك على جارك فقط بالكلام قد يودي بك إلى مغبة العقاب، وحيث للرزق وسائل وطرق أقصاها جهاز تجلس إليه وترسل من عليه أكثر الأعمال احترافا وإبداعا.

نعم نحن في زمن لم تعد ترتكز مقوماته على القوة من أجل القتال، أو السعي للرزق، نحن في زمن تساوي الفرص ورحابة الميدان للأذكى فكرا، الأكثر إصرارا، والأرقى تعاملا، نحن في زمن الذات الإنسانية ومدى نفعها وأثر عملها بغض النظر عن الجنس أو الجنسية أو العمر أو المعتقد، نحن في زمن ليس المهم ماذا أنجبت، بل المهم ماذا أعطى للعالم من أنجبت.

[email protected]