أشار كثير من الكتابات التاريخية والفقهية والاقتصادية إلى أهمية الأوقاف باعتبارها أحد مصادر الدخل للدولة الإسلامية في مراحل مختلفة من مراحل التاريخ الإسلامي، وركزت كثير من الدراسات على الأوقاف العقارية التي خصصها الملوك والأمراء والأعيان في بقاع مختلفة من العالم الإسلامي، للصرف على الحرم الشريف وعمارته وترميمه، وكسوة الكعبة، والوظائف وغير ذلك.
إلا أن هناك جانبا مهما غفل عنه كثير ممن كتب عن الأوقاف والواقفين على الحرم المكي وأهله، وهو أوقاف المكيين الكثيرة والمتنوعة على الأعمال الخيرية وأهل الوظائف، والأسبلة والمواضئ، وإطعام الحجاج، وبناء الأربطة، والمقابر، وشراء الأكفان، وتجهيز وغسل الأموات، وقراءة القرآن في الحرم، وغيرها الكثير من الأمور التي أشارت إليها بعض كتابات المؤرخين المكيين، أو قيدت ضمن وثائق الأوقاف، أو حفظت في الذاكرة.
بل إن معظم الأوقاف الأهلية أو الذرية كان يخصص جزء منها لبعض الأعمال الخيرية، إضافة إلى ما يخص ذرية الواقف، ونلحظ أن الأوقاف الأهلية استمرت وعاشت ونمت أكثر بكثير من الأوقاف السلطانية التي كانت تتضاءل وتنتهي، أما الأوقاف الأهلية فما زال الكثير منها قائما حتى اليوم، وإن كان لا ينكر أن جزءا منها فقد أو ضاع.
وقبل الحديث عن أوقاف المكيين لا بد من الإشارة إلى أن الأوقاف المكية تعطي دلالة واضحة على الرخاء الاقتصادي الذي كانت تعيشه مكة في أطوارها التاريخية المختلفة، وأن الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة التي مرت بها كانت نتيجة انقطاع المواد الغذائية بسبب بعض الحروب أو الكوارث أو الجفاف، وليس نتيجة الفقر أو الضعف الاقتصادي كما ألمح إلى ذلك الكثير من الباحثين المعاصرين، ففي أحيان كثيرة كانت السيولة المادية متوفرة إلا أن المواد الغذائية شحيحة في الأسواق.
وكما سبق القول فإن أوقاف المكيين تنوعت بحسب حاجات المجتمع، ورؤية الواقف، وإن كان أكثر ما يحرص عليه المكيون في إدراجه ضمن أوقافهم هو سقيا الماء وقراءة القرآن الكريم، ومصالح الحرم، وفقراء السادة، وعين زبيدة.
وذكر محمد الفاسي الكثير من الأسبلة التي أنشأها المكيون في كتابه شفاء الغرام ومن ذلك سبيل عطية بن ظهيرة، وسبيل أم الحسين الطبرية، وسبيل الشريف حسن بن عجلان، وسبيل المعلم عبدالرحمن المكي، وسبيل زينب الطبرية، وسبيل ابنة القاضي عبدالرحمن بن عقبة، وغيرها الكثير.
ومن الأوقاف التي عرفت في مكة المكرمة الوقف الذي ذكره الأستاذ محمد عمر رفيع في كتابه مكة في القرن الـ14، وسماه وقف الحلي، وهو وقف كان يخصص ريعه لشراء أنواع مختلفة من الحلي الذهبية التي تتزين بها العروس ليلة زفافها، يعيرها ناظر الوقف لمن يحتاجها، ثم تعاد إلى الوقف، وذلك تيسيرا على من لا يستطيع الشراء. كما أشار إلى وجود وقف خصص ريعه لموظف يطرد الكلاب من المسعى الشريف، وإلى أن بعض الأثرياء أحضروا قدورا كبيرة وصحونا وما إلى ذلك من الهند، وجعلوها وقفا يستعيرها من أراد أن يقيم زواجا أو وليمة.
أما الشيخ مصطفى شبانة فقد وضع ضمن شروط وقفه سنة 1303هـ أن يخصص جزء من غلة الوقف لتسبيل عشر قرب من المياه يوميا في الحج خلال الأشهر شوال وذي القعدة وذي الحجة، كما يخصص جزء منها لإيقاد مصباح يسرج في كل ليلة طوال العام من بعد صلاة المغرب إلى بعد الفراغ من صلاة العشاء بالمسجد الكائن بسوق الليل.
ويصعب حصر مثل هذه الأوقاف لكثرتها، وضياع بعضها، وعدم الحاجة إلى بعضها الآخر مما أصبح لا يتلاءم مع متطلبات العصر الذي نعيشه، إنما الشاهد فيما ذكرت هو كثرة هذه الأوقاف وتنوعها.
[email protected]
إلا أن هناك جانبا مهما غفل عنه كثير ممن كتب عن الأوقاف والواقفين على الحرم المكي وأهله، وهو أوقاف المكيين الكثيرة والمتنوعة على الأعمال الخيرية وأهل الوظائف، والأسبلة والمواضئ، وإطعام الحجاج، وبناء الأربطة، والمقابر، وشراء الأكفان، وتجهيز وغسل الأموات، وقراءة القرآن في الحرم، وغيرها الكثير من الأمور التي أشارت إليها بعض كتابات المؤرخين المكيين، أو قيدت ضمن وثائق الأوقاف، أو حفظت في الذاكرة.
بل إن معظم الأوقاف الأهلية أو الذرية كان يخصص جزء منها لبعض الأعمال الخيرية، إضافة إلى ما يخص ذرية الواقف، ونلحظ أن الأوقاف الأهلية استمرت وعاشت ونمت أكثر بكثير من الأوقاف السلطانية التي كانت تتضاءل وتنتهي، أما الأوقاف الأهلية فما زال الكثير منها قائما حتى اليوم، وإن كان لا ينكر أن جزءا منها فقد أو ضاع.
وقبل الحديث عن أوقاف المكيين لا بد من الإشارة إلى أن الأوقاف المكية تعطي دلالة واضحة على الرخاء الاقتصادي الذي كانت تعيشه مكة في أطوارها التاريخية المختلفة، وأن الأزمات الاقتصادية وغلاء المعيشة التي مرت بها كانت نتيجة انقطاع المواد الغذائية بسبب بعض الحروب أو الكوارث أو الجفاف، وليس نتيجة الفقر أو الضعف الاقتصادي كما ألمح إلى ذلك الكثير من الباحثين المعاصرين، ففي أحيان كثيرة كانت السيولة المادية متوفرة إلا أن المواد الغذائية شحيحة في الأسواق.
وكما سبق القول فإن أوقاف المكيين تنوعت بحسب حاجات المجتمع، ورؤية الواقف، وإن كان أكثر ما يحرص عليه المكيون في إدراجه ضمن أوقافهم هو سقيا الماء وقراءة القرآن الكريم، ومصالح الحرم، وفقراء السادة، وعين زبيدة.
وذكر محمد الفاسي الكثير من الأسبلة التي أنشأها المكيون في كتابه شفاء الغرام ومن ذلك سبيل عطية بن ظهيرة، وسبيل أم الحسين الطبرية، وسبيل الشريف حسن بن عجلان، وسبيل المعلم عبدالرحمن المكي، وسبيل زينب الطبرية، وسبيل ابنة القاضي عبدالرحمن بن عقبة، وغيرها الكثير.
ومن الأوقاف التي عرفت في مكة المكرمة الوقف الذي ذكره الأستاذ محمد عمر رفيع في كتابه مكة في القرن الـ14، وسماه وقف الحلي، وهو وقف كان يخصص ريعه لشراء أنواع مختلفة من الحلي الذهبية التي تتزين بها العروس ليلة زفافها، يعيرها ناظر الوقف لمن يحتاجها، ثم تعاد إلى الوقف، وذلك تيسيرا على من لا يستطيع الشراء. كما أشار إلى وجود وقف خصص ريعه لموظف يطرد الكلاب من المسعى الشريف، وإلى أن بعض الأثرياء أحضروا قدورا كبيرة وصحونا وما إلى ذلك من الهند، وجعلوها وقفا يستعيرها من أراد أن يقيم زواجا أو وليمة.
أما الشيخ مصطفى شبانة فقد وضع ضمن شروط وقفه سنة 1303هـ أن يخصص جزء من غلة الوقف لتسبيل عشر قرب من المياه يوميا في الحج خلال الأشهر شوال وذي القعدة وذي الحجة، كما يخصص جزء منها لإيقاد مصباح يسرج في كل ليلة طوال العام من بعد صلاة المغرب إلى بعد الفراغ من صلاة العشاء بالمسجد الكائن بسوق الليل.
ويصعب حصر مثل هذه الأوقاف لكثرتها، وضياع بعضها، وعدم الحاجة إلى بعضها الآخر مما أصبح لا يتلاءم مع متطلبات العصر الذي نعيشه، إنما الشاهد فيما ذكرت هو كثرة هذه الأوقاف وتنوعها.
[email protected]