جائزة الملك فيصل.. الاحتفاء بالإبداع فقط

الجمعة - 22 يناير 2016

Fri - 22 Jan 2016

مع كثرة الجوائز العالمية وتعددها، وتنوع مجالاتها وفروعها واختصاصاتها، وتأرجح مستوياتها، ولا سيما الجوائز العربية منها، وكثرة المؤسسات التي تعمل على تكوين هذه الجوائز ومنحها، ظلت جائزة الملك فيصل العالمية علامة فارقة، ورقما صعبا، وأيقونة تعبر عن تكريم نموذج فريد من المبدعين الاستثنائيين الذين يستحقون الاحتفاء والتكريم.

رؤية الجائزة ورسالتها وأهدافها كانت واضحة وعالية المستوى منذ الانطلاقة؛ ولذا كُتب لها قدر كبير من النجاح والتميز والتفرد، وقيمة هذه الجائزة المادية ليست أبدًا المحدد لنجاحها، ولكن القيمة الحقيقية والفعلية كانت في دلالتها ورمزيتها، وهي دلالة ورمزية كبيرة جدا تجسد مكانة ذات قيمة، وثقة النخبة بها والمميزين من العلماء والباحثين، والناظر إلى الجائزة عبر تاريخها الطويل يجد أنها كانت من نصيب نخبة مميزة من الأسماء ذات الأهمية التي أعطت للإنسانية وقدمت لها خدمة ذات تأثير واضح وملموس.

إعلان أسماء الفائزين بالجائزة للعام الحالي 1437/‏2016 جاء ليضيف إلى سجل الجائزة الذهبي مجموعة من الأسماء ذوات الأهمية في مجالاتها المختلفة سأكتفي بالإشارة إلى اثنين منهم بالنظر إلى الإلمام بشيء من جهودهما بحكم التخصص.

حيث فاز بالجائزة في اللغة العربية والأدب الأستاذ الدكتور محمد عبدالمطلب والأستاذ الدكتور محمد مفتاح، وكان الفوز نظير الجهود التي بذلت في تحليل النص الشعري العربي وهما كما يعلم المتخصصون في الأدب والنقد واللغة العربية اسمان علميان مميزان، ويتسمان بمنهجية علمية رصينة في النقد الأدبي، ولهما إضافات معرفية مميزة في حقل التخصص.

لم يحدث أن أخطأت جائزة الملك فيصل المسار يومًا ما، بالنظر إلى قوة التحكيم والدقة والموضوعية التي اتسمت بها الجائزة، ولذا حظي بها من يستحقها وتستحقه من الرجال الذين قدموا للإنسانية ما يستحق أن يكافؤوا عليه ويُحتفى بهم من أجله، والدليل على ذلك أن الجائزة فاز بها أسماء فازت بجوائز عالمية عالية المستوى كجائزة نوبل، حيث فاز بجائزة الملك فيصل 17 ممن فازوا بهذه الجائزة، وثمانية من الفائزين بجائزة ألبرت لاسكر للأبحاث الطبية الأساسية، واثنان فازا بجائزة كيوتو، وخمسة فازوا بميداليات ملكية بريطانية، وثمانية من الفائزين بالميدالية الوطنية الأمريكية للعلوم، واثنان من الفائزين بميدالية فيلدز في الرياضيات.

وعلى مدى ثمانية وثلاثين عاما ظلت الجائزة بفروعها الخمسة (خدمة الإسلام، والدراسات الإسلامية، واللغة العربية والأدب، والطب، والعلوم) بهذا المستوى وكسبت الثقة وصار يُنظر إليها على أنها حدث سنوي استثنائي ومهم وأن الفوز بها يُعد شرفا عظيما وإنجازا مهما.

حقا، جائزة الملك فيصل من المشاريع العلمية والثقافية العالمية التي تستحق أن يفخر بها كل سعودي وكل عربي وكل مسلم، وهي نموذج للعمل المؤسسي المنظم الذي لا يعرف معنى المجاملة ولا يقدم الاسم على حساب الجهد والعمل، ولذا لا غرابة أن تُحجب هذه الجائزة في بعض فروعها لعدة سنوات لأنها لا تحتفي إلا بالإبداع.