عالم رياضة الدرفت المتهم بالتفحيط

الجمعة - 22 يناير 2016

Fri - 22 Jan 2016

تلقيت دعوة كريمة من مجموعة من أبطال الدرفت السعودي، لزيارة منطقة عملهم واستعراضاتهم في حلبة (ديراب)، جنوب مدينة الرياض، وذلك للتعرف على عالم الدرفت الخافي على الأغلبية منا، والذي يُعنى بعالم السيارات الرياضية في تحديات مع السرعة والمنعطفات والتحكم بالمركبة في عالم متقن من السلامة والمعرفة.

أعترف لكم بأني كنت قبل هذه الزيارة ككثيرين غيري أتهم هذه الرياضة الفنية، بأنها مجرد تفحيط!.

ولكني وبعد قضاء ساعات ممتعة في ذلك العالم المنظم، وبعد المرور بالمحاضرات التعليمية، والتي تعنى أولا وأخيرا بسلامة قائد السيارة ومن يتفرجون على الحدث، وبمدى معرفته بمميزات مركبته، وقدرتها على القيام بتلك الرياضة، ونوعية وجودة ومتانة إطاراتها، وأن تتجاوز الكشف الميكانيكي، وأن تحتوي على مختلف وسائل السلامة من خوذة وبدلة واقية من الحريق، وأحزمة تثبيت، ودعامات حماية من الحوادث.

وتكون الفعاليات على شوارع مخصصة ومحاطة بحوائط واقية، وتكون أرضياتها مبطنة بطبقات مطاطية تحد من انزلاق المركبات وارتطامها، وكيفية التعامل مع الظروف الطارئة في المضمار؛ وبعد أن جربت بنفسي تلك المتعة غيرت رأيي القديم، بل إني مسحته بالكامل.

لقد وجدت ميادين مجهزة على أعلى مستوى، ووجدت مدرجات للمشجعين، وكثيرا من الفعاليات المصاحبة، والكافتيريات، والتجهيزات، التي تستحق عناء الذهاب إليهم ومشاركتهم أنشطتهم الشبابية.

كل جديد لا بد أن يبدأ غريبا في عوالم الشرق، وربما يظل سنين طويلة بين معوقات فكرية واجتماعية، وحكومية وثقافية، وهذا فعلا ما تعانيه هذه الرياضة بيننا في الوقت الحالي، من إنكار مجتمعي لها، ومن إنكار حكومي بحيث تستمر منزوية مهملة، ومعتمدة على التجارب الشخصية، والإمكانيات الشبابية، وعلى مشاركات دعم خجلى من بعض الشركات، وكل ذلك يرجع إلى قلة الاهتمام بتلك الرياضة من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، حيث تم ضمها صوريا تحت مسمى الاتحاد العربي السعودي للسيارات والدراجات النارية، والذي تم تكوينه سنة 2007م، وللأسف فإن هذا الاتحاد يظل مسمى بدون فاعلية ولا دعم ولا موازنة حتى اليوم.

كثير من الشباب يتحمسون، ويحضرون سياراتهم الخاصة، ويدخلون الأكاديمية التجريبية لأخذ الأسس والتعليمات الهامة واللازمة لمزاولة هذه الرياضة، والكثير منهم يعمل ذلك كنوع من التجريب، والقلة منهم من يستمرون في هذه الرياضة، نظرا للصعوبات التي تواجههم، وأولها النظرة الاجتماعية للرياضة، باعتقاد خاطئ بأنها نفس ما يحدث في شوارعنا، من عمليات التفحيط، ومما يتبعها من عوالم تدعو للفساد والرذيلة، ونهاية بالتكلفة المالية على هواتها.

وكم دهشت عندما علمت بأن أعدادا من ضباط وأفراد قوات الأمن يلتحقون بمثل هذه الدورات، وذلك للتعرف على قدرات مركباتهم، ومعرفة كيفية اللحاق بمن يخالف القانون، وبطرق علمية آمنة، تضمن أسس السلامة للطرفين.

وكم نتأمل لهذه الرياضة أن تعامل من الرئاسة العامة لرعاية الشباب بنفس قدر تعلق الشباب بها، وبقدر تميز الشباب السعودي فيها، حيث إن أبطالنا يحصدون جوائز تلك الرياضة عربيا وعالميا، وقد يكون ذلك بديلا عن كون رياضتنا الوحيدة كرة القدم، هي ما يطغى على تمثيلنا داخليا وخارجيا، مع إهمال لكل ما سواها من رياضات.