التنبؤ المستحيل لأسعار النفط
السبت - 23 يناير 2016
Sat - 23 Jan 2016
مع كل منطقة جديدة سعرية يكسرها النفط تزداد حدة التوتر والقلق في منطقتنا الخليجية. ارتبكت العديد من القطاعات الاقتصادية ولا زالت تترقب بحذر منذ أكثر من عام، حيث الأسعار في رحلة هبوط من نوع مختلف ابتدأت منذ نهايات عام 2014م، واستمر النزول السعري مع حالات ارتداد عديدة لأشهر ثم يعود للهبوط بعنف، الأسبوع الماضي وصلنا إلى منطقة العشرينات وأدى إلى هزة أخرى لسوق المال السعودي بصورة مباشرة، مواصلا نزيفه المستمر منذ مايو الماضي ووصول بعض الشركات لأسعار تاريخية.
في أغسطس الماضي 2015م قال بنك «يو بي أس» العالمي لإدارة الثروات بأنه يتوقع تعافي أسعار النفط في حلول العام 2016، متوقعا أن تتراوح الأسعار ما بين 67 و72 دولارا أمريكيا للبرميل مع نهاية 2015، هذا مثال من مئات الأمثلة تاريخيا التي تكشف استحالة التنبؤ بأسعار النفط على مدى بعيد، ونسمع هذه الفترة توقعات تتحدث عن مناطق سعرية أقل منها، وتوقع «رويال بنك أوف سكوتلاند» الاستثماري الهولندي أن يصل سعر البرميل إلى 16 دولارا، وهذه الأجواء مشابهة لأجواء 1998م عندما لامست أسعار النفط هذه المنطقة، وبالغت التنبؤات باستمرار الهبوط، حتى فاجأهم برحلة صعود مستمر لأكثر من عقد حتى تجاوز الـ100 دولار وهي مناطق سعرية من اللامفكر فيها حينها وخارج حدود الخيال الاقتصادي في ذلك الوقت!
في رد على سؤال لبي بي سي حول مستقبل أسعار النفط وما ستؤول إليه، يقول رئيس شركة شل «إن الجواب الصادق على ذلك هو أنني لا أعرف «ويرى» أنه مجال عمل متقلب جدا جدا فيما يتعلق بالعرض والطلب، وأسعار النفط تستجيب للفارق الصغير جدا بين العرض والطلب أمام حالات الغموض المستمرة مع رحلة النفط السعرية والمفاجآت التاريخية هبوطا أو صعودا، لا يزال بعض المحللين لدينا يمارسون الخطاب التضليلي حول مستقبل سعر النفط بالتخويف أو الطمأنة، وعدم الاعتراف صراحة باستحالة التوقع حتى من مصادر دولية ذات خبرة طويلة في هذا الشأن. ولهذا تبدو التوقعات حوله شبيهة بتوقعات كثير من السلع وأسواق المال على المدى القصير وليس المتوسط والطويل.
بالنسبة للمضاربين وأصحاب الأموال في أسواق المال لديهم القدرة على التكيف مع هذه التقلبات ارتفاعا وانخفاضا لتحقيق أرباح من خلال البيع والشراء اليومي والشهري، لكن بالنسبة للدول المدمنة على النفط فإن هذا التغير الحاد بأسعار النفط يسبب له ارتباكا في العديد من المشاريع وتغير الأولويات.
بالرغم من هذا الانخفاض المستمر لأكثر من عام فإن ما هو مؤثر فعلا في هذه الانخفاضات هو المعدل الزمني له، ليتضح أثره على كثير من المجالات الاقتصادية، ولهذا
لا نزال حتى الآن في وقت مبكر جدا للحكم على أسعار النفط هل هو نزول سيستمر لعدة سنوات أم لا. ومع وضوح طبيعة السوق اليوم من حيث التعقيد وتضارب مصالح المنتجين ودخول لاعبين جدد فلا يزال البعض يتحدث بلغة المؤامرات وأمريكا على طريقة السبعينات والثمانينات، فالواقع أن النفط اليوم بالرغم من تأثير السياسة إلا أن حركة الاقتصاد العالمي وخاصة بعض الدول في النمو والانخفاض هو الذي يؤثر على هذه الأسعار.
حصة أوبك اليوم في السوق العالمي حوالي 30 بالمئة، بينما كان في سبعينات القرن الماضي قرابة 50 بالمئة، وكان أحد الأسباب من عشرات الأسباب الأخرى هو دخول النفط الصخري الأمريكي للسوق بما يقرب من 4 ملايين برميل يوميا وأيضا تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا خلال الأعوام الماضية إلى انخفاض معدلات استهلاك النفط. قرار أوبك عدم عزمها لخفض حصتها من الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا، بل وأيضا عن عدم نيتها القيام بذلك حتى لو انخفض سعر النفط إلى 20 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد، هو قرار على غير المتوقع والمعتاد عندما كانت المنظمة تقوم بخفض كميات الإنتاج، فالسوق البترولية تغيرت مقارنة بالماضي، وهذا القرار اليوم هو الأفضل لآلية الاستقرار والتصحيح الذاتي لسعر البرميل.
مع التقلبات السعرية يحدث قلق عام حتى على المستوى الشعبي لارتباط ذلك في تفاصيل معيشية وتجارية يومية، وقد تغيرت علاقة الناس بالاقتصاد اليوم مع تقنية الاتصال وأصبحت أكثر تعقيدا، وبدت التطورات اليومية للأسعار مؤثر على قرارات استثمارية للأفراد. لدى المملكة تجربة طويلة ما بين 1983 إلى 2003م لحوالي عقدين لأسعار نفط في مناطق سعرية ما بين ضعيفة إلى معتدلة، وأيضا تجربة لطفرتين وكانت السنوات العشر الأخيرة غير مسبوقة، ولا زلنا لم نخرج منها بعد ما لم يطل هذا الانخفاض لعدة سنوات أخرى. لقد أصبح المواطن العادي يتنبأ بالطريقة الرسمية في التفاعل مع الانخفاض والارتفاع بصورة تقليدية، ويبدو أن أربعة عقود كافية لبلورة تكيف اقتصادي مع مختلف الاحتمالات بطرق أكثر منهجية وعصرية، فالترشيد الاقتصادي السليم ليس مجرد تخفيض رقمي لعدة مشاريع وإنما قدرتنا على التمييز بين ما هو مهم وما هو أهم للمجتمع وللدولة خلال مدى زمني طويل.
في أغسطس الماضي 2015م قال بنك «يو بي أس» العالمي لإدارة الثروات بأنه يتوقع تعافي أسعار النفط في حلول العام 2016، متوقعا أن تتراوح الأسعار ما بين 67 و72 دولارا أمريكيا للبرميل مع نهاية 2015، هذا مثال من مئات الأمثلة تاريخيا التي تكشف استحالة التنبؤ بأسعار النفط على مدى بعيد، ونسمع هذه الفترة توقعات تتحدث عن مناطق سعرية أقل منها، وتوقع «رويال بنك أوف سكوتلاند» الاستثماري الهولندي أن يصل سعر البرميل إلى 16 دولارا، وهذه الأجواء مشابهة لأجواء 1998م عندما لامست أسعار النفط هذه المنطقة، وبالغت التنبؤات باستمرار الهبوط، حتى فاجأهم برحلة صعود مستمر لأكثر من عقد حتى تجاوز الـ100 دولار وهي مناطق سعرية من اللامفكر فيها حينها وخارج حدود الخيال الاقتصادي في ذلك الوقت!
في رد على سؤال لبي بي سي حول مستقبل أسعار النفط وما ستؤول إليه، يقول رئيس شركة شل «إن الجواب الصادق على ذلك هو أنني لا أعرف «ويرى» أنه مجال عمل متقلب جدا جدا فيما يتعلق بالعرض والطلب، وأسعار النفط تستجيب للفارق الصغير جدا بين العرض والطلب أمام حالات الغموض المستمرة مع رحلة النفط السعرية والمفاجآت التاريخية هبوطا أو صعودا، لا يزال بعض المحللين لدينا يمارسون الخطاب التضليلي حول مستقبل سعر النفط بالتخويف أو الطمأنة، وعدم الاعتراف صراحة باستحالة التوقع حتى من مصادر دولية ذات خبرة طويلة في هذا الشأن. ولهذا تبدو التوقعات حوله شبيهة بتوقعات كثير من السلع وأسواق المال على المدى القصير وليس المتوسط والطويل.
بالنسبة للمضاربين وأصحاب الأموال في أسواق المال لديهم القدرة على التكيف مع هذه التقلبات ارتفاعا وانخفاضا لتحقيق أرباح من خلال البيع والشراء اليومي والشهري، لكن بالنسبة للدول المدمنة على النفط فإن هذا التغير الحاد بأسعار النفط يسبب له ارتباكا في العديد من المشاريع وتغير الأولويات.
بالرغم من هذا الانخفاض المستمر لأكثر من عام فإن ما هو مؤثر فعلا في هذه الانخفاضات هو المعدل الزمني له، ليتضح أثره على كثير من المجالات الاقتصادية، ولهذا
لا نزال حتى الآن في وقت مبكر جدا للحكم على أسعار النفط هل هو نزول سيستمر لعدة سنوات أم لا. ومع وضوح طبيعة السوق اليوم من حيث التعقيد وتضارب مصالح المنتجين ودخول لاعبين جدد فلا يزال البعض يتحدث بلغة المؤامرات وأمريكا على طريقة السبعينات والثمانينات، فالواقع أن النفط اليوم بالرغم من تأثير السياسة إلا أن حركة الاقتصاد العالمي وخاصة بعض الدول في النمو والانخفاض هو الذي يؤثر على هذه الأسعار.
حصة أوبك اليوم في السوق العالمي حوالي 30 بالمئة، بينما كان في سبعينات القرن الماضي قرابة 50 بالمئة، وكان أحد الأسباب من عشرات الأسباب الأخرى هو دخول النفط الصخري الأمريكي للسوق بما يقرب من 4 ملايين برميل يوميا وأيضا تراجع مؤشرات النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا خلال الأعوام الماضية إلى انخفاض معدلات استهلاك النفط. قرار أوبك عدم عزمها لخفض حصتها من الإنتاج البالغ 30 مليون برميل يوميا، بل وأيضا عن عدم نيتها القيام بذلك حتى لو انخفض سعر النفط إلى 20 دولارا أمريكيا للبرميل الواحد، هو قرار على غير المتوقع والمعتاد عندما كانت المنظمة تقوم بخفض كميات الإنتاج، فالسوق البترولية تغيرت مقارنة بالماضي، وهذا القرار اليوم هو الأفضل لآلية الاستقرار والتصحيح الذاتي لسعر البرميل.
مع التقلبات السعرية يحدث قلق عام حتى على المستوى الشعبي لارتباط ذلك في تفاصيل معيشية وتجارية يومية، وقد تغيرت علاقة الناس بالاقتصاد اليوم مع تقنية الاتصال وأصبحت أكثر تعقيدا، وبدت التطورات اليومية للأسعار مؤثر على قرارات استثمارية للأفراد. لدى المملكة تجربة طويلة ما بين 1983 إلى 2003م لحوالي عقدين لأسعار نفط في مناطق سعرية ما بين ضعيفة إلى معتدلة، وأيضا تجربة لطفرتين وكانت السنوات العشر الأخيرة غير مسبوقة، ولا زلنا لم نخرج منها بعد ما لم يطل هذا الانخفاض لعدة سنوات أخرى. لقد أصبح المواطن العادي يتنبأ بالطريقة الرسمية في التفاعل مع الانخفاض والارتفاع بصورة تقليدية، ويبدو أن أربعة عقود كافية لبلورة تكيف اقتصادي مع مختلف الاحتمالات بطرق أكثر منهجية وعصرية، فالترشيد الاقتصادي السليم ليس مجرد تخفيض رقمي لعدة مشاريع وإنما قدرتنا على التمييز بين ما هو مهم وما هو أهم للمجتمع وللدولة خلال مدى زمني طويل.